:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

في الحلقة التاسعة عشرة من ملتقى الفكر الإسلامي
بعنوان: فضائل العشر

في الحلقة التاسعة عشرة من ملتقى الفكر الإسلامي

بعنوان : فضائل العشر

أ.د/ محمد الجبالي:

العشر الأواخر من رمضان تتجلى فيها النفحات الربانية

د/ أيمن علي أبو عمر:

المحروم من حرم من الخير في هذه العشر

     في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء اليوم السبت 19 رمضان 1442هـ , الموافق 1/ 5 / 2021م الحلقة التاسعة عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: “فضائل العشر”، حاضر فيها كل من : أ.د/ محمد عبد الستار الجبالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر ، ود/ أيمن علي أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة بوزارة الأوقاف , وقدم للملتقى أ/ حسن الشاذلي المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد أ.د/ محمد الجبالي أننا نعيش في أيام وليالٍ مباركة , والشريعة الإسلامية الغراء جعلت لنا العديد من مواسم الخيرات التي تتضاعف فيها الحسنات , والتي يتدارك فيها المسلم ما فاته من تقصير في الطاعات , يقول (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا” , ومن تلك النفحات شهر رمضان , وهذا الموسم استغله النبي (صلى الله عليه وسلم) رغم أن الله غفر له ذنبه , ولعل ما يميز تلك الأيام المباركة أنها احتوت على ليلة هي خير من ألف شهر , كما قال ربنا سبحانه وتعالى : “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ” , فإذا كان القرآن الكريم قد عظم من فضل تلك الليلة المباركة وأعطاها مزيدًا من العناية , فأحرى بنا أن نأخذ القدوة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فلقد كان يجتهد في العشر الأواخر من شهر رمضان بكل وسائل الخير , بالصلاة , وبقراءة القرآن , ومضاعفة الجود والكرم , حتى قالوا إنه كان أسرع بالخير من الريح المرسلة , كما أن في هذه الأيام تتجلى فيها النفحات الربانية من حيث إنها اشتملت على شعيرة من أهم الشعائر الدينية , ليس على المستوى الفردي فقط , بل على المستوى الفردي والجماعي , ألا وهي شعيرة صدقة الفطر , وتسمى بزكاة الأبدان أو زكاة الرؤوس , وهذه الصدقة تجبر الخلل والنقص الموجود في أعمال الشهر كما هو الحال في نوافل الصلاة , موضحًا أن الطاعة في هذه الأيام تتضاعف فيها الحسنات ، فلنغتنم الأوقات الفاضلة التي جعلها الله (عز وجل) مواسم ونفحات.
مبينًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطانا المثل في الاعتدال في العبادة , وليس التشدد كما يدعي البعض , ففي الحديث الشريف : “جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي”.
وفي كلمته أكد د/ أيمن علي أبو عمر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يهتم بهذه الأيام العشر اهتمامًا كبيرًا , فكان يجتهد فيها مالا يجتهد في غيرها , وكان (صلى الله عليه وسلم) يقضيها كاملة في العبادة , “فعَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَر” , كناية عن التفرغ للطاعة والعبادة , وذلك مما يُشعِر بالاهتمام العظيم بالعبادة، والتفرُّغ لها، والانقطاع لها عن كلِّ شاغِل , وعنها (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قَالَتْ : “أن النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) كان يعتكف العَشْر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله”؛ أي لا يشتغِل بغير العبادة فيها اغتنامًا للفرصة , والسر في كثرة اجتهاده (صلى الله عليه وسلم) في هذه الأيام العشر أكثر من غيرها ؛ هو أن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر , ولهذا الفضل العظيم كان الصحابة الكرام (رضوان الله تعالى عليهم) يعيشون العام كله بحال رمضان , فكانوا يستقبلونه بستة أشهر , ويودعونه بستة أشهر , ونبينا (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا أن المحروم من حرم من الخير في هذا الشهر , فإن لم يتب في رمضان فمتى يتب ؟ وإن لم يرجع فمتى يرجع؟ كما ينبغي أن يأخذ الإنسان من هذا الشهر العبرة والفرصة ويستكمل باقي العام على هذه الحالة ويمتنع عن الحرام في ما بعد رمضان , وقد تحدث أمير الشعراء أحمد شوقي عن الصوم فقال : «الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب، وباطنه الرحمة” , من أجل ذلك كان الصيام من أعظم الأعمال التي يظهر فيها العبد إخلاصه لله تعالى فيقول (صلى الله عليه وسلم) : “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به” ، لذا ينبغي أن تترك العبادات أثرًا في أخلاق الصائم , وهي الأخلاق التي جاء بها نبينا (صلى الله عليه وسلم) ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “إنما بعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ” , فرب صائم لا يناله من صيامه إلا الجوع والعطش , موضحًا أنه ينبغي تقديرًا لشرف هذا الزمان أن يحدد الإنسان هدفه , فكان (صلى الله عليه وسلم) يعتكف في هذه الأيام لإدراك ليلة القدر , وحثنا على قيامها قائلًا : “مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” , ولما كانت أعمار الأمة قصيرة عوضها الله (عز وجل) بهذه الليلة فيقول (صلى الله عليه وسلم) : “أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ” فجاءت هذه الليلة تعويضًا لأغلى سلعة يحصل عليها المسلم وهي الجنة , “ألا إن سلعةَ اللهِ غاليةٌ ألا إن سلعةَ اللهِ الجنةُ”.
اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى