*:*الأخبارأخبار الأوقاف2مقالات
الوعي الاقتصادي والشأن العام
الوعي الاقتصادي والشأن العام
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف
الوعي قضية أمن قومي، فلا وطن مستقر بلا وعي رشيد ، فبناء الدول قائم على الوعي ، وهدمها يكون بتزييف الوعي ، وبث الشائعات ، وتحريف الكلم ، ولي أعناقه ، مما يجعلنا نؤكد على الآتي :
1-أن استقرار الدولة هو أولوية أولى وقصوى ، فكل ما يؤدي إلى استقرار الدولة مطلب شرعي ووطني يجب أن نعمل جميعًا عليه .
2-أن عملية بناء الوعي هي عملية شاملة تشمل الوعي السياسي ، والوعي الاقتصادي ، والوعي الديني ، وسائر مسارات الوعي .
3-ضرورة التنبه اليقظ لمحاولات أعداء الوطن دعاة الهدم من الخونة والعملاء الذين يعملون على تزييف الوعي ، وكأن الأزمة العالمية هي أزمة محلية وليست عالمية ، فيعملون على إثارة الناس من خلال التزييف والتضليل والتدليس على أنها أزمة محلية وليست عالمية .
4- الوعي الاقتصادي كما يتطلب حزمة من الإجراءات الحكومية يتطلب تصرفات فردية واعية ومنضبطة شرعيًا ووطنيًا بما يتمثل في :
أ-البعد عن أي مظاهر إسراف ، حيث ينهى ديننا عن الإسراف بكل أنواعه ، يقول الحق سبحانه: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف :31) ، ويقول سبحانه:” وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا” (الإسراء :27) ، ويقول سبحانه:” إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”، (الأنعام :141) ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):” كُلوا وتصدَّقوا، والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيَلةٍ”، (سُنن النسائي) .
ب-البعد عن كل أنواع الاستغلال والاحتكار والجشع ، والأثرة والأنانية ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):” لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئ ” (صحيح مسلم)، ويقول (صلى الله عليه وسلم):” الجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ” (سنن الدارمي)، ويقول صلى الله عليه وسلم : “مَن دخلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ – أي بمكان عظيم – منَ النَّارِ يومَ القيامةِ” (مسند أحمد ) ، حيث التكافل والتراحم بين أبناء الوطن الواحد .
5- ضرورة مراعاة الدقة التامة عند الحديث في قضايا الشأن العام : سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية أم دينية ، فالحديث في الشأن العام دون وعيٍ وإدراكٍ تامّين يمكن أن يُعرِّض أمن الوطن الفكري أو العام للخطر ، سواء أكان ذلك عن تعمد وقصد ، أم عن غفلة ، أم جهالة ، أم سبق لسان ، لمن لا يملكون أنفسهم ولا ألسنتهم ، ولا سيما أمام الكاميرات وتحت الأضواء المبهرة .
6- أن الحديث في الشأن العام يتطلب بالضرورة إدراك المتحدث لمفهوم المصلحة العامة وتقدّمها على المصلحة الخاصة ؛ بل تقدُّم المصلحة الأعم نفعًا على الأخص ، وإدراك الموازنة والترجيح بين دفع المفاسد وجلب المصالح ، وأن دفع المفسدة العامة مقدم على جلب المصلحة العامة ، وأنه قد تُحتَمل المفسدة الأخف تحقيقًا للمصلحة الأهم والأعم ؛ ونحو ذلك مما لا يدركه سوى أهل الخبرة والاختصاص في كل علم وفن ومؤسسة ممن تتوافر لهم كامل المعلومات المعينة على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب .
7- أنَّ من يتصدى للحديث في الشأن العام عالمًا كان ، أو مفتيًا ، أو سياسيًّا ، أو اقتصاديًّا ، أو إعلاميًّا ، لا بد أن يكون واسع الأفق ثقافيًّا ومعرفيًّا فيما يتعرض له أو يتحدث عنه ، وأن أي إجراء فقهي أو إفتائي أو فكري أو دعوي أو إعلامي لا بد أن يضع في اعتباره كل الملابسات المجتمعية والوطنية والإقليمية والدولية المتصلة بالأمر الذي يتحدث فيه أو عنه ، حتى لا تصدر بعض الآراء الفردية المتسرعة في الشأن العام دون دراسة أصلًا ، أو دون دراسة وافية ، بما يصادم الواقع أو يتصادم مع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ، مما يسبب ضررًا بالغًا أو غير بالغ على وطنه ودولته ، سواء أكان ذلك عن قصد وسوء طوية أم عن تسرع وقِصَر نظر.