*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
في الحلقة الثانية عشرة من ملتقى الفكر الإسلامي
في الحلقة الثانية عشرة من ملتقى الفكر الإسلامي
بعنوان : الاستئذان
د/ أحمد علي سليمان :
الاستئذان قيمة حضارية حثّ عليها الدين الحنيف
الشيخ/ محمود الأبيدي :
الاستئذان من الآداب الإسلامية الراقية
في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أذيعت مساء اليوم السبت 12 رمضان 1442هـ الموافق 24/ 4 / 2021م الحلقة الثانية عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: “الاستئذان” ، حاضر فيها كل من : د/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، والشيخ / محمود الأبيدي إمام المسجد الكبير بمدينتي، وقدم للملتقى الإعلامي الأستاذ /عمر حرب المذيع بقناة النيل الثقافية
وفي كلمته أكد الدكتور/ أحمد علي سليمان أنَّ الاستئذانَ من القيم الحضارية والمهمة، التي حثّ عليها الدين الحنيف؛ لحماية البيوت والأعراض والعلاقات، والتي تُعد سبقًا حضاريًّا، حيث سبق الإسلام إلى فن “الإتيكيت والبروتوكول” الأسري والاجتماعي محذرًا من أن عدم الاستئذان يؤدي إلى إفشاء الأسرار، والولوج إلى الحرام والعياذ بالله؛ لذلك أفرد القرآن الكريم آيات محكمة لآداب الاستئذان، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، وأكد أننا في حاجة ماسة إلى نشر ثقافة الاستئذان في كل مناحي الحياة، وتثقيف الجميع بهذه الثقافة الإسلامية الرشيدة.
كما نبه على أن الإسلام أوجب على أتباعه مراعاة حرمات الآخرين، في النفس، والعرض، والمال، وحرَّم تتبع عورات الناس؛ حفظًا للأفراد والمجتمع والأعراض؛ لذلك أوجب الله- تعالى- الاستئذان عند دخول بيوت الآخرين، وحرَّم دخولها إذا لم يكن فيها أحد، وأوجب الرجوع إذا لم يؤذن للداخل، وأكد أنه لا حرج من دخول الأماكن غير المسكونة مثل: الأسواق، قال تعالى : ” لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ”، شريطة مراعاة نظمها ولوائحها، مشيرًا إلى أن هناك ثلاث مراحل للاستئذان، وهي: الاستئناس أي اختيار الوقت المناسب – وإلقاء التحية والسلام – والاستئذان، مبينا أنه يجب الابتعاد عن باب البيت، بحيث يقف عن يمينه أو شماله، ولا يسلط نظره عليه؛ حتى لا تقع عينه على شيء في الدار، وأن يترك لهم فرصةَ الاستِعداد لاستِقباله، فلا يطرق الباب ويدخل؛ وإنما يتريَّث حتى يَسمَع الإذن له بالدخول وإلا فليرجع فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ (رضي الله عنه) قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمُ، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ»،ويحرم نظر الشخص في بيت غيره إلا بإذنه، ويجب عليه إلقاء السلام والبشاشة عند الدخول وعند الانصراف، ويُسَلّمُ الصغيرُ على الكبيرِ، والماشي على القاعِد، والراكبُ على الماشي، والقليلُ على الكثيرِ، ويلزم الاستئذان عند الخروج كما علمنا النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) .
وفي كلمته أكد الشيخ / محمود الأبيدي أن الاستئذان من مكارم الأخلاق السامية ، وأدب من آداب الإسلام الراقية ، ولايتصف به إلا النبلاء الشرفاء ، وأن اختيار الأوقات المناسبة للزيارة من الآداب السامية والأخلاق الراقية التي أمرنا بها الإسلام، مشيرًا إلى أن هناك أوقاتاً لا يُحب الناس أن يستأذن عليهم أحد فيها؛ كالوقت المتأخر من الليل، أو الصباح الباكر جدا، أو عند الظهيرة، وقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْض” مشيرًا إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) علَّمنا كيفيةَ الاستئذان وصيغته، فعَنْ رِبْعِيِّ بنِ عَامِرٍ (رضي الله عنه) أنَّ رجلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ فِي بَيْتِه، فَقَالَ أَأَلِجُ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) لِخَادِمِهِ: ” اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ” . فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) فَدَخَلَ”. فالسُّنة تقديم السلام قبل الاستئذان، مؤكدًا أن من آداب الاستئذان: غض البصر ، وعدم استقبال الباب، فيقف المستأذِن عن يمين الباب أو شماله؛ حتى لا يقع بصره على موضعٍ لا يحل له النظر إليه، أو على شيء يكره صاحب المنزل لأحدٍ رؤيته، موضحًا بأنه يحرم نظر الرجل في بيت غيره إلاَّ بإذنه؛ لأنَّ الاستئذان لم يُشرع إلاَّ من أجل البصر؛ كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ”، مؤكدًا أن مفهوم الاستئذان مفهوم شامل في جميع مناحي الحياة .