تصريح صحفي لمعالى الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة نائب رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمملكة البحرين بمناسبة انعقاد المؤتمر العام الرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجمهورية مصر العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كان من دواعي السرور أن نشارككم في هذا المؤتمر المهم ، حاملين معنا لقيادة مصر وعلمائها وشعبها تحيات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظه الله ورعاه ، وحكومة وشعب مملكة البحرين .
ونود أن ننتهز الفرصة لتهنئة جمهورية مصر العربية بالنجاح اللافت الذي حققه هذا المؤتمر ، مشيدين بما احتوى عليه من بحوث قيمة ، وبالتوصيات التي خرج بها ، وبالمفاهيم التي اهتم بتصحيحها ، وبما رافقه من اجتماعات ولقاءات علمية وعملية وودية ، متطلعين إلى تحقيق تكاتف دولي لتنفيذ التوصيات ، شاكرين ومقدرين للقيادة المصرية وشعب مصر العظيم هذا الاحتضان والحفاوة .
وقد جاء المؤتمر في أوقات عصيبة تمر بها أمتنا الإسلامية ، إذ تعصف بها المشكلات السلوكية التي ترجع إلى اضطرابات فكرية كبيرة ، وانفصام واضح بين الأصل والتأويل ، وبين النظرية والتطبيق ، وبين التأصيل والتوظيف .
إن التطرف والانحرافات السلوكية الحادة التي نشهدها اليوم هي نتاج للاستغلال السيء للدين ، ونتاج لتراجع دور الحركة العلمية الراشدة في مقابل بروز بعض الحركات السياسية التي باتت تستنهض أبناء الأمة بشعارات دينية لتسبغ على مشاريعها صفة القداسة من أجل مصالحها وطموحاتها .
فالإسلام بسماحته ليس حكرًا على أحد ، والإسلام بعظمته ليس طريقًا لأحلام الساسة وأوهام الجهلة ..
فالإسلام هو الذي أرسى دعائم الوحدة البشرية انطلاقًا من توحيد الخالق ، وهو الذي رسم للناس منهجًا اجتماعيًا رصينًا يحقق لهم الحياة الكريمة انطلاقًا من قيمه التي حملها وكرسها .
وإننا جميعًا معنيون اليوم بمواجهة التطرف وبوادره أيًا كان شكله أو اتجاهاته ، ونحن بحاجة إلى اتحاد الجهود في مواجهة الداء الداخلى الدخيل ..وإننا نرى ضرورة تقويم الخطاب الديني ، وضرورة مراجعة المناهج الدراسية وتطويرها بما يتماشى مع التحديات والتطلعات ، ولابد من العمل على ابتكار البرامج الإعلامية الهادفة بما ينشر الوعي في المجتمعات ، كما ينبغي على علماء الأمة أن ينهضوا بأدوارهم الحيوية في الدعوة والإرشاد والتبليغ بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن تقوم المؤسسات الدينية الكبرى بواجبها الديني.
كما ينبغي على الدول الإسلامية أن توحد جهودها بحملات عالمية كبرى ذات بعدين : الأول توعوي لأبناء الأمة بقيم التسامح والأخوة والسلام ، والثاني تعريفي بحقيقة الإسلام ومبادئه . إنها عملية تكامل وتكاتف اجتماعي للنهوض بفكر أبناء الأمة وتحصينهم من الأفكار المسمومة والسلوكيات الذميمة ، فإن تحصين شبابنا ومجتمعاتنا من خطر الفكر الإرهابي والتطرف هو التحدي الأهم والأكبر ، والنجاح في هذا المسعى بطبيعة الحال في تغيير صورة الإسلام لدى الآخرين.
وإننا جميعًا على ثقة كبيرة في قدرة الأزهر على القيام بدور ريادي في هذا الصدد ، فالأزهر الشريف أحد أهم الواجهات الإسلامية في العالم ، وهو من منارات الوسطية المحترمة في العالم الإسلامي ، وإننا في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمملكة البحرين على استعداد كامل للتعاون مع الجميع لخدمة ديننا الإسلامي الحنيف ، وخدمة أمتنا الإسلامية .
كما نود أن نجدد شكرنا على الدعوة الكريمة من معالى الأخ العزيز أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية على كرم الضيافة وحسن الاستقبال ، سائلين الله تعالى أن يحقق تطلعاتنا المشتركة في أمة متحابة متعايشة وسطية تشع بالخير والنماء ، ونسأل الله أن يحمي جمهورية مصر العربية ويحمي دولنا وشعوبنا من التطرف والتمزق .