أرسل المجتمعون بمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية رسالة شكر وتقدير لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية (حفظه الله) ، يعلنون فيها تأييدهم لدعوته إلى تشكيل قوة عربية موحدة ، و إلى تجديد الخطاب الديني تجديدًا في الفهم، والوعي بمستجدات العصر ومتغيراته ، في ضوء الحفاظ على ثوابتنا الشرعية مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، وقد جاء فيها :
بمناسبة ختام أعمال المؤتمر الدولي العام الرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية ، والذي توالت جلساته على مدار يومين متتابعين ، وناقشت أكثر من خمسة وثلاثين بحثا ودراسة علمية ، تحت عنوان: ( عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه : طريق التصحيح ) ، يتشرف الأعضاء المشاركون في المؤتمر من نحو أربعين دولة ومنظمة إسلامية ودولية ، بأن يعربوا عن عميق شكرهم وعظيم تقديرهم لسيادتكم ولمصر بقيادتكم الحكيمة ، على كل ما تقدمونه من عطاء غير محدود لدينكم ووطنكم وأمتنا العربية والإسلامية ، كما يقدرون كل التقدير تفضلكم بوضع المؤتمر تحت رعايتكم الكريمة ، تعبيرًا عن اهتمامكم الشخصي واهتمام مصر كلها بقضايا أمتها الإسلامية ، وتصويب الأفكار الخاطئة ، وتجديد الخطاب الديني .
ولا شك أن انعقاد المؤتمر في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية ، والاختيار الموفق لموضوع ومحاور المؤتمر ، وما عرض فيه من بحوث وما دار فيه من مناقشات ثرية ، يفتح باب الأمل أمام الأمة في تجاوز محنتها ، والانطلاق إلى ما نرجوه لها جميعاً من تقدم وازدهار يتفق مع تاريخها المجيد في العطاء الحضاري.
كما أن انعقاد المؤتمر في وسط القاهرة على ضفاف النيل ، وتحت رعاية سيادتكم وبالصورة التي تم بها قد أرسل رسالة واضحة للعالم كله ، بأن مصر قد استعادت أمنها وعافيتها ، وأن الشعب المصري كله بمسلميه ومسيحييه ملتف بقوة حول قيادتكم الحكيمة.
وفي نهاية هذا المؤتمر وبإصدار توصياته نستطيع أن نقول : يا سيادة الرئيس ، لقد ناديت حيا وأسمعت مجيبا ، وإن دعوتك إلى تجديد حقيقي للخطاب الديني لم ولن تذهب سدى .
وفي هذا ما يؤكد أن دعوة الرئيس إلى ثورة حقيقية في الخطاب الديني قد لاقت استجابة كبيرة ليس على المستوى الوطني فحسب ، وإنما على المستوى العربي والإسلامي والعالمي ، وما لمسناه في لقاءاتنا المتعددة برؤساء الوفود ، وأعضائها على السواء .
و قد تضمنت توصيات المؤتمر رسائل أخرى منها :
1- التأكيد على أن الثورة الدينية تتطلب معها ثورة علمية ومعرفية ، وهو ما يستدعي إعادة النظر في مناهج التعليم وتطويرها ، ويأتي قرار السيد رئيس الوزراء المهندس / إبراهيم محلب ، بتشكيل لجنة لتطوير مناهج التعليم خطوة إيجابية في هذا الاتجاه ، نؤمل أن ندير من خلالها حوارًا وطنيًا واعيًا ومسئولا ، يفيد من جميع الخبرات والكفاءات الوطنية في العمل على تطوير حقيقي يتناسب ، ومستوى النهضة العلمية العالمية في شتى المجالات .
2- التأييد والدعم المطلق لدعوة السيد رئيس الجمهورية إلى تشكيل قوة عربية موحدة، مع التأكيد على ضرورة وحدة الصف العربي والإسلامي ، والعمل على اتخاذ خطوات عربية وإسلامية جادة باتجاه تكوين تكتلات سياسية، واقتصادية ، وفكرية ، وثقافية في ظل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ، بما يجعل منها مجتمعة رقما صعبًا .. يصعب تجاوزه أو الافتئات عليه في المحافل الدولية ، أو التكتلات الاقتصادية العالمية ، أو الغزو الفكري والثقافي لأبناء أمتنا العربية والإسلامية.
ويعقد المشاركون في المؤتمر وغيرهم على السيد الرئيس /عبد الفتاح السيسي ، أملا كبيرًا في ذلك ، متمنين له التوفيق في خطواته الإيجابية ، وإسهامه الواضح في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في لقاءاته الدولية ، والتعريف بقضايانا العادلة ، وأخصها حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ، على حدود ما قبل الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما يؤكدون على أهمية الحوار الحضاري ، والعمل على تأصيل ، وترسيخ فقه العيش المشترك بدلا من صدام الحضارات ، وهو ما أكده السيد الرئيس في أكثر من مناسبة من ، أن واحداً ونصف مليار مسلم يمثلون ربع سكان العالم ، لا يمكن أن يمحوا أو يقصوا غيرهم، كما لا يمكن لغيرهم أن يمحوهم أو يُقصيهم من المعادلات العالمية أو أن يجعلهم على هامشه ، مما يؤكد أنه لا غنى لنا جميعًا عن الحوار والتواصل والتفاهم، انطلاقًا من قوله تعالى :” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا” (الحجرات : 13) .
وفي النهاية نقول لسيادة الرئيس : “سر على بركة الله في خطواتك الثابتة ، للعمل على جمع شمل الأمة ، وتوحيد كلمتها ، والعمل على مواجهة الإرهاب ودحره، وتخليص المنطقة والعالم من شره ، وفي دعوتك إلى انتهاج لغة الحوار بدلا من لغة السلاح، والقتل والدم والحرق والذبح والتخريب والتدمير ، التي تنتهجها الجماعات الضالة المارقة المنسلخة من الأديان والقيم الإنسانية ، والتي تحتاج منا جميعا إلى بذل أقصى الجهد لاقتلاعها من جذورها ، قبل أن يستفحل خطرها وشرها أكثر من ذلك ، فتأكل الأخضر واليابس وساعتها لا ينفع ندم المترددين ، والمتقاعسين وممسكي العصا من المنتصف .