:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

في الحلقة الرابعة عشرة من برنامج “رؤية”
على الفضائية المصرية

في الحلقة الرابعة عشرة من برنامج “رؤية”

على الفضائية المصرية

وزير الأوقاف :

المال الحرام سم قاتل لصاحبه في الدنيا

ونار تحرق في الآخرة

واليد الأمينة عزيزة

والخائنة ذليلة مهانة

لا قيمة لها

ويؤكد :

خاب وخسر من أكل الحرام

ببيعه لوطنه وبلده وأهله

في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال الحلقة الرابعة عشرة من برنامج “رؤية” للفكر المستنير حول كتاب: “الكليات الست (3)” اليوم الاثنين 14 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 26/ ٤/ ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة ، أن العلماء والفقهاء والأصوليون كما أجمعوا على أن الحفاظ على النفس من الكليات التي أمر الشارع الحنيف بالحفاظ عليها , أجمعوا كذلك على أن حفظ المال من الكليات , فكثير من المشكلات بما فيها قتل النفس قد يحدث خلافًا على المال أو بسبب المال , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “يا أيُّها النَّاسُ إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا ، وإنَّ اللَّهَ أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بِه المرسلينَ فقالَ (يَا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) , وقالَ مخاطبًا عباده المؤمنين : (يأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)” , ويقول سبحانه : “قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” , فالمال الحرام سم قاتل لصاحبه في الدنيا والآخرة , في الدنيا يضيع دينه وربما يكون وبالًا على صحته وعلى ماله , يقول الشاعر :
جمع الحرام إلى الحلال ليكثره
دخل الحرام على الحلال فبعثره
وفي الآخرة حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” , فالمال الحرام قتل للنفس : “وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إنَّ رجالًا يَتخوَّضونَ في مالِ اللَّهِ ورسولِهِ بغَيرِ حقٍّ لَهُمُ النَّارُ يومَ القيامةِ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) :” كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ -مِنْ حَرَامٍ- فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ” , ويصبح المال الحرام جريمة مركبة في ثلاثة أحوال أولها : إذا كان اعتداءً على المال العام سطوًا أو نهبًا أو اختلاسًا , أيًا كان نوع الاعتداء على المال العام , وذلك لكثرة النفوس والذمم المتعلقة بالمال العام , يقول الحق سبحانه وتعالى : “وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يظلمون” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَومَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ” , فمن يعتدون على المال العام أو الحق العام يبوؤون بغضب عظيم من الله (عز وجل) يوم القيامة , ويكون المال الحرام جريمة مركبة إذا كان بأذى الخلق غشًا أو احتكارًا أو استغلالًا , يقول (صلى الله عليه وسلم) : “من غش أمتي فليس مني” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَن غشَّنا فليس منا” , وفي رواية في صحيح مسلم : “مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي” , فالمسلم لا يكون غشاشًا لا للمسلم ولا لغير المسلم ولا لأحد على الإطلاق , أما الذين يستغلون أحوال الناس فيرفعون عليهم الأسعار , سواء بالاحتكار أو بغيره , فيقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ دَخَلَ في شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” , أي أن يقعده مقعدًا عظيمًا في نار جهنم يوم القيامة , أما النوع الثالث من الحرام المركب وأشد أنواع الحرام , فهو أكل الحرام بخيانة الأوطان , كالأبواق المأجورة التي تتطاول على أوطانها بغية تحصيل المال , وكالجماعات المشبوهة ضد أوطانها , هؤلاء كما قال الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري :
ولقد رأى المستعمرون فرائسًا
منا وألفوا كلب صيد سائبا
فتعاهدوه فراح طوع بنانهم
يبغون أنيابًا له ومخالبا
مستأجرين يخربون بلادهم
ويكافئون على الخراب رواتبا
خاب وخسر من أكل الحرام ببيعه لوطنه وبلده وأهله , وللحفاظ على المال أحاطه الإسلام بسياجات عديدة من الحفظ منها قوله تعالى: “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” , قال أحد الناس لصاحبه : هذه اليد ديتها إن قطعت خمسمائة دينار من الذهب الخالص , فما بالها إن سرقت تقطع في ربع دينار , فأجابه : عز الأمانة أغلاها , فأنشأ يقول شعرًا :
يد بخمس مئين من عسجد وديت
ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجابه قائلًا :
عز الأمانة أغلاها وأرخصها
ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
فاليد الأمينة عزيزة , والخائنة ذليلة مهانة لا قيمة لها , وأمرنا بأداء الأمانات فقال سبحانه وتعالى : “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا” , وقال نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّه” , وأمرنا بالوفاء بالعهود والعقود فقال سبحانه : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ” , وحثنا على كتابة الدين حفظًا للمال , فقال سبحانه : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا” , وبدء بالصغير قبل الكبير تأكيدًا على أهمية كتابة الديون وأهمية الوفاء بها, بل نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير فقال سبحانه : “وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا” , وقال سبحانه : “وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا معروفا” , فالمال الحلال بركة في الدنيا ورحمة في الآخرة , ولما سأل سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) نبينا (صلى الله عليه وسلم) قال: يا رسول الله ادع الله لي أن أكون مستجاب الدعوة , قال : ” يا سعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ؛ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ” , وعند الصدقة يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” إ نَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا” , وإذا حج الإنسان بالمال الحرام وقال لبيك اللهم لبيك , قيل له: لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك , كل ذلك من أجل الحفاظ على المال وعدم الوقوع في المال الحرام.
نسأل الله (عز وجل) أن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه إنه ولي ذلك والقادر عليه
اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى