*:*الأخبارأخبار الأوقاف2

في الحلقة الثانية والعشرين من برنامج “رؤية”
على الفضائية المصرية

في الحلقة الثانية والعشرين من برنامج “رؤية” على الفضائية المصرية

وزير الأوقاف:

النبي (صلى الله عليه وسلم) استخدم كل الوسائل والأساليب

لإبلاغ دعوته على الوجه الأكمل

ويؤكد:

علينا أن نأخذ بكل أسباب التواصل الحديثة والعصرية

لنبلغ دين الله سمحًا نقيًا كما أراده الله

في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في الحلقة الثانية والعشرين من برنامج “رؤية” للفكر المستنير , اليوم الثلاثاء 22 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 4 / 5 / ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة , خلال شرحه لكتاب : “مهارات التواصل في السنة النبوية (4) ” , أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) هو أفصح الخلق قاطبة , وأن كلامه (صلى الله عليه وسلم) هو أفصح الكلام وأبلغه بعد كتاب الله (عز وجل) , وقد ذكرنا نماذج من بلاغته وخبرته ودرايته بمواطن الكلام وفنون القول ومنها، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يومًا مع سيدنا أبي بكر في بعض أزقة مكة فوجد رجلًا ينشد :
يا أَيُّها الرَجُلُ المُحَوِّلِ رَحلَهُ
هَلّا نَزَلتَ بِآلِ عَبدِ الدار
فالتفت (صلى الله عليه وسلم) إلى سيدنا أبي بكر (رضي الله عنه) وقال : يا أبابكر هكذا قال الشاعر؟
قال لا يا رسول الله , إنما قال:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُحَوِّلِ رَحلَهُ
هَلّا نَزَلتَ بِآلِ عَبدِ مَنافِ
فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : “هكذا كنا نسمعها” , وقال يومًا لسيدنا حسان بن ثابت (رضي الله عنه) أنشِدْني يا حسان مِنْ شِعْر الْجَاهِليَّةِ , فأنشد سيدنا حسان (رضي الله عنه) قصيدة الأعشى التي هجا بها عَلْقَمة بن عُلاثة ، و في مطلعها يقول:
عَلقَمَ ما أنت إِلى عامِرٍ 
لست مثله الناقِضِ الأَوتارَ وَالواتِرِ
فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : “يَا حَسَّانُ، لَا تَعُدْ تُنْشِدُنِي هَذِهِ القَصِيدَةِ” , فقال سيدنا حسان متعجبًا : تنهاني عن رجل مُشرك مُقيم عند قَيْصر؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : وانظر إلى عظمة هذا الموقف , يا حسان : أشْكَرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ أشْكَرُهُم لله تَعَالَى, “لم يَشْكُرُ اللهَ مَن لم يَشْكُرُ الناسَ” , وإنَّ قَيصَرَ سألَ أبَا سُفْيَانَ عَنّي فَتَنَاوَلَ مِنِّي، وإنه سألَ هذا , يعني عَلْقَمَةَ بن علاثة فأحَسَنَ القَوْلَ ، فشكر له النبي (صلى الله عليه وسلم) ذلك , وروي أن سيدنا حسان بن ثابت (رضي الله عنه) بعد أن سمع ما سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عَلْقَمة بن عُلاثة , قال يا رسول الله : من نالتك يده وجب علينا شكره , ما أعظم أدب نبينا (صلى الله عليه وسلم)! , وما أعظم وفاءه! , وما أعظم أدب أصحابه (رضي الله عنهم)! , استخدم نبينا (صلى الله عليه وسلم) كل الوسائل والأساليب التي تمكنه من إبلاغ دعوته بلاغًا مبينًا على الوجه الأكمل , ومما نتعلمه من سنته (صلى الله عليه وسلم) استخدام مهارات الجسد الرصينة , كتغيير وضع الجسد لإثارة الانتباه , ففي الحديث , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ” , معنى تغيير الوضع من القيام إلى الجلوس , أو من الاتكاء إلى الجلوس , أو من الجلوس إلى الاتكاء , كأنك تنبه المتلقي أو السامع أو المخاطب لأمر هام , مثلًا : عندما تتحدث مع أحد زملائك أو أصدقائك حديثًا عامًا وأنتما واقفان , فيسألك في أمر , فتقول له لا , هذا الأمر يحتاج إلى جلسة , اجلس , معنى ذلك أن الكلام هنا يحتاج إلى تركيز , وعندما تتحدث مع آخر وأنت جالس , فتقول له لا , قف لتسمعني , فأنت تنبهه لأمر جلل سيأتي , فتغيير وضع الجسد وحركات الجسد لإثارة الانتباه للاهتمام بما يأتي , وكانَ (صلى الله عليه وسلم) مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وقالَ : ألا وقَوْلُ الزُّورِ” , للتحذير من خطورة قول الزور , وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع , ومن ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ اللَّهَ (عز وجل) لا يَنْظُرُ إِلَى أجسامكم ولا إلى صُوَرِكُمْ , وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ” وأشار (صلى الله عليه وسلم) بيده إلى صدره , وعندما قال (صلى الله عليه وسلم) : “أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأشار (صلى الله عليه وسلم) بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى” , ليؤكد على قرب كافل اليتيم ومنزلة كافل اليتيم منه (صلى الله عليه وسلم) يوم القيامة , وقال (صلى الله عليه وسلم) : “أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” , وأشار (صلى الله عليه وسلم) بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى , حبَستْ نفسها على يتاماها حَتَّى بانوا أو ماتت” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” أَلَا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بدَمْعِ العَيْنِ، وَلَا بحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بهذا، أَوْ يَرْحَمُ, وَأَشَارَ (صلى الله عليه وسلم) إلى لِسَانِهِ” , ومن مهارات التواصل في السنة النبوية واستخدامها , استخدامه (صلى الله عليه وسلم) للغة الأرقام إما للتحديد والحصر , أو للتقريب الذهني , فنجد النبي (صلى الله عليه وسلم) يستخدم العدد ثلاثة في أكثر من حديث , يقول (صلى الله عليه وسلم) : “ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ : أنْ يكونَ اللهُ و رسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما ، و أنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ ، و أنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ” , ويستخدم (صلى الله عليه وسلم) العدد أربعة , فيقول : “أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ” , ويستخدم (صلى الله عليه وسلم) العدد خمسة , فيقول : “بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ” , ويستخدم (صلى الله عليه وسلم) العدد ستٌ , فيقول : “حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ , قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ : قَالَ ( إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ” , واستخدم (صلى الله عليه وسلم) العدد سبعة , فقال (صلى الله عليه وسلم) : ” بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً ، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلاَّ فَقراً مُنسياً ، أَوْ غِنىً مُطغِياً ، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً ، أَوْ هَرَماً مُفْنداً ، أَوْ مَوتاً مُجْهزاً ، أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ فالسَّاعَةُ أدهَى وَأَمَرُّ” , وقال : “اجتنبوا الموبقات السبع” , وقال : “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّ عرشه يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ” , كل ذلك للتسهيل والتقريب وإثارة الذهن والتحفيز , ربما أحيانًا للحصر , وربما أحيانًا للتقريب الذهني , وربما أحيانًا لتسيير الحفظ , أي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استنفد وسعه وطاقته في إبلاغ دعوة الله (عز وجل) بكل الوسائل الممكنة والمشوقة , ولنا فيه أسوة الحسنة , وعلينا أن نأخذ بكل أسباب التواصل الحديثة والعصرية لنبلغ دين الله ودعوة الله سمحًا نقيًا كما أراده الله، نسأل الله وإياكم أن يرزقنا حسن الفهم.
اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى