وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد “الغنيمي” بمنيا القمح بمحافظة الشرقية : القرآن الكريم معجزة متجددة إلى يوم القيامة وسيظل يقدم للإنسانية جيلًا بعد جيل دليلًا إثر دليل على صدق الرسول (صلى الله عليه وسلم) فَمِن أين عرف العرب مراحل تطور خلق الجنين قبل عصر العلم الحديث؟ ومَن الذي علمهم أن الخلايا العظمية للجنين تخلق أولًا؟ ثم تكسى لحمًا بلا فاصل زمني طويل؟ ومن الذي أخبرهم أن الجبال تمر مر السحاب؟ إنه الله ولا أحد سواه
وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد “الغنيمي” بكفر الغنيمي بمنيا القمح محافظة الشرقية :
القرآن الكريم معجزة متجددة إلى يوم القيامة
وسيظل يقدم للإنسانية جيلًا بعد جيل دليلًا إثر دليل على صدق الرسول (صلى الله عليه وسلم)
فَمِن أين عرف العرب مراحل تطور خلق الجنين قبل عصر العلم الحديث؟
ومَن الذي علمهم أن الخلايا العظمية للجنين تخلق أولًا؟ ثم تكسى لحمًا بلا فاصل زمني طويل؟
ومن الذي أخبرهم أن الجبال تمر مر السحاب؟
إنه الله ولا أحد سواه
ويؤكد :
يجب أن يكون القرآن الكريم أنيسًا لنا في شهر القرآن
ونحذِّر من اتخاذه مهجورًا تلاوة أو عملًا
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 16/ 4/ 2021م خطبة الجمعة بمسجد “الغنيمي” بكفر الغنيمي بمنيا القمح محافظة الشرقية ، بحضور سيادة الدكتور/ ممدوح غراب محافظ الشرقية ، وأ.د/ أحمد عبدالمعطي نائب محافظ الشرقية ، واللواء/ إبراهيم عبد الغفار مدير أمن الشرقية ، وأ/ محمودالمرسي رئيس مجلس ومدينة منيا القمح ، وأ/ عصام نصرت مدير عام فرع الثقافة بمحافظة الشرقية ،والشيخ/ مجدي بدران مدير مديرية أوقاف الشرقية ، والدكتور/ محمد إبراهيم حامد وكيل المديرية ، وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة الشرقية ، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.
وفي بداية خطبته أكد معاليه أن هذا هو شهر الصيام والقرآن ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقولُ الْقرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ” ، فالقرآن هو كلام الله ، من قال به صدق ، ومن حكم عدل ، ومن استمسك به هدي إلى صراط مستقيم ، فهو أحسن الحديث وأعذبه ، وأعظمه ، وأصدقه ، وأجمله ، حيث يقول سبحانه : “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” ، ويقول سبحانه : “وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا” ، لم تلبث الجن إذ سمعته أن قالوا : “إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا” ، وما أن سمع أحد الأعراب قوله تعالى : “وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” ، حتى قال: أشهد أن هذا كلام رب العالمين لا يشبه كلام المخلوقين ، وإلا فمن ذا الذي يأمر السماء أن تقلع عن إنزال الماء فتقلع ؟ ويأمر الأرض أن تبلع ماءها فتبلع ؟ إنه رب العالمين ولا أحد سواه.
ثم ضرب معاليه نماذج على قدرة رب العالمين من الواقع ومن الكون حولنا ومن أنفسنا ؛ حيث يقول سبحانه : “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ” ، مستشهدًا معاليه بقوله تعالى : “لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ” ، أيظن خطأ وجهلا أو جحودًا أن لن نجمع عظامه ، فليأخذ مثالًا من حياته ودليلًا عمليًّا على القدرة الإلهية غير المتناهية “بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ” ، واختص النص القرآني البنان دون سواه من الأعضاء كالوجه مثلًا ، مع ما فيه من ملامح ، فقد أثبت العلم الحديث في كل بلاد الدنيا ، أنه من بين مليارات البشر منذ أن خلق الله الأرض إلى يوم الناس هذا ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لا يوجد تطابق بين بنان إنسان وبنان إنسان آخر ، فهذه البصمة لا يمكن أن تتطابق بين شخصين ، لا ممن هم على قيد الحياة ولا من الأموات ، حتى التوائم المتشابهة ، والتوائم المتلاصقة ، التي يصعب التفريق بينها ، يُفرق بينها ببصمة البنان ، فمن الذي علم سيدنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) ذلك منذ مايزيد على١٤٠٠ عام ؟ إنه الواحد الأحد ، فيا أيها الإنسان “مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ” ، “أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا” ، ولم يقل أنفقت ، بل أهلكت وضيعت “أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ” ، وكما بدأ أول خلق يعيده.
مشيرًا معاليه إلى أنموذج آخر ، وهو مأخوذ أيضا من واقع خلق الإنسان ، حيث يقول الحق سبحانه : “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ” ، فمراحل خلق الإنسان من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام إلى نفخ الروح ، التي تتبعها العلم الحديث بأحدث التقنيات الطبية ، وبأحدث أجهزة التصوير الطبي ، ليؤكد أن الخلايا العظمية تُخلق قبل الخلايا اللحمية ، ثم تكسى اللحم ، وبينهما نحو أسبوع واحد ، فسبحان من قال : “فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا” وعبر بالفاء التي تفيد الترتيب والتعقيب ، “فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ” ، “هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ” ، فمن الذي علم سيدنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) ، وأعلمه بمراحل تكوين الجنين ، في بيئة وطبيعة لم يكن فيها تصوير طبي ، ولا غير طبي ، فمن الذي علّم سيدنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) وأخبره بها ، مما أدهش علماء الطب والأجنة ، إنه الله سبحانه ، ولا أحد سواه ، فهذا هو كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وفيه يقول (صلى الله عليه وسلم) : “تركتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُم به، لن تضلُّوا أبدًا كتاب الله، وسُنَّة نبيِّكم”.
مشيرًا معاليه إلى أن هذا شهر القرآن ، فعلينا ألا نجعل القرآن مهجورا ، فمن شغلته الدنيا في زمان ما ، فهذا شهر القرآن ومدارسة القران ومراجعة القرآن ، “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا” ، فيجيب الحق سبحانه : “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ” ، أي: يصد عن الحق ويصد عن كتاب الله ، هكذا الدنيا صراع بين الحق والباطل ، بين الشهوات والطاعات ، امتحان وابتلاءات ، لست وحدك “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ” ، فهم الذين قالوا: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ” ، وهذا دأب الكافرين منذ أن خلق الله الأرض إلى أن تقوم الساعة ؛ صراع بين الحق والباطل ، فلا يغلبنكم أحد على كتاب الله (عز وجل) تمسكوا به ، فهو الحق المبين ، والصراط المستقيم ، من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن استمسك به هدى إلى صراط مستقيم .
مختتمًا معاليه بالتأكيد على أن رمضان شهر القرآن ، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) خلقه القرآن ، داعيًا معاليه إلى التخلق بأخلاق القرآن ،وأولها التواضع ، والأدب مع الله ، والأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، والأدب مع الخلق ، والبر ، والرحمة ، والتراحم ، وإطعام الطعام ، وقراءة القرآن .