:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

القافلة الدعوية لعلماء الأزهر والأوقاف في خطبة الجمعة بمحافظة بور سعيد اليوم :
مصر في حاجة إلى جهود جميع أبنائها رجالاً ونساءً شباباً وشيوخًا
حتى تنهض بجهود أبنائها جميعاً

azhar-awkaf

انطلقت اليوم الجمعة 27 من صفر 1436هـ ، 19 / 12 / 2014م _ برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر وإشراف معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة عضو المكتب الفني لفضيلة شيخ الأزهر لشئون الدعوة_  قافلة دعوية مشتركة لعلماء الأزهر والأوقاف لأداء خطبة الجمعة بالمساجد الكبرى بمحافظة بور سعيد الباسلة بدعوة كريمة من السيد اللواء/ سماح قنديل محافظ بور سعيد تحت عنوان:(إسهامات المرأة في الحضارة الإسلامية) وهو الموضوع الموحد بجميع مساجد جمهورية مصر العربية اليوم، حيث أكد العلماء المشاركون في القافلةأن دور المرأة لايقل أهمية عن دور الرجل في الدفاع عن الوطن والإسهام في بنائه وحضارته، فهي المربية التي تغرس في نفوس أبنائها حب الوطن والانتماء إليه وأن يكونوا عناصر إيجابية قوية وفعالة في الحياة، فإذا أردنا إطلاق نهضة بناء حقيقية فعلينا أن نركز  اهتمامنا علي الإنسان، وينبغي الالتفات إلى أن المرأة هي نصف المجتمع، فقد نظر الإسلام إليها نظرة سامية  من حيث مشاركتها في ميادين الحياة وممارستها لأنشطتها، وتعليمها، وعملها، ومساعيها الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادي، والعلمية  وفق الضوابط الشرعية، فالمجتمع المصري في حاجة إلى جهود جميع أبنائه رجالاً ونساءً شباباً وشيوخًا حتى ينهض بجهود أبنائه جميعاً.

     فمن على منبر مسجد السلام بمدينة بور سعيد  تحدث أ.د/  عباس شومان وكيل الأزهر الشريف عن مكانة المرأة في الإسلام مؤكدا أن الإسلام رفع  مكانة المرأة ، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال ، خُلقا من أصل واحد- خلقا من ذكر وأنثى- يَسعد كل منهما بالآخر، ويأنس به في هذه الحياة، فهما في الإنسانية سواء ، قال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13]، ولم تعرف البشرية ديناً ولا حضارةً عنيت بالمرأة أجمل عناية وأتم رعاية كالإسلام؛ فقد تحدث عن المرأة وأكد على مكانتها وعظم منزلتها، وجعلها مرفوعة الرأس عالية القدر، لها الاعتبار الأسمى والمقام الأعلى، حيث تتمتع بشخصية محترمة وحقوق مقررة وواجبات معتبرة.

    كما بين أ.د/محمد عبد العاطي عباس عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة في خطبته بمسجد الهدى والنور أن المرأةُ في ظل تعاليم الإسلام القويمة وتوجيهاتِه الحكيمة تعيش حياةً كريمة في مجتمعها المسلم، حياةً مِلؤها الحفاوةُ والتكريم من أوَّل يوم تَقْدُم فيه إلى هذه الحياة ، مُرورًا بكل حال من أحوال حياتها ، أُمًا كانت ، أو بنتاً ، أو أختاَ ، أو زوجة ، أو امرأة من سائر أفراد المجتمع، والإسلام الحنيف أراد للإنسان رجلا أو امرأة أن يقوم بدوره في قيادة البشرية والسير بها في طريق الخير والمحبة والسلام ، والوصول إلى مرضاة الله سبحانه، قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران: 110] ، وقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] ، وقال: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}[الفرقان: 74].

      ومن أعلى منبر مسجد الإمام الحسين ببورسعيد أشار أ.د/ سيف الدين رجب قزامل  الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أن المرأة أسهمت في بناء الحضارة الإسلامية إسهاماً واضحاً من خلال أدوارها المختلفة في المجتمع، فللمرأة دورها الهام في بناء المجتمع ، حيث إن وجودها بارزٌ وواضحٌ في كل مجالات الحياة ،فهذه أم المؤمنين  السيدة أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها صبرت على فراق ابنها الصغير قبل الهجرة ثم صبرت على وفاة زوجها أبو سلمة حتى كافأها الله بالزواج من النبي (صلى الله عليه وسلم )  وكان لها دور سياسي بارز  في صلح الحديبية عندما شعر  المسلمون بأن بنود الصلح كان بها إجحافٌ ،  وأنهم لن يعتمروا هذا العام ، فلم يبادروا بالتحلل من الإحرام ،     فدخل الرسول ( صلى الله عليه وسلم) خيمته وذكر لأم سلمة ما لقي من الناس ،  فأشارت عليه بأن يبدأ بنفسه ، ويتحلل من الإحرام ، وعندئذ سيضطر الجميع إلى التحلل من الإحرام ،فتكون بذلك قد أسهمت بالرأي الذي قدمته  للنبي (صلى الله عليه وسلم ) والمسلمين في تقديم حل عملي يسهل على المسلمين  الأخذ به وهو ما فعله النبي (صلى الله عليه وسلم).

وأكد أ.د/ نادي حسين عبد الجواد الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف في خطبته بمسجد المجمع الإسلامي بالزهور أن المرأة المسلمة  كانت حريصة على طلب العلم والاهتمام به منذ عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى العصور الزاهية بالعطاء والإشعاع العلمي, والإسهام في البناء الحضاري ، إذ كانت تطلب من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يخص النساء بمجلس علم ، ففي الحديث عن أَبي سعيد الخدري ( رضي الله عنه ) ، قَالَ : جَاءَتِ امْرَأَة إِلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ ، فَقَالَ: ( اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا ) فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ، ثُمَّ قَالَ: ( مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّم بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلاَّ كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ ) فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللهِ واثْنَيْنِ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ: (وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ). (متفقٌ عَلَيْهِ).

  كما أوضح أ.د/ جمال فاروق الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف في خطبته بمسجد مريم القطرية أن المرأة أسهمت إسهامات فعالة في الحركة العلمية منذ عصر النبوة إلى الوقت الحالي، وكان لها دور كبير في تعليم العلوم الشرعية, والعلوم اللغوية وتبليغها عبر العصور ، بالإضافة إلى علم الطب والفلك و الرياضيات والتمريض و الحساب و غيرها، فبرزت نساء عالمات , وفقيهات , ومحدثات , ومفتيات, وأديبات, وشاعرات, وفي مجالات الطب والصيدلة والعمل الخيري, وقد كانت النواة الأولى لذلك أمهات المؤمنين , وعلى سبيل المثال: السيدة عائشة – رضي الله عنها –كان بيتها مدرسة و جامعة لـمختلف العلوم ، حتى قال الزهري: ( لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل)، وكان عطاء بن أبى رباح- رحمه الله- يقول: «كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ وَأَعْلَمَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْيًا فِي الْعَامَّةِ» » (رواه الحاكم في المستدرك). وقد أخذ العلمَ عنها كثيرٌ من الصحابة والتابعين،وكذلك أم سلمة – رضي الله عنها – التي اشتهرت بالفقه , وروى عنها كثير من الصحابة والتابعين  ، والسيدة عَمْرَة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وكانت يتيمةٍ في حجر عائشة (رضي الله عنها ) وتربَّتْ تحت ظِلِّها، وكانت من أعلم الناس بحديثها، قال عنها الزركلي في الأعلام: فقيهة عالمة بالحديث ثقة.

وأشار أ.د/ عطية عبد الموجود لاشين أستاذ الفقه المقارن المساعد بجامعة الأزهر الشريف في خطبته بمسجد الشاطئ بمحافظة بورسعيد إلى أن المرأة أسهمت بخبرتها في الطب والصيدلة في الغزوات والحروب التي خاضها المسلمون مع النبي (صلى الله عليه وسلم)   وبعد وفاته ، وعلى سبيل المثال: السيدة رُفيدة الأنصارية أول طبيبة ميدانية ، والتي كانت تداوي الجرحى في الغزوات والحروب, وتحتسب عملها خدمةً للمسلمين ، لقد ارتبط اسمها بخيمتها ، مع كل غزوة من غزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وظهرت خيمة رفيدة على مسرح الأحداث بدءا من يوم أحد ، تستضيف الجرحى ، تضمد جراحاتهم ، وتسعفهم ، وتسهر على راحتهم ، وتواسيهم ، فعَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحُلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَكَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: «كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟» ، وَإِذَا أَصْبَحَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟» فَيُخْبِرُهُ ) (الأدب المفرد).(و الأَكْحَلُ: عِرْق في وسَط الذّراع يَكْثُر فَصْدُه).

       ومن فوق منبر مسجد الرحمة قال الشيخ/ أحمد السيد تركي  مدير عام البحوث والدعوة بوزارة الأوقاف:  لقد ظلت المرأة في الإسلام مشاركة في أمور الحياة العامة مع التزامها بوقارها وأدبها ، فقد عُرفت المرأة في الإسلام معلمة ومتعلمة وقائمة على شأن الفقراء والمساكين حتى أصبح منهن من تلقب بأم المساكين ، وهي (زينب بنت خزيمة ) زوج النبي (صلى الله عليه وسلم ) ، وقد برز في حياة التابعين كثير من النساء الفضليات مثل حفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين سيدة التابعيات ، والتي حفظت القرآن وعمرها اثنتا عشرة سنة، وأم الدرداء الصغرى هُجيمة الوصابية، فقد كانت فقيهة وهي زوجة الصحابي الجليل أبي الدرداء (رضي الله عنه)، وكما أسهمت المرأة في الحركة العلمية والبناء الحضاري ، فقد شاركت كذلك في نشر الدعوة إلى الله – عز وجل – جنبا إلي جنب مع الرجل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , تحقيقا لقوله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [التوبة: 71]

       وفي خطبته بمسجد أم القرى ببور سعيد حذّر د/ حسن السيد خليل الباحث الشرعي بمشيخة الأزهر الشريف  من محاولات بعض المنتسبين إلى الإسلام تشويه صورة المرأة وحصر مهمتها في الفراش والبيت،  فلم تقتصر مكانة المرأة في الإسلام على ذلك ، بل تعددت أدوارها عبر العصور والدهور، فحكمت ، وتولت القضاء ، وعلَّمت ، وخرجت أجيالا ساهمت في البناء الحضاري للأمة الإسلامية ، وغير ذلك كثير مما يشهد به التاريخ، وصفحات التاريخ الإسلامي مليئة بالشخصيات والنماذج التي تظهر قيمة المرأة في الحضارة الإسلامية، وكم لها من إسهامات في بناء المجتمع وإرساء دعائمه.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى