*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة الرابعة والعشرين من برنامج “رؤية” على الفضائية المصرية
في الحلقة الرابعة والعشرين من برنامج “رؤية” على الفضائية المصرية
وزير الأوقاف:
الصديق الحقيقي من تجده إلى جانبك
ساعة شدتك وعسرك
وصديقك من صَدَقك لا من صدَّقك
في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في الحلقة الرابعة والعشرين من برنامج “رؤية” للفكر المستنير , اليوم الخميس 24 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 6/ 5/ ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة, خلال تناوله كتاب : ” في رحاب فن المقال” ، أن من أهم الموضوعات التي يتناولها هذا الكتاب مفهوم الأخوة والصداقة القائمة لله وفي الله ، فديننا دين الأخوة الصادقة الحقيقية ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَن أحبَّ للَّهِ وأبغضَ للَّهِ ، وأعطى للَّهِ ومنعَ للَّهِ فقدِ استَكْملَ الإيمانَ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ : أنْ يكونَ اللهُ و رسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما ، و أنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ ، و أنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: الإمَامُ العَادِلُ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فَقَالَ: إنِّي أخَافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ” ، ومحل الشاهد في هذا الحديث هو قوله (صلى الله عليه وسلم) : “ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه” أي اجتمعا لله وفي الله ، دون ضغينة أو بغضاء أو تحاقد أو غل أو تحاسد.
كما أشار معاليه إلى أن الصديق الذي نبحث عنه هو من قال عنه مصطفى صادق الرافعي (رحمه الله) : ” من إذا غاب لم تقل إن أحدًا غاب عنك ولكن تشعر أن جزءًا منك ليس فيك ، فهو قطعة منك، وأنت قطعة منه ، وليس ذلك الصديق الذي يماسحك كما يماسحك الثعبان، ويراوغك كما يراوغك الثعلب ، أو يقبع منك كما يقبع القنفذ ، فهؤلاء كالذباب لا يقع إلا حيث يكون العسل ، وهؤلاء لا تجدهم إلا على أطراف أصابعك” ، والصديق الحقيقي كما قالوا : “الصديق وقت الضيق” ، فصديقك من صدقك في السر والعلن ، وصديقك من صدقك لا من صدقك ، إن الصديق الحق الذي نبحث عنه ، هو من قال عنه الإمام الشافعي (رحمه الله) :
إن الصديق الحق من كان معك
ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك
شتت نفسه فيك ليجمعك
وقد قيل لأحد الناس: من أصدقاؤك؟ فقال: لا أعلم، قيل له: لماذا ؟ قال : لأن الدنيا الآن مقبلةٌ عليّ ، والناس مع الدنيا ، إن كانت معك كانوا معك ، وإن كانت عليك كانوا عليك ، فإن أدبرت عرفت عدوي من صديقي ، وأنشأ يقول :
رأيت الناس قد ذهبوا
إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب
فعنه الناس قد ذهبوا
رأيت الناس منفضة
إلى من عنده فضة
ومن لا عنده فضة
فعنه الناس منفضة
رأيت الناس قد مالوا
إلى من عنده مال
ومن لا عنده مال
فعنه الناس قد مالوا
يحكي أحد الشعراء قصة حقيقية ، حيث كان يعمل في مدرسة مرموقة ، ويتقاضى راتبًا جيدًا والناس ملتفون حوله ، ثم شاء الله أن يترك تلك المدرسة فترة من الزمن ، فانفض الناس عنه ، ثم بعد ذلك شاء الله أن يُعين قاضيًا شرعيًا ، فعاد إليه الأصدقاء الذين كانوا قد انفضوا عنه وقت شدته ، فأنشأ يقول :
مالي أراك وأنت كنت صديقي
باعدتني زمنا بكل عقوق
قد كنت من أعددته لنوائبي
لو عضني ناب الزمان بضيق
أوحي إليك بأن دهري عقني
فطفقت أنت تعين بالتصفيق
ومتي تبينت الحقيقة أنني
جللا حللت بمنصب مرموق
قد جئتني تسعى تهنئ بالمنى
عجبًا لأمرك في رضًا وعقوق
إن المحبة في الفؤاد مكانها
تبدو حقائقها مع التضييق
وقال الشاعر:
جزي الله المصائب كل خير
عرفت بها عدوي من صديقي
الصداقة الحقيقية أمان نفسي ، وأمان مجتمعي ، وإذا فقد الإنسان الثقة في أصدقائه وفي أحبته ، فكيف يعيش الإنسان في أمان ، عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به ، وعليك أن تعلم أن جزاء الوفاء عظيم ، ففي الحديث الشريف “أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَي ، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَي مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَي عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ” ، ويقول نبينا ( صلي الله عليه وسلم) الْمُتَحَابُّونَ فِيَّ اللَّهِ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَغْبِطُهُمُ الشُّهَدَاءُ” ، نسأل الله أن نكون منهم وأن يرزقنا الحب في الله ولله وأن يؤلف بين قلوبنا في حبه سبحانه إنه ولى ذلك والقادر عليه.