حلقة خاصة عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الحلقة العشرين من برنامج “رؤية” على الفضائية المصرية
حلقة خاصة عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
في الحلقة العشرين من برنامج “رؤية” على الفضائية المصرية
وزير الأوقاف:
نبينا (صلى الله عليه وسلم) نعم القدوة
ونعم المعلم ونعم المربي ونعم الرحيم بأمته
ويؤكد:
كان (صلى الله عليه وسلم) قرآنًا يمشي على الأرض
في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ. د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال الحلقة العشرين من برنامج “رؤية” للفكر المستنير , اليوم الأحد 20 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 2 / 5 / ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة , من خلال تناول كتاب : “مهارات التواصل في السنة النبوية(2)” أننا نتناول جانبًا من جوانب مهارات التواصل وعظمتها في السنة النبوية المشرفة المطهرة , على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم , فنبينا (صلى الله عليه وسلم) كان نعم القدوة , ونعم المعلم , ونعم المربي , ونعم الرحيم بأمته , يقول الحق سبحانه : “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” , ولما سئلت السيدة عائشة (رضي الله عنها) عن أخلاقه (صلى الله عليه وسلم) قالت : “كان خُلُقُه القُرآنَ” , كان قرآنًا يمشي على الأرض , كان تطبيقًا عمليًا لرحمة وسماحة القرآن الكريم , من ذلك : عندما جاء أعرابي وكان الرجل حديث عهد بالإسلام فقام فبال في المسجد , وقام إليه بعض الحاضرين يزجرونه , فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) في رحمة تامة : “دَعُوهُ وهَرِيقُوا علَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِن مَاءٍ، أوْ ذَنُوبًا مِن مَاءٍ، فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ” , وعندما قام الرجل فصلى فدعا فقال : “اللَّهمَّ ارحمني ومحمَّدًا ولا ترحمْ معنا أحدًا , فتبسم النَّبيُّ (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) حتى بدت نواجذه , وقالَ للرجل لقد حجَّرتَ واسعًا” , خاطبه بلغته , حجرت من التحجير , وهو التضييق لحجز الماء أو نحوه , لقد ضيقت واسعًا , وسع ولا تضيق في الدعاء برحمة الله , وعندما جاء أحد الشباب وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ ونهروه , وقَالُوا : مَهْ مَهْ ، فَقَالَ : له النَّبيُّ (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) : ادْنُهْ ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا ، قَالَ : فَجَلَسَ قَالَ : أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ” , فالعصاة يحتاجون إلى الرحمة , لا إلى الغلظة والشدة والنهر , ألم يقل رب العزة سبحانه : “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ” , والعاصي كالمريض يحتاج إلى الكلمة الطيبة من الطبيب , ومن ذلك أيضًا ما كان من سيدنا معاوية بن الحكم السُّلَمي (رضي الله عنه) يقول : بينا أنا أُصلي مع رسول الله (صَلَّى الله عليه وسلم)، وكان الرجل أيضًا حديث عهد بالإسلام , إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله! فرماني الناسُ بأبصارهم، فقلت: واثكل أُمِّياه، مالكم تنظرون إِليّ؟! قال: فضرب القوم بأَيديهم على أَفخاذهم يُصْمِـتُوني، فسكتُّ. فلما قضى رسول الله (صَلَّى الله عليه وسلم) صلاته، دعاني، فبأَبي هو وأُمي ما رأَيت معلِّمًا قبله ولا بعـده، أَحسنَ تعليمًـا منـه، ما كَهَرني ولا ضربنـي ولا سبني، ولكنه قال: “إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْنَّاسِ، إِنَّمَا الْصَّلَاةُ الْتَّسْبِيْحُ وَالْتَّحْمِيْدُ وَالْتَّكْبِيْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ” , ولما دخل عليه أحد الناس ووجده (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) مرتجفًا , قال هون عليك هون , “إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ بمكة” , وهكذا تعلم أصحابه الكرام وخلفاؤه الراشدون (رضي الله عنهم) , فقد كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يسير مع القوم فجاء عند منطقة ما , وقال : لقد رأيتني وأنا عمير أرعى إبل الخطاب وكان غليظًا يتعبني , فقال له أحد أبنائه : ما حملك على هذا يا أبتاه؟ قال : إن أباك خشي أن ترفعه نفسه , فأراد أن يضعها ، وعن سيدنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال : جاء رجل إلى النبي (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، أَصَبْتُ حَدًّا فأقِمْهُ عَلَيَّ، قالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فأقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللهِ، قالَ: هلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ معنَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: قدْ غُفِرَ لَكَ” , وفي رواية : “فإن الله قد غفر لك حدك وذنبك” , أي عظمة؟ الإسلام ليس متشوفًا إلى الانتقام من أحد , إنه نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم) الذي قال رب العزة في شأنه : “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” , وأبعد من هذا , جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ , فقَالَ له النبي (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ): ما أهلكَك؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) : هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، فَبيْنَا هم علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – والعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنّ أهلي رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَ اللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ” , أي عظمة؟ وأي سماحة؟ وأي يسر؟ وأي إنسانية؟ أعلى من سماحة ويسر وإنسانية سيدنا رسول الله (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) , ولما وجد في نفس بعض الأنصار شيئًا نتيجة رؤية لهم في قسمة الغنائم , قال يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم» ؟ قالوا: بلى، الله ورسوله أمن وأفضل , ثم قال: «ألا تجيبوني يا معشر الأنصار» ؟ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل. قال: «أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم ولصدقتم: أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك , أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فو الذي نفس محمد بيده، لما تنقلبون به , أي ما تعودون به إلى رحالكم ودياركم , وهو صحبة رسول الله , خير مما ينقلبون به , أي من الشاء والبعير والغنائم , لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا، وسلكت الأنصار شعبا وواديًا ؛ لسلكت شعب الأنصار وواديهم ، ثم دعا لهم : “اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار» فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله (صلّى الله عليه وسلم) قسمًا وحظًا”.
وها نحن رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا , وبسيدنا وحبيبنا محمد (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ) نبيًا ورسولًا وحظًا وقسمًا ونصيبًا , فارض اللهم عنا , وأرضي رسولك عنا , وبلغه عنا السلام , اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على حبيبنا وسيدنا محمد (صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ).