:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

في الحلقة الحادية والعشرين من برنامج “رؤية”
على الفضائية المصرية

في الحلقة الحادية والعشرين من برنامج “رؤية”

على الفضائية المصرية

وزير الأوقاف:

فهم القرآن والسنة فرض واجب

ولا يتم إلا بتعلم اللغة العربية

وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

ويؤكد:

أوتي (صلى الله عليه وسلم) جوامع الكلم

وكان أفصح الناس قاطبةً

في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في الحلقة الحادية والعشرين من برنامج “رؤية” للفكر المستنير , اليوم الأحد 21 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 3 / 5 / ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة , خلال تناوله لكتاب : “مهارات التواصل في السنة النبوية (3) ” أن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان أفصح الناس قاطبةً , وأفصح العرب وأبلغهم , كيف لا؟ وهو الذي أوتي جوامع الكلم , وقال له الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : يا رسول الله نَحْنُ بَنو أَبٍ واحِدٍ , وَنَراكَ تُكَلِّمُ قبائل الْعَرَبِ بِما لا نعلمه ، فمن علمك ومن أدبك؟ فَقالَ (صلى الله عليه وسلم) : “أَدَّبَني رَبّي فَأَحْسَنَ تَأْديبي” , ويصف الجاحظ كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) فيقول : “هو الكلام الذي قل عدد حروفه وكثر عدد معانيه , وجل عن الصنعة ، ليس فيه تكلف , قال تعالى: “وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ” , ونُزِّه عن التكلف , فلم ينطق (صلى الله عليه وسلم) إلا عن ميراث حكمة ، ولم يتكلم إلا بكلام قد حُف بالعصمة ، وشُيِّد بالتأييد ، ويُسِّر بالتوفيق، وهذا الكلام الذي ألقى الله (عز وجل) عليه المحبة , وغشاه بالقبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة ، وحسن الإفهام , لم تسقط له كلمة ، ولا زلت له قدم ، ولا بارت له حجة ، ولا أفحمه خطيب , كيف لا؟ ورب العزة يقول في شأنه (صلى الله عليه وسلم) : “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” , ثم لم يسمع الناس كلامًا أعم نفعًا , ولا أصدق لفظًا , ولا أعدل وزنًا , ولا أجمل مذهبًا , ولا أكرم مطلبًا , ولا أحسن موقعًا , ولا أسهل مخرجًا , ولا أفصح معنىً , ولا أبين فحوى , بعد كتاب الله (عز وجل) من كلامه (صلى الله عليه وسلم) , ومن جوامع كلمه (صلى الله عليه وسلم) أنه سُئل ما النجاة؟ فقال (صلى الله عليه وسلم) للسائل : ” أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ” ، يقول الشاعر:
اِحفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ
لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبانُ
كَم في المَقابِرِ مِن قَتيلِ لِسانِهِ
كانَت تَهابُ لِقاءَهُ الشجعان
فحفظ اللسان نعمة , ” أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ”.
وقال (صلى الله عليه وسلم) لآخر : ” إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَاجْمَعِ الإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَىِ النَّاسِ” , صل صلاة مودع ومن يدرك أنه ربما لا ينتهي من صلاته , أو لا يتمكن من أي وقت بعدها , فيقينًا سيكون في غاية الخشوع والخضوع لله (عز وجل), وقد سأل أحدهم عن أحد الصالحين : ما حال فلان مع الله؟ فقال لهم : “لو قيل له إن القيامة غدًا , ما وجد مزيد عمل يعمله” أي أنه يأخذ بأقصى الطاعة , ويتجنب المعصية , ” اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” , وعبر أحدهم فقال : “أعبد الله وكأنه أمامي , وكأن الموت ورائي ، وكأن الجنة عن يميني ، وكأن النار عن شمالي” , فالمؤمن يدرك أن الأجل قد يأتي بغتة , فهو يصلي صلاة مودع , ويصوم صيام مودع , ويعبد الله وكأنه سيلقاه بعد حين , وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” حُسْنُ الْخُلُقِ نَمَاءٌ أي: ثروة عظيمة , وَسُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ , وَالْبِرُّ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ وَالصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ” , ونحن في شهر الصدقة , في شهر الزكاة , في شهر الإطعام , والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : “حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ ، وَدَاوَوْا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاءِ الدُّعَاءَ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” ثَلاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيهِنَّ : مَا نَقَصَ مَالُ عَبدٍ مِن صَدَقَةٍ، وَلا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” ما من يومٍ إلَّا وينادي مَلَكانِ : يَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا” ، ويقول الإمام الشافعي (رحمه الله) :
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ
فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
إذا حلت بِساحَتِك المَنايا
فَلا أَرضٌ تَقيك وَلا سَماءُ
فأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن
إِذا حل القَضا ضاقَ الفَضاءُ
ويقول الآخر:
وَإِذا طَلَبتَ إِلى كَريمٍ حاجَةً
فِلِقاؤُهُ يَكفيكَ وَالتَسليمُ
وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستمع إلى الشعراء , وأكرم بعضهم وأثابهم , فعندما أنشده سيدنا كعب بن زهير (رضي الله عنه) قصيدته الرائعة , وفيها يقول :
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني
والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ
مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
فألقى النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه بردته الشريفة , وكان النابغة الذبياني قال في النعمان بن المنذر:
أُنْبِئْتُ أنَّ أبا قابوسَ أوْعَدَني
ولا قَرارَ على زَأرٍ منَ الأسَدِ
يتملكه الخوف , أما سيدنا كعب بن زهير (رضي الله عنه) عندما اعتذر إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) تملكه الأمل فقال : والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ , فلنتعلم من سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد قالوا في الأثر : “مَن اعتَذرَ إليه أخوه فلم يقبَلْ عُذرَه لم يرِدْ عليَّ الحَوضَ يوم القيامة” , وقال الشاعر:
إذا اعتذرَ الجاني محا العُذرُ ذنبَه
وكلُّ امرئٍ لا يَقبَلُ العذرَ مُذنِبُ
وقالوا: ثلاثة تعجل لها العقوبة في الدنيا ”الغدر ، واليمين الكاذبة ، ورد المعتذر خائبًا“ ، ولما أنشد النابغة الجعدي:
وَلا خَيْرَ في حِلْمٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لهُ
بَوَادِرُ تَحْمِي صَفوَهُ أَنْ يُكَدَّرا
وَلاَ خَيْرَ في جَهْل إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ
حَلِيمٌ إذَا ما أوْرَد الأمْرَ أصْدَرَا
قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) :” لا يفضض الله فاك” فبقي عمره لم تسقط له سن , وكان معمرًا بفضل دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) , وعندما مدح سيدنا حسان (رضي الله عنه) نبينا (صلى الله عليه وسلم) وكان يجيب أبا سفيان بن الحارث ويرد عليه :
هَجَوْتَ مُحَمَّداً، فأَجَبْتُ عنهُ
وعندَ اللهِ في ذاكَ الجَزاءُ
فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) جزاؤك عند الله الجنة يا حسان , وعندما قال حسان (رضي الله عنه):
فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي
لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ
قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : “وقاك الله شر النار يا حسان” ، فدعا له بالجنة مرتين , ومما يؤكد خبرة النبي (صلى الله عليه وسلم) باللغة وجمالها ومواطن الكلم وجوامعه , وهو الذي أوتي جوامع الكلم , أنه دخل يومًا على أمهات المؤمنين , فوجد كلامًا دار بين أمهات المؤمنين , حيث روي أن أم المؤمنين السيدة/ سودة بنت زمعة (رضي الله عنها) أنشدت قول قيس بن معدان الكلبي:
عدي وتيم تبتغي من تحالفه
فظنت السيدة عائشة (رضي الله عنها) والسيدة حفصة (رضي الله عنها) أنها تعرض بهما , وكان سيدنا أبو بكر (رضي الله عنه) من تيم قريش , وسيدنا عمر (رضي الله عنه) من عدي قريش , وهي تقول : عدي وتيم تبتغي من تحالفه , فلما سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) ذلك , قال لهن : ليس في عديكن ولا في تيمكن قيل هذا البيت , أي ليس في عدي قريش ولا في تيم قريش , وإنما في عدي تميم وتيم تميم , وكان (صلى الله عليه وسلم) أبلغ الناس وأفصح الناس أوتي جوامع الكلم , وظف ذلك لخدمة دين الله , وإبلاغ دين الله بلاغًا مبينًا , وإذا أردنا أن نقتدي بسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , وبهدي سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فعلينا أن نتقن لغة القرآن , اللغة العربية , ففهم القرآن والسنة فرض واجب , ولا يتم إلا بتعلم اللغة العربية , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، نسأل الله أن يرزقنا حسن الفهم.
اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى