وزير الأوقاف خلال ثاني حلقات “رؤية” : الصدق أخص علامات الإيمان والكذب أخص علامات النفاق
وزير الأوقاف خلال ثاني حلقات “رؤية” :
الصدق أخص علامات الإيمان
والكذب أخص علامات النفاق
ويؤكد :
الصدق يطلب على مستوى الأفراد والدول
والأمم والدول التي لا تبنى على القيم والأخلاق مآلها السقوط والزوال
في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ. د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال ثاني حلقات برنامج : “رؤية” للفكر المستنير الأربعاء 2 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق 14/ ٤/ ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية وعدد من القنوات المتخصصة أن كتاب “مكارم الأخلاق” من سلسلة “رؤية” يتحدث عن الصدق ، والأمانة ، والحياء ، والكلمة الطيبة ، والجود والكرم ، وغيرها من المعاني التي نحث عليها ، ونؤكد عليها في هذا الشهر الفضيل ، فالصائم لا يمكن أن يكون كذابًا أبدًا ، ذلك أن من أخص علامات الإيمان والمؤمنين ؛ الصدق ، حتى عرّف بعض العلماء الإيمان بالصدق ، فقال : الإيمان الحقيقي أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك ، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك ، لأنك توقن وتعلم أن الأمر كله لله سبحانه ، وبيد الله سبحانه ، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، فالصدق كما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وإنَّ الرَّجلَ ليصدقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللَّهِ صدِّيقًا” ، أما الكذب فهو من أخص علامات النفاق ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ” ، وإذا كان الصوم علاقة بين العبد وربه ، حيث يقول الحق سبحانه في الحديث القدسي : ” كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصومُ فإنه لي وأنا أَجْزِي به” ، فلا يليق أبدًا بالصائم الحق الذي يحبس نفسه عن الطعام والشراب ابتغاء مرضاة الله ومراقبة له سبحانه ، وخوفًا منه وطمعًا في ثوابه أن يكون كذابًا ، وأن يتعرض لسخط الله وغضبه بكذب ، وأن يدخل بكذبه في عداد المنافقين ، وهو الذي يبتغى بصومه وجه الله (عز وجل).
كما أشار معاليه إلى أن الصدق عمود الأخلاق حيث وصف به ربنا (عز وجل) نفسه فقال ” قُلْ صَدَقَ اللَّهُ” ، ووصف به أنبياءه ورسله (عليهم السلام) ، فقال سبحانه : “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا” ، مقدمًا الوصف بالصدق على الوصف بالنبوة والرسالة ، وقال في شأن سيدنا إدريس (عليه السلام) : “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا” ، مقدمًا الوصف بالصدق على الوصف بالنبوة والرسالة ، وقال في شأن سيدنا إسماعيل (عليه السلام) : “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا” ، وقال عن حبيبنا ونبينا وسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) : “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” ، فقد عُرف نبينا (صلى الله عليه وسلم) في قومه منذ صغره بالصادق الأمين ، يقول شوقي :
لقَّبتمــوهُ أَميـنَ القـومِ فـي صِغـرٍ
ومــا الأَميــنُ عـلى قـوْلٍ بمتّهَـمِ
كما أوضح معاليه أن القرآن الكريم تحدث عن وعد الصدق ، ولسان الصدق ، وقدم الصدق ، ومدخل الصدق ، ومخرج الصدق ، ومبوأ الصدق ، ومقعد الصدق ، أما مدخل الصدق فهو كل دخول دخلته في طاعة الله وبطاعة الله ، دخلت بيتك أو دخلت السوق أو دخلت مكان العمل مخلصًا النية لله ، مراقبًا لله (عز وجل) ، في عملك وبيعك وشرائك ، وخروج الصدق هو كل خروج خرجته في طاعة الله وبطاعة الله ، أما من خرج في أذى الناس فليس بخروج صدق بل هو خروج كذب ، ومن خرج لطاعة أو إغاثة ملهوف أو زيارة مريض أو مساعدة محتاج فهو مخرج الصدق ، ومبوأ الصدق هو المنزل الحسن في الدنيا ، ومقعد الصدق هو جنة الله يوم القيامة ، نسأل الله (عز وجل) أن يبوئنا مبوأ الصدق وأن يدخلنا جنة الصدق ، ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا ، وقد علمنا ديننا الحنيف : ” رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” ، لك هذه الجماعات التي تضع الإنسان إما أن تختار الدنيا وإما أن تختار الآخرة ، إما أن تكون مع الدنيا وإما أن تكون مع الآخرة ، نسأل الله أن يرزقنا خيري الدنيا والآخرة معًا ، فهو الذي علمنا ذلك : “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” ، أما وعد الصدق فهو الجنة نسأل الله أن يجعلنا من أهلها ، يقول سبحانه : ” أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ” ، وأما لسان الصدق فهو الثناء الحسن الجميل بالحق في الدنيا يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام) : “وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ” ، وهذا عاجل بشرى المؤمن ، حيث: “مُرَّ بجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَمُرَّ بجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا ، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ : وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، قالَ عُمَرُ: فِدًى لكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَمُرَّ بجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن أَثْنَيْتُمْ عليه خَيْرًا وَجَبَتْ له الجَنَّةُ، وَمَن أَثْنَيْتُمْ عليه شَرًّا وَجَبَتْ له النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ” ، وإذا أحب الله عبدًا نادى في ملائكته يا ملائكتي إني أحب فلانًا فأحبوه فيكتب له القبول في الدنيا والفضل إن شاء الله في الآخرة.
وختامًا أؤكد على أمرين ، الأول : أن الصدق كما يُطلب على مستوى الأفراد يطلب على مستوى الدول ، فالدول الصادقة هي التي تفي بعهودها ومواثيقها والتزاماتها تجاه الدول الأخرى ، أما الدول الكاذبة فهي التي لا تفي لا بعهود ولا بمواثيق ولا بالتزامات ولا بالتزامات ، الأمر الآخر : أن الأمم والدول التي لا تبنى على القيم والأخلاق ولا تتعامل بالصدق والشرف مآلها إلى السقوط والزوال وإن طال الأمل ، يقول الشاعر :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ويقول آخر:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتمًا وعويلًا
فالصدق كما يطلب على مستوى الأفراد يطلب على مستوى الدول ، ومكارم الأخلاق كما تطلب على مستوى الأفراد تطلب على مستوى الدول.
نسأل الله أن يهدينا إلى مكارم الأخلاق وأن يرزقنا الصدق في الأقوال والأفعال