*:*الأخبارأخبار الأوقاف2

في ثامن حلقات برنامج (رؤية) على الفضائية المصرية

في ثامن حلقات برنامج (رؤية) على الفضائية المصرية

وزير الأوقاف:

المؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف

واليد العليا هي اليد المعطية التي تعمل وتجتهد

ويؤكد:

ديننا يدعو إلى العمل والإتقان لا إلى البطالة والكسل

 

     في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال ثامن حلقات برنامج : “رؤية” للفكر المستنير حول كتاب: “الإسلام يتحدث عن نفسه (3)” اليوم الثلاثاء 8 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 20/ ٤/ ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وعدد من القنوات المتخصصة ، أن الإسلام هو دين الرحمة , ودين مكارم الأخلاق , واليسر , والتسامح , فإنه لم يغفل أمر الحياة , فتحدث في مبحثين في غاية الأهمية , هما : العمل والإنتاج , والمبحث الثاني : الإتقان يقول الحق سبحانه وتعالى : “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” , ولم يقل: اقعدوا وكلوا , وإنما قال : “فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا” , اسعوا واطلبوا السعي , وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول : “لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول : اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة” , وكان سيدنا عراك بن مالك إذا صلى الجمعة وقف على باب المسجد وقال : “اللهم إني قد أجبت دعوتك وأديت فريضتك ثم انطلقت كما أمرتني فارزقني وأنت خير الرازقين” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : “لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ التوكل لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً” ، أي: تذهب مبكرةً في الغدو للسعي على رزقها جائعة ، ثم تعود ممتلئة البطون , وخرج أحد الصالحين إلى بستان في سفر وتجارة , فبينما هو في ذلك البستان وجد طائرًا كسيرًا جريحا , فقال : كيف يُطعم ويُسقى هذا الطائر الكسير الجريح , وبينما هو يفكر في هذه الحال , إذا بطائر آخر يحمل لهذا الطائر طعامه , فقال يا سبحان الله ! رزق الإنسان سيأتيه , ثم حكى ذلك لأحد أصدقائه وأصحابه فقال له : يا هذا كيف ترضى لنفسك أن تكون كالطائر الكسير الجريح الذي ألجأته الحاجة والضرورة إلى آخر من بني جنسه , ولم تسع لأن تكون أنت الطائر القوي الشجاع الذي يسعى على نفسه وعلى الضعفاء من بني جنسه , ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله (عز وجل) من المؤمن الضعيف” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ” , واليد العليا هي اليد المعطية , هي التي تعمل وتجتهد , ولما أمسك النبي (صلى الله عليه وسلم) بيد أحد أصحابه وهي خشنة من أثر العمل , قال له هذه يد يحبها الله ورسوله يا سعد , فالله (عز وجل) يحب اليد العاملة القوية , ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب اليد العاملة القوية , ولما سأله سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) يا رسول الله أدع الله أن أكون مستجاب الدعوة , قال له : “يا سعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ؛ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ” , وطيب المطعم يكون بالسعي الحلال وبالعمل الحلال , ولما مر أحد الناس على أصحاب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فرأى أصحابُ النبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) من جلَدِه ونشاطِه فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو كان هذا في سبيلِ اللهِ؟! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إنْ كان خرج يسعى على ولدِه صغارًا فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرج يسعى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ” , فالسعي على الحياة , وعلى توفير معيشة كريمة لنفسك وأهلك فهو في سبيل الله , هذا هو ديننا يدعو إلى العمل لا إلى البطالة والكسل بل يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ” أي يجمع الأخشاب من قمم الجبال ويحملها على ظهره “خَيْرٌ له مِن أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إذا قامَتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكُم فَسيلةً فإنِ استَطاعَ أن لا تَقومَ حتَّى يغرِسَها فلْيغرِسْها” , يعلم أن الساعة ستقوم , لكن العمل لشرف العمل , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا مِن إنسان يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌ” , ديننا دين العمل حتى لا يحتاج الإنسان أن يمد يده لغيره , لأن المسائل كدوح يوم القيامة, يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” المَسائلُ كُدوحٌ – خدوش- يكدَحُ بها الرَّجلُ وجهَه ، فمن شاء أبقَى على وجهِه ومن شاء ترك” , وكان الإمام علي (رضي الله عنه) يقول :

لحمل الصخر من قمم الجبال
أحب إلي من منن الرجال
يقول الناس لي في الكسب عيب
فقلت العيب في ذل السؤال

على أن ديننا الحنيف لم يطلب مجرد العمل , وإنما طلب الإتقان فيه , يقول الحق سبحانه : ” وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ” , ويقول سبحانه : ” الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ” , ويقول سبحانه : ” مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ” , ويقول سبحانه : ” وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “‏إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ”, وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال : شهدت مع أبي جنازةً شهدها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , ثم يؤكد وأنا غلام أعقل وأفهم , فانتُهي بالجنازة إلى القبر ولم يمكن لها , أي وضعوها دون أن يسووا مكانها , فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : “سَوّوا لَحْدَ هَذَا” , حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ سُنَّة، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِم فَقَالَ: َ”أمَا إِنَّ هَذَا لاَ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَلاَ يَضُرُّهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ الْعَامِلِ إِذَا عمل أن يُحسن” , ديننا دين الإتقان دين الإحسان , إتقان الصنعة , إتقان العمل , إتقان الزراعة , إتقان الصناعة , الأمانة في التجارة , هذا هو الإسلام، نسأل الله أن يرزقنا حسن الفهم وحسن الاتباع.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى