*:*الأخبارأخبار الأوقاف2مقالات

خاطرة على عتبات الشهر الكريم أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

خاطرة
على عتبات الشهر الكريم
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

أيام قلائل ويهل علينا هلال الشهر الكريم ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ” ، وكان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يسألون الله (عز وجل) أن يبلغهم رمضان ، وكان يحيى بن أبي كثير يقول : اللَّهمَّ سلِّمْني لرمضانَ، وسَلِّمْ رمَضانَ لي، وتَسلَّمْه منِّي مُتقبَّلًا .
وإذا كان أهل الدنيا يستعدون كل الاستعداد لأمور دنياهم ، وحق لهم، وهو أمر محمود لمن يعمل ويخطط لإنجاح ما هو مقبل عليه من عمل ، وإذا كان من يريد أن يعقد ندوة أو مؤتمرًا أعد له وهيأ لأسابيع أو لشهور عدة ، فإن شهرًا كريمًا بما فيه ليلة هي خير من ألف شهر لجدير أن نعـد أنفسنا وأن نهيئها لاستقباله مبكرًا.
هو شهر الصوم ، فلتكن التهيئة بالحرص على النوافل ، وهو شهر القيام ، فلتكن التهيئة بالحرص على قيام الليل، وقبله الحرص على أداء الفرائض ، ولا سيما صلاة الفجر وأداؤها في جماعة ، وإذا كان رمضان شهر القرآن ، فلنبدأ رحلتنا مع القرآن مبكرًا ، فهمًا ودراسةً وتفقهًا ، وإذا كان رمضان شهر البر والإحسان والجود والكرم ، فلنبدأ من الآن في إعداد أنفسنا لإخراج زكاة أموالنا في رمضان رجاء التعرض لنفحات الله (عز وجل) فيه بمضاعفة الحسنات ، ولنكثر من الصدقات ، ليس في رمضان فحسب ، وإنما قبيل رمضان ، لإحداث التكافل الإنساني والتوازن المجتمعي بإدخال السعادة والبهجة والسرور على الأسر الفقيرة والأكثر فقرًا ، بحيث لا يكون بيننا في هذا الشهر الكريم جائع ولا محروم ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْر فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْر لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ”، فقَالَ أَبو سَعِيد الْخُدْرِيّ (رضي الله عنه):” فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ ما ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ”.
وإذا كان الإسلام قد جعل جزاء من يطعمون الطعام ثوابهم عظيما، فقال سبحانه :” وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا “، وقال سبحانه :” فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ” ، فإن هذا الجزاء والثواب العظيم يضاعف أضعافًا مضاعفة في شهر الخير والجود والكرم شهر رمضان ، ثم إن علينا أن نوسع على أصحاب الحاجات مع حلول هذا الشهر وقرب مدخله ، حتى ندخل البهجة والسعادة والسرور عليهم مع دخول وحلول الشهر الكريم .
فقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، فليكن لنا فيه (صلى الله عليه وسلم) الأسوة الحسنة ، كما حدثنا رب العزة (عز وجل) عن ذلك فقال في كتابه العزيز : ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ” .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى