*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة الثانية والعشرين من ملتقى الفكر الإسلامي بعنوان : “الاستقامة”
في الحلقة الثانية والعشرين من ملتقى الفكر الإسلامي
بعنوان : “الاستقامة”
أ.د/ محمد سلامة:
متى حقق العبد الاستقامة فقد لزم الصراط المستقيم
ومن معانيها التوسط والاعتدال وترك التكلف والغلو
د/ أسامة فخري الجندي:
الاستقامة من كمال الإيمان وحسن الإسلام
ومن حاد عن الاستقامة تعرض للشقاء في الدنيا وعقوبة الله (عز وجل) في الآخرة
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء اليوم الثلاثاء 22 رمضان 1442هـ , الموافق 4/ 5 / 2021م الحلقة الثانية والعشرين لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان : “الاستقامة” ، حاضر فيها كل من : أ.د/ محمد سلامة، د/ أسامة فخري الجندي وقدم للملتقى أ/ عمرو أحمد المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد : أ.د/ محمد سلامة على أن من أعظم ما يكرم الله سبحانه وتعالى به عبده هو لزوم الاستقامة، وإن الله لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه، وهو طاعته وطاعة رسوله، والاستقامة يجب أن تكون في الظاهر والباطن؛ أي: في أعمال القلب والجوارح ، موضحا أن وسائل تحقيق الاستقامة: وجوب الإيمان بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد عرف الأمة بجميع أمور دينهم، وما يحتاجون إليه في الاعتقاد والعمل؛ كما قال تعالى: ” مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ “، وقوله (صلى الله عليه وسلم) :” تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ ، ومن يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرَفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهدِيِّينَ الرَّاشدينَ ” ، مبينا أن التوسط والاعتدال، وترْك التكلف والغلو والتنطع، في الاعتقاد والعمل، والتوسط هو منهج سلفنا الصالح وسلوكهم؛ قال تعالى: “كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا “، وبذلك يتحقق أهم قواعد الاستقامة؛ وهو لزوم طاعة الله باطنا وظاهرا، علما وعملا، مشيرا إلى أن الأسباب المعينة على الاستقامة: تقوى الله ومراقبته، والاستعانة بالله عز وجل، والتوكل عليه؛ لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنْهما قَالَ: كنت خلف النَّبيّ (صلى الله عليه وسلم) يوماً، فَقَالَ: “يَا غُلامُ، إنِّي أعلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ، وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ”” ، حتى تتحقق وسائل الثبات التي منها الإقبال على القرآن الكريم قراءة وتدبرا وعملا؛ لأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم؛ “إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا”.
وفي كلمته أكد د. أسامة فخري الجندي أن الإنسان لا ينال السعادة والطمأنينة والحياة الطيبة والتوفيق والفوز بالآخرة إلا إذا استقام على منهج الله (عز وجل) أمرًا ونهيًا، فأداة تحقيق كل ما يرجوه الإنسان من خير في الدنيا والآخرة إنما يكون في (الاستقامة)، وهذا ما أكدّه الله (عز وجل) ؛ حيث قال: “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ”.
والاستقامة ضد الاعوجاج، وهي مرور العبد في طريق العبودية بإرشاد الشرع والعقل مع المداومة وقد رُوي عن سفيان بن عبدِ الله الثَّقفي (رضي الله عنه) قال: قلتُ يا رسُول الله قُلْ لِي فِي الإسلامِ قَوْلاُ لا أسْألُ عنهُ أحداً بعدك، قال: قُلْ آمنْتُ باللَّهِ ثم اسْتٌقِمْ ، وقال عمرُ بنُ الخطاب (رضي الله عنه) : الاستقامةُ أن تَسْتَقِيمَ على الأمْرِ والنَّهْي، ولا تروغ رَوَغَان الثَّعلب.
ولعظيم مكانة الاستقامة وما يترتب عليها من نتائج وثمرات دنيوية وأخروية ، كان الأمر من الله (عز وجل) للنبي (صلى الله عليه وسلم) بقوله : “فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” ، وحين نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “شَيَّبَتْنِي هُودٌ وأَخَوَاتُهَا”، يعني : سورة هود، والذي شيّب النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها هذه الآية الكريمة من خلال هذا الأمر الوجوبي بالاستقامة .
وقد وضّح رسولنا (صلى الله عليه وسلم) سبيل حدوث الاستقامة بقوله : “لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ” .
فالاستقامة في السلوك تجعل الإنسان منذ نشأته معتدلاً في سائر شئونه ، والاستقامة في التفكير تجعل الإنسان ناضجًا مثقفًا معرفيًّا ، يستطيع تحليل الأمور ، ومن ثمّ إعادة تركيبها ، فلا ينتظر منه إلا زبد الكلام وأجمله.
إن الاستقامة الإنسانية تحقق للإنسان سلامًا عامًا ما أجمله وما أروعه، إنه سلام مع النفس، سلام مع الجوارح، سلام مع بني جنسه، سلام مع الانضباط بالشرع، سلام مع النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثمّ فهو سلام مع الله (عز وجل)، ألم يأمرنا ربنا (سبحانه وتعالى) بقوله : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ”.
فالاستقامة في الحياة هي أقصر الطرق وأعدلها للوصول إلى الغاية الأسمى وهي الرضا من الله وضمان الجنة، أما الخروج عنها، فهو طريق طويل لغايات فاسدة، لا ينتج عنها إلا التعب والشقاء في الدنيا، وعقوبة وعذاب في الآخرة .