وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة بمسجد الشرطة بالقاهرة الجديدة : التضحية في سبيل الوطن جزء من صميم عقيدتنا وهي سبيل الشرفاء والعظماء
سيقف التاريخ شاهدًا على تضحيات الأبطال
كما يقف شاهدًا على خيانة العملاء والمأجورين
وسيسجل بحروف من نور تضحيات العظماء
وبمداد الخيانة والغدر أسماء الخونة والعملاء
* * *
يجب أن نفرق بوضوح بين شهيد الحق وقتيل الباطل
ويجب أن نتنبه للتطور الدلالي لمفهوم الجهاد القتالي
فقد أناط الشرع الحنيف ذلك بولي الأمر الشرعي وفق ما ينظمه القانون والدستور
* * *
فإعلان حالة الحرب أو التعبئة العامة أو الخاصة حق حصري لولي الأمر قانونًا ودستورًا
وما سوى ذلك إفساد في الأرض وضلال مبين
ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم 29 / 1 / 2021م خطبة الجمعة بمسجد الشرطة بالقاهرة الجديدة ، بعنوان : ” التضحية لأجل الوطن سبيل الشرفاء والعظماء الأوفياء “، بحضور السيد اللواء/ محمود توفيق وزير الداخلية، وأ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية، والسيد اللواء/ خالد عبد العال محافظ القاهرة، وعدد من قيادات القوات المسلحة، وأعضاء المجلس الأعلى للشرطة ، ولفيف من قيادات وضباط وزارة الداخلية، والقوات المسلحة .
وفي بداية خطبته أكد معاليه أن الله سبحانه هو من يصطفي للشهادة في سبيله من يشاء و يمن بالشهادة على من يشاء ، ويمنحها لمن يشاء ، ويختص بها من يشاء ، مؤكدًا أن التضحية في سبيل الأوطان من صميم عقيدتنا الدينية ، فمصالح الأوطان لا تنفك عن عظيم مقاصد الأديان ، وأن التضحية في سبيل الوطن هى سبيل العظماء والنبلاء والأوفياء الذين يُضحون بأنفسهم في سبيل أوطانهم ، وسيقف التاريخ شامخًا وشاهدًا على تضحيات العظماء الذين يضحون في سبيل أوطانهم مُسجلًا بمداد من نور أسماءهم، وسيقف أيضًا شاهدًا على الخونة والعملاء والمأجورين مُسجلًا أسماءهم بمداد الخيانة والغدر .
كما أكد أننا يجب أن نفرق بوضوح بين شهيد الحق في سبيل الله والوطن ، وقتيل الباطل من أهل الفتنة والضلال وجماعات التكفير والتفجير واستحلال دماء الآمنين ، وأن نُفرق بوضوح شديد أيضًا بين الجهاد الذي هو حق وبين أهل البغي والإفساد في الأرض ، وأن نفرق أيضًا بين الجهاد والقتال، فالجهاد أعم حيث يكون الجهاد بالنفس أو بالمال أو بالكلمة الطيبة ، أو الدعوة بالكلمة والموعظة الحسنة ، أو بالقرآن الكريم ، حيث يقول الحق سبحانه : “وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا” أى بأخلاق وتعاليم القرآن، أما الجهاد القتالي فقد تطور مدلول الكلمة وأصبح في العصر الحاضر يُشير إلى مصطلحات عصرية منها إعلان حالة الحرب أو حالة التعبئة العامة أو الخاصة ، ولا يجوز إعلان ذلك شرعًا لغير من أناط به القانون والدستور ذلك ، وسوى ذلك هو إفساد في الأرض وضلال مبين .
وإعلان حالة الحرب حق حصري لولى الأمر الشرعي ، مؤكدًا أن الجهاد القتالي الحق لم يكن لأحد على عهد رسول الله أن يعلنه سوى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، لا للصحابة، ولا للقبيلة ، ولا لأحد سوى النبي (صلى الله عليه وسلم) بصفته نبيًا وحاكمًا ، وفي عهد الصحابة وهم بشر ، لم يكن لأحد من الصحابة مهما بلغت مكانته أن يُعلن الجهاد دون إذن الخليفة ، وعندما خرجت بعض الجماعات أُطلق عليهم لفظ البُغاة الخوارج المفسدون في الأرض ، وأوجب الشرع قتال البُغاة، إذن مسألة الجهاد القتالي الذي تطور مدلوله ليصبح في عصرنا الحاضر محصورًا في إعلان حالة الحرب ، هو حق حصري لمن أناط به القانون والدستور ذلك وما سوى ذلك فساد وإفساد وبغي وضلا مبين.
كما وضح معاليه أن فضل الشهادة في سبيل الوطن عظيم ، حيث يقول الحق سبحانه : “وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ” ، ويقول سبحانه : “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” والذي نفسي بيده ، لا يكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله ، إلا جاء يوم القيامة ، وجرحه يثعب دما اللون لون دم . والريح ريح المسك”.
ومن هُنا نوجه تحية لكل شهدائنا الأبطال من رجال الشرطة ورجال قواتنا المسلحة الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن ، وإلى جانب هؤلاء الشهداء هناك أناس ضحوا ولا تقل تضحياتهم عن تضحيات الشهداء هم هؤلاء المصابون الذين قدمت لنا وزارة الداخلية أنموذجًا عظيمًا منهم الرائد/ صلاح الحسيني رمزًا للمصابين من أبناء الشرطة ولزملائهم من أبناء القوات المسلحة البواسل ، ووجه تحية خاصة له ولكل زملائه المصابين من رجال الشرطة الباسلة ورجال قواتنا المسلحة الباسلة الذين ضحوا بأنفسهم وبإصاباتهم في سبيل هذا الوطن ، وإلى جانب هؤلاء هناك الشهداء حُكمًا وهم الذين يتمنون الشهادة بصدق في سبيل الله ، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِه” ، فهناك من يعرضون أنفسهم على الله مرات عديدة ، ولكن كما يقول الحق سبحانه : “لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ” ، بل إن هناك من أبناء قوات الشرطة والقوات المسلحة البواسل من يرابطون على الحدود يحمون أوطانهم ، وهم يتعرضون للشهادة عشرات بل مئات المرات وعدد كل نفس يتنفسونه ، وخلف هؤلاء وأولئك آباء وأمهات قلوبهم مع أبنائهم ، ومع كل لحظة هناك قلوب آباء وأمهات وأزواج وزوجات وأبناء وبنات يترقبون وينتظرون ، إنها لتضحيات عظيمة جزاؤها عند الله وحده ، هؤلاء هم الأبطال الشرفاء الذين يسجل التاريخ أسماءهم بحروف من نور ، نسأل الله أن يتغمد شهداءنا بواسع رحمته ، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل ، وأن يعجل برفع البلاء عن البلاد والعباد ، عن مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين .