*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة الثالثة والعشرين من ملتقى الفكر الإسلامي بعنوان: الرفق
في الحلقة الثالثة والعشرين من ملتقى الفكر الإسلامي
بعنوان: الرفق
الشيخ/ عبدالخالق صلاح :
الرفق من الأخلاق الجميلة التي وصف الله بها نبيه (صلى الله عليه وسلم)
ومن رزق الرفق فقد رزق خيرًا عظيمًا
ولا يكون الرفق في شيء إلا زانه
الشيخ/ إسلام النواوي :
الرفق لا يتعارضُ مع مواطن الجدِّ والحزم
ومن الخطأ وضع اللين في موضع الشدة
ووضع الشدة في موضع اللين
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء اليوم الأربعاء 23 رمضان 1442هـ الموافق 5/ 5 / 2021م الحلقة الثالثة والعشرين لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: “الرفق” ، حاضر فيها كل من: الشيخ/ عبد الخالق صلاح عبد الحفيظ إمام وخطيب بمديرية أوقاف القاهرة ، والشيخ/ إسلام النواوي عضو الإدارة العامة للفتوى وبحوث الدعوة ، وقدم للملتقى الإعلامي أ/ عمرو أحمد المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد الشيخ/ عبد الخالق صلاح أن الرفق من الأخلاق الجميلة والصفات الحميدة التي وصف الله بها نبيه محمدًا (صلى الله عليه وسلم) ، قال تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ” ، وقَالَ تَعَالَى : “لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم”، وقال (صلى اللهُ عليه وسلم): “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ”، وقال (صلى اللهُ عليه وسلم) :”إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ”، مشيرًا إلى أن الرفق هو لين الجانب بالقول، والفعل، والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف، وقد يجيء الرفق أيضًا بمعنى التمهل في الأمور والتأني فيها، ومن أسمائه تعالى (الرفيق) في أفعاله وشرعه، ومن تأمل ما احتوى عليه شرعه من الرفق، وشرع الأحكام شيئًا بعد شيء وجريانها على وجه السداد، واليسر، ومناسبة العباد وما في خلقه من الحكمة، إذ خلق الخلق أطوارًا ونقلهم من حالة إلى أخرى بحكم وأسرار لا تحيط بها العقول، وهو تعالى يحب من عباده أهل الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، والرفق من العبد لا ينافي الحزم ، فيكون رفيقًا في أموره متأنيًا ومع ذلك لا يفوت الفرص إذا سنحت ، ولا يهملها إذا عرضت ، موضحًا أن الرفق من أفضل الأخلاق ، وأجلها ، وأعظمها قدرًا ، وأكثرها نفعًا، فلا يكون في شيء إلا زيَّنه وجمَّله، وحسَّنه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، وعابه وقبحه، روى الإمام مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أم المؤمنين عَائِشَة رضي اللهُ عنها : أَنَّ النَّبِيَّ (صلى اللهُ عليه وسلم) قَالَ: “إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ”، مؤكدًَا أن من آتاه اللهُ الرِّفقَ فقد أعطاه خيرًا عظيمًا من الثناء الحسن، والتوفيق، وصلاح البال، وطمأنينة النفس، ونيل المطالب، وتحقيق المآرب، وفي الآخرة أجر عظيم، وثواب جزيل، مختتمًا حديثه بأن النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) جعل الرفق علامة خير وصلاح في البيوت والمجتمعات ، روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي اللهُ عنها) : أَنَّ النَّبِيَّ (صلى اللهُ عليه وسلم) قَالَ: “يَا عَائِشَةُ ارْفُقِي، فَإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، دَلَّهُمْ عَلَى بَابِ الرِّفْقِ”، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم من أكثر الناس رفقًا بأصحابه، روى الإمامان البخاري ومسلم مِن حَدِيثِ مَالِكِ بنِ الحُوَيرِثِ (رضي اللهُ عنه) قَالَ: “أَتَيْتُ النَّبِيَّ (صلى اللهُ عليه وسلم) فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ: ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ”.
وفي كلمته أشار الشيخ/ إسلام النواوي إلى أنه ينبغي على المؤمن أن يكون رفيقًا في جميع شؤونه، رفيقًا في معاملة أهله، وأولاده، وإخوانه، وأصدقائه، وفي معاملة عامة للناس، يرفق بهم، ومن كان هذا حاله فالنفوس ترتاح له، والقلوب تأنس به، والصدور تنشرح له، ويحصل على محبة الناس، وينبغي أن يكون الرفق ملازمًا للمؤمن في بيته، وسوقه، ومسجده، وفي كل مكان يخالط فيه الناس، فإذا فعل ذلك فقد أُعطي خيرًا كثيرًا، روى الإمام مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللهِ (رضي اللهُ عنه) : أَنَّ النَّبِيَّ (صلى اللهُ عليه وسلم) قَالَ: “مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ كُلَّهُ”، وكان (صلى اللهُ عليه وسلم) يحث أصحابه على الرفق بالناس، فعن أبي هُرَيرَةَ (رضي اللهُ عنه) قَالَ: “قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ (صلى اللهُ عليه وسلم) : دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ”، موضحًا أن النَّبِيَّ (صلى اللهُ عليه وسلم) حَثَّ أُمَّتَهُ عَلَى الرِّفقِ بِالحَيَوَانِ، فعن شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ (رضي اللهُ عنه) قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلى اللهُ عليه وسلم) : “إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ”، مؤكدًا على أن الرفق مطلوبٌ في الأمور كلها، الدينية منها والدنيوية، كما أنه مطلوب مع كل الناس ، فهذه عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) يدخل رهطٌ من اليهود على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فيَلحَنون في سلامهم عليه، ويقولون: السام عليك، ففهِمَتْها، فقالت: عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “مهلًا يا عائشة، فإن الله يحبُّ الرفق في الأمر كله”، فقلت: يا رسول الله، أَوَلَم تسمع ما قالوا؟! قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “فقد قلتُ: وعليكم”، مبينًا أن الرفق زينةُ الأفعال والأقوال؛ سواء كان ذلك مع إنسان أو جماد أو حيوان، وتركه شَين وقُبح ونقصان، وهو لا يأتي لصاحبه إلا بخير، وقد قالوا قديمًا: الرفق في الأمور كالمِسْك في العطور، فمَن تركه في أقواله وأفعاله حُرِم الخير المتحقِّق منه، فعن جَرير بن عبدالله (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “مَن يُحرَمِ الرفق يُحرَمِ الخير”، مختتمًا حديثه أنه لا ينبغي أن يتعارض الرفق مع مواطن الجدِّ والحزم ، بل لكل منهما مكانه وموضعه، ومِن الخطأ أن نضع اللين في موطن الشدة، والشدة في موضع اللين، فقد قال سفيان الثوري لأصحابه: أتدرون ما الرفق؟ قالوا: قل، قال: أن تضع الأمور مواضعها، الشدة في موضعها، واللين في موضعه، والسيف في موضعه، والسوط في موضعه.