وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز بمحافظة بني سويف: المال الحرام سم قاتل وأكله قتل للنفس والاعتداء على المال العام جريمة مركبة في أكل الحرام
وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز بمحافظة بني سويف:
المال الحرام سم قاتل وأكله قتل للنفس
والاعتداء على المال العام جريمة مركبة في أكل الحرام
والتكسب بخيانة الأوطان مهلكة للدين والعرض والشرف
وهو أعلى درجات الحرمة
الإسراف في التحريم بدون دليل جهل محض
والجهلاء جعلوا التحريم أصلًا
فعكسوا القاعدة الفقهية “أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة”
وتطرف الإرهابيين يذهب إلى أقصى النقيضين في التحليل والتحريم
فلأنفسهم يستحلون الدماء والأموال والأعراض
وعلى غيرهم يحرمون الحلال
فهم يكفرون مخالفيهم ليستبيحوا دماءهم وأعراضهم وديارهم وأموالهم
ويؤكد:
خيانة الأوطان أشد أنواع الخيانة
يستوي في ذلك الأبواق المأجورة وجماعات التقارير المشبوهة
خلال خطبة الجمعة اليوم 26/ 3/ 2021م بمسجد عمر بن عبد العزيز بمدينة ومحافظة بني سويف وفي إطار مشاركة المحافظة بعيدها القومي، بحضور السيد الدكتور/ محمد هاني غنيم محافظ بني سويف ، والسيد الدكتور / عاصم سلامة نائب محافظ بني سويف،والسيد الأستاذ / بلال الحبشي نائب محافظ بني سويف، والسيد اللواء/ جمال مسعود السكرتير العام للمحافظة، والسيد اللواء/ محمد مراد مدير أمن بني سويف مساعد وزير الداخلية ، والسيد العميد / عماد عبد السميع المستشار العسكري، والدكتور/ عبد الله حسن عبد القوي مساعد وزير الأوقاف لشئون المتابعة ، والشيخ/ صفوت نظير مدير مديرية أوقاف بني سويف وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة بني سويف ، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد.
لخص معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف حديثه في نقطتين :
الأولى : وهي محل إجماع بل وتكاد تكون من البديهيات والمسلمات هي أن الحرام سم قاتل ، المال الحرام سم قاتل ، جمع الحرام على الحلال ليكثره ، دخل الحرام على الحلال فبعثره ، وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ، يقول الحق سبحانه وتعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ” ، على أن هذا السحت وهذا السم يتضاعف ويصبح جريمة مركبة في ثلاثة أحوال متعددة الأول: الاعتداء على المال العام سطوًا ، أو رشوة ، أو اختلاسًا ، لكثرة الأنفس والذمم المتعلقة بالمال العام ، الثاني : التكسب بأذى الخلق غشًا أو احتكارًا أو بهتانًا كما قال صلى الله عليه وسلم” مَن غَشَّ فليسَ مِنَّا”، وقال صلى الله عليه وسلم :”من دخلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ منَ النَّارِ يومَ القيامةِ “، أما الثالث: وهو الأخطر والأشد حرمة فهو التكسب بخيانة الأوطان ، سواء أكان ذلك عن طريق التطاول كالأبواق المشبوهة ، أم بكتابة تقارير مغلوطة كالجماعات المأجورة .
مستأجَرِينَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ … ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا
ثم أكد معاليه أن أمرا فارقا بين العلماء والجهلاء هو مدى فهم هؤلاء وأولئك لقضايا الحِل والحرمة، والضيق والسعة؛ فالعالم يدرك أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، وأن التحريم والمنع هو استثناء من الأصل، حيث يقول سبحانه: {قُلْ لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، ويقول تعالى :” قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إن اللَّهَ تعالى فَرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتَدوها، وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتَهِكوها، وسَكَتَ عن أشياءَ – رحمةً بِكُم، غيرَ نِسيانٍ – فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)، ويقول سفيان الثوري (رحمه الله): إنما العلم عندنا الرخصة في فقه، فأما التشدد فُكُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنَهُ. لذلك يقول رَسُولِ اللَّه ﷺ :” إنَّ اللَّه تَعَالَى فَرَضَ فَرائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وحدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وحَرَّم أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وَسكَتَ عَنْ أشْياءَ رَحْمةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ فَلا تَبْحثُوا عَنْهَا”.
فالجهلاء يجعلون الأصل في كل شيء التحريم والمنع، ويطلقون مصطلحات التحريم والتفسيق والتبديع والتكفير دون وعي، غير مدركين ما يترتب على ذلك من آثار، وغير مفرقين بين التحريم والكراهية، ولا حتى ما هو خلاف الأولى، فصعَّبوا على الناس حياتهم، ونفَّروهم من دين الله (عز وجل)، وهو ما حذرنا منه ربنا (عز وجل)، ونبينا (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول سبحانه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُو منا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا).