خلال برنامج ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية بعنوان : “أخلاق الإسلام في التعامل مع الكبار وذوي الهمم”
أ.د/ بكر زكي عوض :
الرحمة في الإسلام واجبة للإنسان و غير الإنسان
أ.د/ محمد علي سلامة :
الإسلام يراعي الضعيف قبل القوي
والصغير قبل الكبير والمريض قبل الصحيح
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 16/ 2/ 2021م ندوة للرأي بعنوان : “أخلاق الإسلام في التعامل مع الكبار وذوي الهمم” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها : الأستاذ الدكتور / بكر زكي عوض العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر , والأستاذ الدكتور/ محمد علي سلامة أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة حلوان , وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ حسن الشاذلي.
وفي كلمته أكد أ.د / بكر زكي عوض أن الإسلام دين الأخلاق الفاضلة ، ولهذا أولى كبار السن وذوي الهمم عناية خاصة ، وجعل الرحمة بهم أمرًا واجبًا شرعًا ، حيث يقول تعالى : “إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” وما أحوجنا أن ننشر خلق الرحمة فهو من مبادئ الإسلام السامية , ولقد تحدث عنه القرآن الكريم , فالله سبحانه وتعالى سمى نفسه الرحمن والرحيم , وصور لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الخلق الذي قسمه الله (عز وجل) إلى مائة قسم فأمسك الحق سبحانه وتعالى تسعة وتسعين لذاته وأنزل قسمًا واحدا تتراحم به الخلائق فيما بينها , فعن سيدنا أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (جَعَلَ اللهُ الرحمةَ مائة جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وأَنْزَلَ في الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلَائِقُ، حتى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) , وتعاليم الإسلام كلها تدعو إلى التراحم بين الناس , فمن ذلك قول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ” ، مؤكدًا أن الرحمة في الإسلام ليست قاصرة على العلاقة بين المسلمين بعضهم مع بعض , بل هي واجبة للمسلم وغير المسلم وللإنسان وغير الإنسان ، مشيرًا إلى أن طائفة من بين بني البشر تمتاز بأنها صاحبة حظ وفير من الرحمة أكثر من غيرهم وهم من يسمون بذوي الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الأعذار ، ونحن نسميهم أصحاب الهمم العالية ، فهم يحتاجون إلى قدر أكبر من الرحمة في التعامل معهم.
وفي كلمته أكد أ.د/ محمد علي سلامة أننا مطالبون أن ندعو الله باسم الرحمن قال تعالى: ” قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّامَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى”، وأن الله لم يسم سورة في القرآن باسم من أسمائه الحسنى إلا سورة الرحمن وهذا الاسم من أكثر أسمائه (سبحانه وتعالى) تداولًا في القرآن الكريم بعد اسم الجلالة , كما أوضح سيادته أن الرحمة التي نشرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من خلال سيرته تملأ قلب الصغار والكبار حنانًا وحبًا ، فلما قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا ، فَقَالَ الْأَقْرَعُ : إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ: ” مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ ”
وأضاف أن الإسلام دين الرفق والرحمة والمحبة والمودة ، يعطي جميع فئات وطوائف المجتمع حقها في العيش الكريم و الحياة السعيدة ، ويراعي فيهم الضعيف قبل القوي والصغير قبل الكبير ، والمريض قبل الصحيح ، مؤكدًا على أن أخلاق الإسلام جاءت لتراعي الفئات الضعيفة التي لا تقوى على قضاء حوائجها ، أو السعي في مصالحها ، وهي فئات مهمة في المجتمع ولها دورها ، لأن الإسلام لا يعرف ما يسمى بالفئات المهمشة ، فالجميع فيه سواء الرجل والمرأة، الصغير والكبير، الغني والفقير.