*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة الرابعة والعشرين من ملتقى الفكر الإسلامي بعنوان : “كظم الغيظ”
في الحلقة الرابعة والعشرين من ملتقى الفكر الإسلامي
بعنوان : “كظم الغيظ”
أ.د/ محمد سلامة:
كظم الغيظ إيثار للآجل على العاجل
د/ أسامة فخري الجندي:
دفع السيئة بالحسنة شعار المؤمنين المخلصين
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء اليوم الخميس 24 رمضان 1442هـ , الموافق 6/ 5 / 2021م الحلقة الرابعة والعشرون لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان : “كظم الغيظ” ، حاضر فيها كل من : أ.د/ محمد سلامة أستاذ النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب جامعة حلوان ، و د/ أسامة فخري الجندي مدير عام المساجد ، وقدم للملتقى أ/ عمر حرب المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد : أ.د/ محمد سلامة أن الرحمة تبدو أكثر وأكمل عندما يتحكم المرء في غضبه ، موضحًا أن أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومواقفه حاسمة في منع مظاهر الغضب وأسبابه، وتدفع بكظم الغيظ ، وتوعد الكاظم غيظه وهو قادر على إنفاذه برضا الله (سبحانه وتعالى) وجناته، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : مَنْ كَظَمَ غَيْظًا – وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ – دَعَاهُ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ”، وفي حديث آخر يرشد الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى علاج الغضب ، فعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: استَبَّ رجلانِ عندَ النَّبيِّ (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) فغضِبَ أحدُهُما غضبًا شديدًا حتى خُيِّلَ إليَّ أنَّ أحدَهُما يتمزَّعُ أنفُهُ من شدَّةِ غضبِهِ فقالَ النَّبيُّ (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) : “إنِّي لأعلمُ كلمةً لو قالَها لذَهَبَ عنهُ ما يجدُ من الغضَبِ” فقالَ : ما هيَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : “يقولُ : اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ” قال : فجَعل معاذ يأمرُهُ فأبى وجعلَ يَزدادُ غضبًا”، مبينًا أن كظم الغيظ حظي بتنويه خاص في كتاب الله تعالى ، قال تعالى: “وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَة مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّة عَرْضُها السَّمَـاوَاتُ وَالاَْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَـاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ” ، قال ابن كثير (رحمه الله): “والكاظمين الغيظ”: أي لا يُعمِلون غضبهم في الناس، بل يكفون عنهم شرَّهم، ويحتسبون ذلك عند الله (عز وجل) وقال البغوي: “والكاظمين الغيظ”: أي: الجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه، لذلك كان الغضب والغيظ وسيلتين مهمتين لاختبار صبر الإنسان وحِلمه ، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :”لَيْسَ الشَّدِيدُ (أي: الحقيقي) بِالصُّرَعَةِ (أي: الذي يغلب الرجال ويصرعهم)، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ” ، مختتمًا حديثه بأن العفو شِعار الصالحين الأنقياء ذوي الحلم والأناة والنّفس الرضيّة ، وأن كظم الغيظ عن الآخرين ليس بالأمر الهين ، ولا يكون إلا للأقوياء الذين استعصوا على حظوظ النّفس ورغباتها لقوله تعالى : “وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ”، وبمجرد أن تُذكرَ كلمة (الغيظ) ، فإنه يأتي في الذهن مباشرة أنها تعبّر عن ألمٍ نفسي يحدث إذا أوذي المرء في بدنه أو عرضه أو ماله، مما يجعل النفس تريد أن تردَّ الإيذاء الواقع عليها ، إلا أن النصوص القرآنية المشرفة ، والنصوص النبوية المباركة تدعونا أن نكف انفعال النفس عن رد الإساءة بالإساءة، فنمنع الجوارح ونصون اللسان ، ونلتزم الأدب في السلوك .
وفي كلمته أشار الدكتور/ أسامة فخري الجندي إلى أن الآيات القرآنية المشرفة تدعونا إلى كظم الغيظ وضبط النفس ، فقد أثنى الله (عز وجل) على هذه الطائفة التي استطاعت كظمَ الغيظ، فقال سبحانه : “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ”، وقال تعالى : “وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ”، وكظم الغيظ لمن اتسم به هو طريق يوصل إلى دخول الجنة بغير حساب ؛ لأنه ورد أنهم من جملة مَنْ يدخلون الجنة بغير حساب ، حيث يقول الحق سبحانه : “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ” ، فإن من تميّز بكظم الغيظ يكون في قمة الصبر ؛ لما تتحمله نفسه من مشقة الألم الذي تعرض له ، قال تعالى : “وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا”، وقد جاءت الأحاديث تترى تؤكد على فضل كاظم الغيظ ؛ فعن معاذ بن أنس الجهني قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أي الْحُورِ شَاءَ” ، فقوله (صلى الله عليه وسلم) “من كظم غيظًا” أي اجترع غضبًا كامنًا فيه واحتمله وصبر عليه ، “وهو يستطيع أن ينفّذه” ، أي :يمضيه ، “دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق” أي شهره بين الناس وأثنى عليه وتباهى به ويقال في حقه هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة العظيمة ، ومما ورد كذلك في كظم الغيظ ما روي عن جَارِيَةَ بن قُدَامَةَ أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : ” قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْ لِي قَوْلا يَنْفَعُنِي وَأقْلِلْ لَعَلِّي أَعِيهِ ، قَالَ : ” لا تَغْضَبْ ” ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مِرَارًا ، يَقُولُ : ” لا تَغْضَبْ” ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)”لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ” ، فهذا الحديث يؤكد على أن القوي بحق هو الذي يملك نفسه عند الغضب، فدفع السيئة بالحسنة شعار المؤمنين المخلصين .