*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة الثانية عشرة من برنامج (رؤية) على الفضائية المصرية
في الحلقة الثانية عشرة من برنامج (رؤية)
على الفضائية المصرية
وزير الأوقاف :
نحتاج إلى قراءة النص
في ضوء متغيرات العصر
و يؤكد :
الدين لا بد له من دولة وطنية
آمنة مستقرة تحمله وتحميه
والأديان قائمة على الرحمة
والسماحة وحوائج الناس
في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال الحلقة الثانية عشرة من برنامج : “رؤية” للفكر المستنير يوم السبت 12 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 24/ ٤/ ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة, أن حلقة اليوم من الأهمية بمكان ، حيث تأتي في عمق تجديد الخطاب الديني من خلال الحديث عن كتاب: “مفهوم الكليات الست” , ويأتي ذلك من حيث العمل على وضع الأمور في نصابها , بالتفرقة بين الثابت والمتغير , والمقدس الحقيقي وغير المقدس , مؤكدين على قصر التقديس على الذات الإلهية , وعلى كتاب الله (عز وجل) , وثابت سنة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , أما القراءات التي قامت على قراءة النصوص فهي من المتغيرات , فقد تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأحوال , ونبعت فكرة هذا الكتاب من اهتمامنا بأهمية ومشروعية الدولة الوطنية , حيث حاولت الجماعات المتطرفة أن تضع الناس في تقابلية خاطئة , إما أن تكون مع الدين , وإما أن تكون مع الوطن , مع أن الدين لا ينشأ ولا يُحمى ولا يحفظ في الهواء الطلق , إنما لا بد له من دولة وطنية آمنة مستقرة تحمله وتحميه , وبما أن الحفاظ على الوطن وعلى بناء الدولة وكيانها لا يقل أهمية عما ذكره العلماء من الحفاظ على النفس أو المال أو العرض , ذلك أن أي وطني شريف إنما يفتدي وطنه بنفسه وماله , فبدون الوطن لا بقاء للنفس ولا للمال ولا للعرض , ولا حتى للدين , لأن الدين لابد له من وطن آمن مستقر , أما المشردون فلا يقيمون دينًا ولا دولة , وتحدث العلماء عن الكليات فذكروا الدين والنفس والمال والعقل والعرض مع تقديم وتأخير , ورأينا أن الوطن من الأهمية بمكان أن يكون في العمق والصميم من هذه الكليات , فجعلنا الكتاب مبنيًّا على ست كليات هي : الدين والوطن والنفس والمال والعقل والعرض , أما الدين : فهو فطرة الله التي فطر الناس عليها , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : “فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” , ويقول سبحانه : ” أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ” , ويقول سبحانه : “وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” , على أن مهمة الأنبياء والرسل والأديان هي الإصلاح , فحيث تكون المصلحة فثمة شرع الله , والدين الحقيقي هو فن صناعة الحياة , وليس فن صناعة الموت , وهو فن صناعة السعادة لا الشقاء , ألم يقل الحق سبحانه وتعالى مخاطبًا نبيه (صلى الله عليه وسلم) : ” طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى” , أي ما جاء القرآن الكريم ولا جاءت السنة النبوية المطهرة , ولا جاء الوحي الشريف لشقاء الناس , بل إن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول : “اللهُمَّ مَنْ ولِي من أمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهمْ فارْفُقْ به ،ومَنْ ولِيَ من أمرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عليهم فاشْقُقْ علَيهِ” فالأديان قائمة على الرحمة والسماحة وحوائج الناس ، قال تعالى: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ” ، لتحقيق العدل بين الناس ، ويقول سبحانه :”يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ”، ويقول سبحانه لنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” ويقول سبحانه وتعالى على لسان سيدنا شعيب (عليه السلام) : “أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ”، ويقول سبحانه على لسان نبي الله (عز وجل) سيدنا صالح (عليه السلام): “فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ”، ومن الآيات المحكمات التي أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية الوصايا العشر في أواخر سورة الأنعام، قال تعالى: “قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً” ، فجميع الأديان السماوية أجمعت على بر الوالدين وعلى إثم من يعق والديه ، وقال تعالى : “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ مِّنْ إمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ” ، فجميع الأديان والشرائع السماوية على حرمة قتل النفس، قال تعالى :”ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”، وقال تعالى : “وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ “، أروني أي شريعة سماوية أجازت أكل مال اليتيم أو أكل السحت أو أجازت الكذب أو أجازت الظلم ،قال تعالى :”وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” قال سيدنا عبدالله بن عباس (رضي الله عنهما) هذه آيات محكمات لم تنسخ في أي شريعة من الشرائع ولا ملة من الملل، ولذلك جميع الأديان تحذر من الإلحاد والكفر بالخالق (عز وجل) فالإلحاد هو الخروج على منهج الله وفطرته التي فطر الناس عليها مدمر لصاحبه وللمجتمع، مهلك للإنسان في أمر دينه ودنياه، فواقع الملحدين مرٌ مليء بالمشكلات ، ويكفي أن نقف عند قول الله تعالى : “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” نص ثابت في القرآن ، قال تعالى: “وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى” ، ويقول سبحانه: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ” , ثم إن الإيمان يحجز صاحبه عن الموبقات يقولون من الصعب بل ربما كان من المستبعد أو المستحيل أن نجعل لكل إنسان جنديًا أو شرطيًا أو حارسًا يحرسه أو يراقبه ، ولكن من السهل أن نصنع في كل إنسان ضميرًا حيًا ينطق بالحق ويدفع إليه ، راقبناه أو لم نراقبه ، لأنه يراقب من لا تأخذه سنة ولا نوم .
نسأل الله أن يملأ قلوبنا بالإيمان إنه ولي ذلك والقادر عليه.