*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة السادسة والعشرين من برنامج “رؤية” على الفضائية المصرية
في الحلقة السادسة والعشرين من برنامج “رؤية”
على الفضائية المصرية
وزير الأوقاف :
الوفاء بالعهد فضيلة أجمعت عليها الشرائع السماوية
ولا يوجد دين واحد يقر الخيانة أو الغدر
في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في الحلقة السادسة والعشرين من برنامج “رؤية” للفكر المستنير , اليوم الجمعة 26 رمضان 1442هـ الموافق 9/ 5/ 2021م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة , خلال تناول كتاب: “في رحاب فن المقال٣” ، أن أحوج ما نكون إليه في حياتنا المعاصرة هو “شيمة الوفاء” ، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول : “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه” ، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ أُتِيَ إليهِ معروفٌ فلِيكافئَ بهِ ، ومَنْ لمْ يستطعْ فلِيذكرْهُ ، فإنَّ مَنْ ذكرَهُ فقد شكرَهُ”، ويقول الحق سبحانه وتعالى : “وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ” ، ومن بخس الناس إنكار الجميل وعدم الاعتراف به.
والوفاء من شيم الأنبياء امتدح الله به أبا الأنبياء سيدنا ابراهيم (عليه السلام) فيقول سبحانه: “وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى” ويقول سبحانه: “وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ العهد كَانَ مَسْؤُولاً” ، وفي الوصايا العشر التي جاءت في أواخر سورة الأنعام والتي أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية ، حيث يقول الله تعالى : “وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا” ، فالوفاء بالعهد مما أجمعت عليه جميع الشرائع السماوية ، فلا يوجد دين واحد يقر الخيانة أو الغدر أو عدم الوفاء بالعهد ، ويقول سبحانه : “وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا” ، يظل يقول لك أشهد الله ، وأقسم بالله ، وعهد رسول الله ثم للأسف الشديد تفجع ، يقول سبحانه : “وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” ، خلف العهد والوعد وعدم الوفاء وخيانة الأمانة من أخص صفات المنافقين يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر” ، ويقولون : “ثلاثة تعجل لهم العقوبة في الدنيا : الغدر ، واليمين الكاذبة ، ورد المعتذر خائبًا” ، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “إذا جمع اللهُ الأولينَ والآخرينَ يومَ القيامةِ رُفِعَ لكلِّ غادرٍ لِواءٌ يومَ القيامةِ فقيل : هذهِ غَدرةُ فلانِ بنِ فلانٍ” ، وفي الحديث القدسي : “قَالَ اللَّه تَعَالَى: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعطَى بي ثُمْ غَدَرَ، وَرجُلٌ بَاعَ حُرًّا فأَكل ثمنَهُ، ورجُلٌ استَأجرَ أجِيرًا فَاسْتَوْفى مِنهُ ولَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ” ، وعندما ننظر في سيرة الحبيب (صلى الله عليه وسلم) نجده كان خير الناس للناس ، كان أوفى الناس بالناس ، كان أوفى الناس بأهله ، كان أوفى الناس بأصحابه ، كان أوفى الناس بأمته ، ومن ذلك تقول عائشة (رضى الله عنها) : جاءت عجوزٌ إلى النبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) وهو عندي فقال لها رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) : من أنتِ ؟ قالت : أنا جثَّامةُ المُزنيَّةُ فقال : بل أنتِ حسَّانةُ المُزنيَّةُ كيف أنتُم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتُم بعدنا ؟ قالت بخيرٍ بأبي أنت وأمِّي يا رسولَ اللهِ فلما خرجتُ قلتُ : يا رسولَ اللهِ تُقبِلْ على هذه العجوزِ هذا الإقبالَ فقال : إنها كانت تأتينا زمنَ خديجةَ وإنَّ حسنَ العهدِ من الإيمانِ” ، ثم يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) عن السيدة خديجة (رضى الله عنها) : “قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ”، والتي وقفت إلى جانبه في أول لقائله للوحي يوم أن عاد مرتجفًا قالت له : “أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ” ، لم ينس لها النبي (صلى الله عليه وسلم) مواقفها الكريمة إلى جانبه ، وفي شأن سيدنا أبي بكر خطب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) النَّاس، وقال: “إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنْيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن عبد خُيِّر، فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو المخَيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “إنَّ أمنَّ النَّاس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا -غير ربِّي- لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودَّته لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر” فلنتعلم الوفاء من نبي الوفاء ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، ما أحوجنا إلى وفاء مجتمعي ، وفاء للأبوين اللذين تعبا وسهرا وربيا ، وأنفقا ، وفاء للمعلم سواء كان معلمًا بالمدرسة أم في الجامعة ، أم في المهنة ، أم في الصنعة:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولاً
لا أن يكون حالنا كحال القائل:
أُعَلِّمُهُ الرِّمَايةَ كُلَّ يَومٍ
فَلمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ القَوَافي
فَلَمَّا قَالَ قَافِيةً هَجانِي
خلق جحود الجميل ونكران الجميل ليس من الإسلام في شيء ، ديننا دين الوفاء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ” ، وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: “عِبَدِيْ! لَمْ تَشْكُرْنِي إِذَا لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَيْتُ النِّعْمَةَ عَلَى يَدَيْهِ” ، نسأل الله أن يجمل حياتنا بشكره ، وبالوفاء لمن أسدى إلينا معروفًا ، وبالوفاء لأهلنا ، والوفاء لوطننا، والوفاء لآبائنا ، والوفاء لأصدقائنا ، والوفاء لمعلمينا ، والوفاء لقادتنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.