لا شك أن مصر تواجه ثلاثة تيارات جارفة من الإرهاب ما بين محلي ودولي واستعماري, فبداية من التنظيم الدولي للإخوان الذين صاروا أداة في يد القوى الاستعمارية والإمبريالية وأدوات الهيمنة الأمريكية .
ولا شك أن هذا التنظيم الإرهابي الشيطاني يستخرج كل ما في جعبته لتعطيل المسيرة , والعمل على إجهاض كل محاولات الإصلاح الاقتصادي والمجتمعي بإطلاق الشائعات تارة , واستخدام كل وسائل التخريب من قتل أو تفجير أو تدمير أو تأثير على الأسواق ومجالات العمل بكل ما أوتوا من قوة تارة أخرى , متوهمين أن ذلك قد يؤدي إلى العودة بهم إلى السلطة من جديد, متناسين أو متجاهلين أن رفضهم صار رفضًا شعبيًا غير قابل لإعادة اجترار المرارة التي سقوها للناس باستعلائهم واستكبارهم وصلفهم وإقصائهم مرة أخرى , وأبعد من ذلك هؤلاء المتطرفون الإخوانيون الإرهابيون الذين صاروا داعمين لداعش فيما تقوم به من قتل وحرق وذبح وتنكيل بالبشر , بل تشجيع لها على هذه الأفعال الآثمة والمجرمة , وهؤلاء يجب أن نقف لهم بالمرصاد , وأن نعمل على كشف عمالتهم وخيانتهم ومصادر تمويلهم , فلا مجال للمواقف الضبابية أو الرمادية أو المترددة أو المتوجسة أو إمساك العصا من المنتصف ؛ لأن ذلك ليس في مصلحة الوطن في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ أمتنا التي تتهددها المخاطر من كل جهة , ولابد من إعلان واضح وصريح من كل وطني شريف عن رفض كل ألوان العنف والتخريب والتدمير والتفجير والفساد والإفساد , والله لا يحب الفساد ولا المفسدين , ولا النفاق ولا المنافقين.
التيار الثاني : هو تيار تلك الجماعات المارقة من الدين والإنسانية التي انسلخت من دينها وإنسانيتها , إلى عالم آخر لا نعرفه , إذ إنها لا تنتمي إلى عالم الأديان , فالأديان كلها تدعو إلى الرحمة والتسامح , لا إلى الحرق , ولا إلى الذبح , ولا إلى التمثيل , ولا إلى التنكيل بالبشر , كما أنه لا يمكن أن يكون هذا عالم الإنسانية , فالإنسانية السوية لا يمكن أن تقر هذه الجرائم , وتلك الفظائع التي لا يمكن أن يحتملها أي حس إنساني سليم إلا من طمست بصيرته وانسلخ من إنسانيته .
وهنا يجدر بنا أن نؤكد أن ديننا براء من كل ذلك , فقد نهى نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) عن المُثَلَة أي التمثيل بالموتى ولو بالكلب العقور , وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : “لا تغُلَّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ” , كما نهى ( صلى الله عليه وسلم ) عن التعذيب بالنار ,” فإنه لا يعذب بالنار إلا ربها ” , بل أبعد من هذا وأكثر بيانًا لأن الإسلام دين رحمة لا دين عنف ، ولا قتل ولا تنكيل حتى بالحيوان ، وهذا ما ذكره نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) : ” من أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ” , ” وأن بغيا من بغايا بني إسرائيل دخلت الجنة لأنها وجدت كلبا يلهث من العطش , فقالت لقد بلغ بهذا الكلب ما بلغ بي , فخلعت خفها فملأته ماء من البئر , فسقت الكلب , فشكر الله لها , فغفر لها , فدخلت الجنة ” , ورأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) رجلا يُتْعِبُ جَمَله , فقال : ” يا هذا , اتق الله في البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها , فإن جملك هذا قد شكا إلىّ أنك تجيعه وتُدْئِبُهً, أي تتعبه وتشق عليه ,
ولما رأى ( صلى الله عليه وسلم ) حمرة تحوم حول عشها جيئة وذهابا تبحث عن فراخها قال ( صلى الله عليه وسلم ) : من فجع هذه في فراخها , ردوا إليها فراخها ” .
أرأيت إلى هذه الرحمة بالطائر والحيوان فضلا عن الإنسان , فأين نحن من هذه الرحمة , وأين نحن من هذه الإنسانية , وأين نحن من هذا الرقي , إننا لفي حاجة ماسة إلى فهم ديننا فهمًا صحيحًا , ثم تطبيقه على أرض الواقع ينم عن حسن فهمنا له , وإيماننا , وحرصنا على تطبيقه .
على أن هذه الجماعات قد استفحل خطرها وتمادت في غيها وعدوانها وتحديها لإرادة الأمة والعمل المتواصل على كسر شوكتها , واستئصال شأفتها , واستباحة بيضتها , وهتك عرضها , وتفتيت دولها , وتمزيق كيانها وأوصالها , طمعًا في الاستيلاء على خيراتها ومقدراتها من جهة , وعملا لصالح العدو الصهيوني المتربص بها من جهة أخرى ليبقى وحده القوة الأبرز التي تسيطر على كل دول المنطقة وتخضعها لنفوذها .
وهذا يتطلب منا جميعًا أعلى درجات الوعي بتلك المخاطر , وسرعة التحرك والعمل على تشكيل قوة ردع عربية مشتركة ؛ لأن جميع دولنا العربية مستهدفة , ولا أحد منا بمنأى أو منجاة من هذا الخطر الداهم , ولن ينجو أحد منا وحده مهما نأى بنفسه عن المواجهة .
أما التيار الثالث : فهو تيار الهيمنة الاستعمارية , وبالأحرى الهيمنة الأمريكية وأدواتها وأجنحتها في المنطقة محتلة في قطر وتركيا وإسرائيل , فقد ذكرت صحيفة الأخبار في صدر صفحتها الأولى يوم الأربعاء 18 / 2 / 2015م ثلاث دول أطلقت عليها قوى الشر التي تعمل ضد مصر وتحاول إضعافها أو إسقاطها , فذكرت ثلاث دول هي أمريكا وقطر وتركيا , وأنا أزيد عليها دولة ومنظمة لا يمكن أن يكونا بمنأى عن المؤامرة التي تحاك ضد مصر , وهما إسرائيل وحماس .
على أنني أؤكد على ضرورة التحرك السريع والذهاب إلى المنظمة الدولية للعمل على إدراج الدول التي ترعى وتمول القنوات الإرهابية التي تدعو إلى القتل والعنف وتحرض عليهما ضمن قوائم الدول الراعية للإرهاب.
كما نؤكد مرارًا من أن الإرهاب إذا تمكن من المنطقة سينتقل كالبرق إلى العالم كله برًا وبحرًا وجوًا , ومن هنا فإننا نُحيي ما ذكره السيد رئيس الجمهورية , من أن مصر تدفع ثمن دفاعها عن نفسها وعن الإنسانية .
ولا يفوتني أن أوجه تحية جديدة إلى قواتنا المسلحة الباسلة التي تستحق منا جميعًا كل تحية وتقدير , وتثبت يومًا بعد يوم أنها على قدر المسئولية والتحديات , فيد تبني وتعمر وأخرى تحمل السلاح , كما أؤكد على تفويضنا الكامل وثقتنا الكاملة في السيد الرئيس مع تجديد البيعة والتفويض لسيادته سواء في مواجهة الإرهاب والتخريب أم في منطلق البناء والتعمير .