أكد علماء الأزهر والأوقاف المشاركون في القافلة الدعوية المشتركة بالمساجد الكبرى على مستوى الجمهورية اليوم الجمعة 21-11-2014م – برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر وإشراف معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وعضو المكتب الفني لشيخ الأزهر لشئون الدعوة- في خطبة الجمعة الموحدة بجميع مساجد جمهورية مصر العربية اليوم بعنوان:(الدعوات الهدامة: كشف حقيقتها وسبل مواجهتها) أن ديننا الحنيف يدعو إلى عبادة الله ، وعمارة الكون ، وتزكية النفس ، يقول الحق سبحانه وتعالى : ” هُو أَنْشَأَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ” (هود:61) ، وعمارة الكون من عبادة الله تعالى ، ومن ثم فإن الإفساد في الأرض خروج على مقتضيات هذه العمارة ، وقد نهى الله تعالى عنه فقال سبحانه : ” وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ” (الأعراف 56)، وصور الإفساد في الأرض متعددة : منها الإفساد بالقول ، والإفساد بالفعل ، ويدفع إلى ذلك أمران : أولهما : الفكر المنحرف ، وثانيهما : المؤامرات التي تحاك على بلادنا من الداخل والخارج والتي كانت ولا زالت تهدف إلى إسقاط الدولة والنيل من استقرارها، وأن الدعوة إلى رفع المصاحف وراءها خونة مأجورون.
ففي مسجد فاضل بمدينة السادس من أكتوبر أوضح فضيلة أ.د/ علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء أنه بين الحين والآخر يخرج علينا من يحاول النيل من قواتنا المسلحة تارة ، ويهدد استقرار بلادنا أخرى ، ويشكك في ثوابتنا ثالثة، ففي الوقت الذي تبذل فيه قواتنا المسلحة جهوداً جبارة في حفظ أمن الوطن واستقراره، وتذود عن وطنها ودينها وأمتها، واستطاعت أن تحبط محاولات أعداء الوطن وعملائهم، واستطاعت أن تفرض سيطرتها بإخلاء الشريط الحدودي بسيناء، لتمنع تهريب الأسلحة ودخول الإرهابيين إليها، جاء هذا الحادث البحري الأليم في محاولة سافرة للاعتداء على قواتنا البحرية ؛ ليؤكد على عمق وقوة المؤامرة التي تتعرض لها مصر ؛ لأن هذا الحادث لا يمكن أن يكون جهد أفراد أو جهد جماعات منفردة، إنما هو نتاج مؤامرات كبرى، وجهات خارجية موّلت وسلّحت ودرّبت الإرهابيين المجرمين بتعاون من الخونة والعملاء المأجورين من أتباعهم، ممن لا يؤمنون بوطنهم ، وأعمتهم مطامعهم، فباعوا أنفسهم للشيطان .
ومن أعلى منبر مسجد أسد بن الفرات أكد أ.د/ نادي حسن عبد الجواد الأستاذ بجامعة الأزهر أنه في الوقت الذي تحاك فيه هذه المؤامرات على وطننا لا يكف أعداء الوطن والدين عن أساليبهم ومؤامراتهم الخبيثة بإثارة كل ما من شأنه أن يهدد الأمن والاستقرار ، ويهز تماسك المجتمع تارة بنشر الإلحاد ودعم الملحدين إلحادًا موجَّهًا لهدم المجتمع ، وتارة بدعم المارقين ، واستخدام المتطاولين على الثوابت ممن ظهرت وتظهر على بعضهم علامات الثراء فجأة مما يزيد من الريبة والشك .
وفي مسجد علي بن أبي طالب بالهرم بين أ.د/ عبد المنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين أنه من صور الإفساد في الأرض تلك الدعوات المغرضة التي أطلقها بعض الحاقدين بالدعوة إلى الخروج يوم 28 /11/2014م مع رفع المصاحف ، ونقول لهؤلاء محذرين من الاستجابة لدعوتهم : هذه فعلة الخوارج ، فما أشبه الليلة بالبارحة ، لقد صنع الخوارج هذا الصنيع ، وخرجوا على سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ورفعوا المصاحف ، وقالوا : لا حكم إلا لله ، ثم كفروه ، وهو من هو ( رضي الله عنه)، وكانت فتنة عظيمة سفكت فيها الدماء ونهبت الأموال، وتحول رفع المصاحف إلى رفع السيوف وقتل الآمنين .
وفي الجامع الأزهر العتيق أشار د/ خالد عبد السلام مدير عام الإرشاد الديني بوزارة الأوقاف إلى أنَّ من قواعد الشريعة التي يرفعها أصحاب الدعوات الهدامة ظلما وخداعا: حفظ الدين والنفس، ومن قواعدها أيضًا: أنَّ درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح، وهذه الدعوات التي يرفعونها قد تؤدِّي ما لم نتنبه لها إلي فتنٍ عظيمة تعصف بالبلاد والعباد من قتلٍ، وتدميرٍ، وتخريبٍ، وزعزعة لأمن الفرد والمجتمع.
وفي مسجد النور بالعباسية ذكّر أ.د/ عبد الفتاح عبد الغني عميد كلية أصول الدين بالقاهرة المصلين بأن الشريعة الإسلامية تدعو إلى تعظيم شأن المصحف ، وصيانته عن كلِّ ما لا يليق به ، فكيف بالمصحف الشريف حين يحدث الهرج والمرج، أو يحدث احتكاك بين هؤلاء وبين المعارضين لهم ، أليس من المحتمل، بل من المؤكد أن تسقط بعض المصاحف من أيديهم على الأرض، وربما تُهان بالأقدام، ولا حول ولا قوة إلا بالله؟! سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم إثمه وإفكه على من دعا إليه أو يشارك فيه .
في حين شدد الشيخ/ صبري عبادة مدير مديرية أوقاف الدقهلية في خطبته بمسجد العزيز بالله بالقاهرة على أن إقحام الدين في السياسة والمتاجرة به لكسب تعاطف العامة إثمٌ كبير، وذنبٌ خطير، ويكفى الإسلام ما أصابه من تشويه صورته في الداخل والخارج على يد ولسان بعض المنتسبين إليه ، وليس لهم من حقيقته إلا مجرد أسمائهم وبطاقات هويتهم .
وفي خطبته بمسجد الفتح برمسيس حذّر أ.د/ عبد الحكم صالح سلامه من الجدل حول الثوابت لا يخدم سوى المتشددين الذين يرون أن هناك تطاولا همجيًا على الدين ، فالحكمة تقتضي ما يجمع ولا يفرق ، كما تقتضي الأخذ بما عليه جمهور العلماء ، ثم ما الذي يضير هؤلاء المجادلين من ثبوت عذاب القبر ماداموا يؤمنون بمطلق الحساب الأخروي ؟! وخاصة أننا جميعا نؤمن أن كل إنسان يلقى الله بما قدم ، وأمره ومآله إليه وحده إن شاء عفا وغفر وإن شاء حاسب وعذب ، مما يجعلنا نتساءل بقوة عن سر إثارة هذه القضايا في هذه الأوقات الصعبة التي تحتاج إلى الاصطفاف الوطني في مواجهتها وإعلاء قضايا الأمن القومي على حب الظهور وجميع المصالح الشخصية الضيقة .
وكذلك أكدت جميع المساجد المشتركة في القافلة بمحافظات مصر المتعددة على حرمة المشاركة في هذه التظاهرات الآثمة وعلى إثم من يشارك فيها من الجهلة والخائنين لدينهم ووطنهم .