في اليوم الثالث للدورة التدريبية المشتركة لأئمة مصر وفلسطين
في اليوم الثالث للدورة التدريبية المشتركة لأئمة مصر وفلسطين
مفتي الجمهورية :
الشريعة جاءت لجلب مصالح الخلق ودفع المفاسد عنهم
جعلت الشريعة للظروف الطارئة دورًا في تغيير الأحكام
الجماعات المتطرفة قدمت أفهامًا منفصلة عن الأدلة الشرعية
عميد كلية الإعلام الأسبق :
مهارة الاتصال تحتاج إلى تنمية خاصة في زمن الاختزال والاختصار
الاستعداد الجيد يفتح الباب أمام الحوار ويغلق الباب أمام التطرف
************************
لليوم الثالث على التوالي استأنفت محاضرات “الدورة التدريبية المشتركة لأئمة مصر وفلسطين” المنعقدة بأكاديمية الأوقاف الدولية بمدينة السادس من أكتوبر اليوم الثلاثاء 8 /2 /2022م ، يأتي ذلك في إطار خطة وزارة الأوقاف في التدريب والتثقيف المستمر للأئمة المصريين وأئمة الدول الشقيقة ، حيث عقدت المحاضرة الأولى لفضيلة أ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية ، بعنوان: “الفتوى في زمن النوازل”.
وفيها أكد فضيلة أ.د شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية أن الشريعة إنما جاءت لجلب مصالح الخلق ودفع المفاسد عنهم في العاجل والآجل والدنيا والآخرة ، فالخطاب في النص القرآني يعم كل المخاطبين أيًّا كانت مواقعهم وأزمانهم ، ولا يمكن قصر الخطاب على فئة دون فئة أو على زمان دون زمان إلا بدليل شرعي ، فحين نسمع قول الله ( تبارك وتعالى ) مخاطبًا النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا” نرى أن العلماء فهموا أن الخطاب فيها يسري لكل ولي أمر يلي أمر المسلمين ، فهو قائم مقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في هذا ، فكل خطاب على العموم إلا ما خص في ذاته ، فيجب علينا أن نحافظ على خطابنا قائمًا على الفهم الصحيح ، لأن النصوص إذا وضعت في غير مواضعها وخرجنا بالخاص من خصوصه إلى العموم لأدي ذلك إلى الإفساد والإساءة إلى الصورة الحسنة التي جاءت بها شريعة الإسلام.
مؤكدًا أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ، ومع ذلك جعلت الشريعة للظروف الطارئة دورًا في تغيير الأحكام سواء على مستوى الدولة أو المجتمع أو الأفراد ، والأحكام التي قررت لظرف استثنائي تزول بعد تغير ظروفها ، لذلك قال العلماء : “الضرورة تقدر بقدرها” ، وقالوا : “الضرر يزال” ، وقال تعالى “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” وقال تعالى : “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” ، فالحفاظ على النفس الإنسانية مقصد هام من مقاصد الشريعة الإسلامية قال تعالى : “وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ” ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “إنَّ هذا الدينَ يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبهُ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) “فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ” ، وكانت عائشة (رضي الله عنها) تقول : “ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) بيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُما أَيْسَرُ مِنَ الآخَرِ، إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا، كانَ أَبْعَدَ النَّاسِ منه” وانطلاقا من هذا التوجيه قرر العلماء قاعدة : “المشقة تجلب التيسير” ، موضحًا أن وقائع الحياة متسارعة ومتشابكة ولا متناهية ، وأن نصوص الشريعة جاءت لتضع لكل واقعة حكمها لذلك فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) علَّم سيدنا معاذ بن جبل (رضي الله عنه) الاجتهاد لاستخراج الأحكام في ما لم يجد فيه نص في الكتاب أو السنة ، فقال (صلى الله عليه وسلم) له حين أرسلَه إلى اليمنِ : “بم تحكُمُ ؟ قال : بكتاب اللهِ ، قال : فإن لم تجِدْ ؟ قال : بسُنَّةِ رسولِ اللهِ ، قال : فإن لم تجِدْ ؟ قال : أجتهدُ رأْيي ولا آلُو قال : الحمدُ لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ اللهِ ، لما يحبُّ رسولُ اللهِ” ، ومن هنا فإن العلماء حين تعاملوا مع المخدرات في عصرنا الحاضر والتي يصنع بعضها من مواد كيميائية تشكل خطرًا على الشباب وعلى المجتمع قدموا الحكم بمنعها وتحريمها وتجريمها انطلاقا من نصوص الشريعة الحنيفة ، موضحًا أن الجماعات المتطرفة قدمت أفهامًا منفصلة عن الأدلة الشرعية ، منفصلين بذلك عن نهج علماء الأمة والذين قرروا أن : “المصلحة حيث ما وجدت فثم شرع الله”.
كما عُقدت المحاضرة الثانية للأستاذ الدكتور/ سامي عبد العزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بعنوان: “مهارات العرض والتلقي” ، وفيها أكد أ.د/ سامي عبد العزيز أن الداعية عليه أن يتقن مهارات العرض لما لهذا الفن من أثر طيب في نفوس المتلقين ، فأعظم المتحدثين ليس بالضرورة أن يكون من الموهوبين بل للتدريب أثر مهم في صناعة شخصية الداعية ، فمهارة الاتصال مهارة صعبة وهي تحتاج إلى تنمية خاصة في زمن الاختزال والاختصار ، وأن من الخطورة بمكان عدم الإعداد الجيد للحوار والاستهانة بعقليات المتلقين ، فجميع المستويات العقلية والفكرية لديها قدر كبير من الثقافة تستطيع من خلاله إدراك قدرات المتحدث ومستواه العقلي والفكري ، والاستعداد الجيد يفتح الباب أمام الحوار ويغلق الباب أمام التطرف .
موجهًا الدعاة إلى الحرص على اختيار عنوان مشوّق لموضوع اللقاء فكلما كان عنوان الموضوع مشوّقًا ، نجح في لفت انتباه الجمهور للموضوع وأثار فضوله لمعرفة المزيد محذرًا من العناوين المستهلكة والشائعة.
مضيفًا أن على الإمام الإلمام بالبعد الثقافي والاجتماعي للمجتمع ليتمكن من مخاطبتهم خطابًا نافعًا لهم تستوعبه عقولهم ويوافق قدراتهم ، حيث إن أهداف الحوار الجيد تكمن في التمكن من عرض الأفكار من قبل الطرفين ، ويقرب وجهات النظر ، ويزيل الفجوات بين المتحاورين ويبعد التباغض والتناحر فيما بينهم ، وينشر الألفة والمحبة بين البشر ، مما يسهل عملية الفهم والاختيار السليم.
مبينًا أن من مهارات العرض تحديد الضوابط والأصول قبل البدء بالحوار ، وتحديد الهدف ، ومعرفة جمهور الحضور ، وتجهيز المقدمة ، وتوضيح النقاط الأساسية ، والتزام المنطقية والانسيابية والسلاسة ، وهذا يبنى على الإعداد الجيد من أجل الوصول إلى التأثير المطلوب .