وزير الأوقاف خلال أولى حلقات “رؤية” : برنامج رؤية للدين والحياة والسلوك يؤسس لخطاب تجديدي بفكر مستنير ويقدم رؤية مستنيرة حول كثير من القضايا الشائكة
ويؤكد : الصوم مدرسة أخلاقية والعبادة الحق تقوم سلوك صاحبها
في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير ، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر أكد معالي أ. د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال أولى حلقات برنامج : “رؤية” للفكر المستنير حول كتاب: “مكارم الأخلاق (1)” اليوم الثلاثاء 1 رمضان ١٤٤٢هـ الموافق ١٣/ ٤/ ٢٠٢١م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية وعدد من القنوات المتخصصة – أن شهر رمضان شهر النفحات ، حيث يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا”، ومن أهم النفحات في كل عام ، نفحات هذا الشهر العظيم الفضيل الذي أنزل فيه القرآن ،هدى للناس وهو الشهر الذي قال في حقه نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” ، وقال(صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : “مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” ، وصعد النبي (صلى الله عليه وسلم) المنبر فلمَّا رقِي الدَّرجةَ الأولَى ، قال : آمين ، ثمَّ رقِي الثَّانيةَ ، فقال : آمين ، ثمَّ رقِي الثَّالثةَ فقال : آمين ، فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! سمِعناك تقولُ آمين ثلاثَ مرَّاتٍ ، قال : لمَّا رقِيتُ الدَّرجةَ الأولَى جاءني جبريلُ فقال : شَقِي عبدٌ أدرك رمضانَ فانسلخ منه ولم يُغفرْ له فقلتُ : آمين ، ثمَّ قال : شَقِي عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنَّةَ فقلتُ آمين ، ثمَّ قال : شَقِي عبدٌ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك فقلتُ : آمين” .
مشيرًا معاليه إلى أن مع هذا الشهر العظيم تفتح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب النار وينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل ، وفي هذا الشهر تتواصل أعمال الخير من الصلاة والصيام القيام وقراءة القرآن والذكر ومدارسة العلم ، ومن باب مدارسة العلم في هذا الشهرالعظيم يأتي هذا البرنامج “رؤية للدين والحياة” الذي يؤسس لخطاب تجديدي بفكر مستنير يعيش واقعه ويُعمل العقل في فهم صحيح النص ، مع المحافظة على ثوابت الشرع ، نحاول من خلاله قراءة بعض النصوص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا وزماننا وبيئتنا وواقعنا ، لا قضايا ولا متطلبات العصور السابقة وواقع غير واقعنا ، نحاول أيضا من خلاله تقديم رؤية مستنيرة حول كثير من القضايا الشائكة ونعمل من خلاله على تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة ونلقي الضوء على عدد من الموضوعات الهامة مثل: مفهوم العلم النافع ، مخاطر زواج القاصرات ، حق الجوار الدولي ، صدق الدول ، مفهوم عهد الأمان في العصر الحاضر ، الكليات الست ، جزاء المفسدين والمرجفين في الأرض ، فلسفة الحرب والسلم والحكم ، المفهوم الواسع لإطعام الطعام ، لوازم الأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فهم مقاصد السنة النبوية ، حق الوطن على أبنائه ، مقومات بناء الشخصية ، فقه بناء الدول ، ويأتي هذا التناول وهذا البرنامج منهجيًا من خلال تناول بعض الإصدارات التي أصدرتها وزارة الأوقاف المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مع وزارة الثقافة ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب ، وأول كتاب نتناوله من هذه السلسلة كتاب “مكارم الأخلاق”.
ويسأل معاليه سؤالًا لماذا نبدأ بهذا الكتاب؟ في هذا البرنامج؟ ويجيب نبدأ به اتساقًا مع فضائل هذا الشهر العظيم ، فرمضان شهر مكارم الأخلاق وقد علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك وحثنا عليه فقال: “الصوم جُنة” ، أي وقاية ، وقاية من عذاب الله يوم القيامة إن شاء الله ، ووقاية من المعاصي ، ووقاية من سيئ الأخلاق ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ” ، وبعض الناس خطأ أو جهلًا أو عدم فهم لحقيقة الصيام إذا جاء رمضان يقول دعني فإني ضيق الخلق ، يقولون لا تعتب عليه فإنه الآن صائم ، وكأن الصيام يؤزم حاله ، أو يضيق أخلاقه ، مثل هذا النوع من الناس لم يصم حق الصيام ولم يفهم حقيقة الصيام ، فالصوم يقوي العزيمة ، ويضبط السلوك ، ويضبط الأخلاق ويقوِّم أخلاق صاحبه ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : “إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يصخب ، ولا يجهل ، وإن ساببه أحد أو شاتمه لم يقل النبي (صلى الله عليه وسلم) وإن سبه أوشتمه ، لأن صيغة سابب وشاتم صيغة مفاعلة فيها حراك بين شخصين ، أي أن هناك شخصًا آخر يستفزك يحملك على المساببة حملًا ، ويحملك على المشاتمة حملًا ، إلا أنك تستمسك بحبل الله وتعتصم بصيامك ، وتقول: “إني صائم إني صائم” ، والصائم الحق لا يشتم ، ولا يسب ، ولا يتطاول ، ولا يقوم بأي عمل لا يتسق مع مكارم الأخلاق ، فرمضان هو شهر مكارم الأخلاق وديننا دين مكارم الأخلاق , ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إنما بعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ” ، فمع أهمية الصلاة والزكاة والحج وسائر العبادات ، ومع كونها الأركان الأساسية لديننا الحنيف ، إلا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يقل جئت لأُعلِم الناس الصلاة أو الزكاة أو الحج وإنما قال : “إنما بعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ” , لأن العبادات الحقيقية هي التي تحمل على مكارم الأخلاق ، ولما سئل (صلى الله عليه وسلم) “عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، قَالَ: تَقْوى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُق” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) :” إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا الموطأون أكنافا” ، وقال (صلى الله عليه وسلم):” اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخلق حسن” ، ومن الخلق الحسن : القول الحسن ، والفعل الحسن ، يقول تعالى : “وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ” ، ويقول تعالى : ” وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”.