*:*الأخبار

القافلة الدعوية لعلماء الأزهر والأوقاف من على منابر المساجد الكبرى بكفر الشيخ:
ما أحوجنا إلى هجرة حقيقية إلى الله ورسوله
هجرة من الكسل إلى العمل والإنتاج
ومن الاعتداء الآثم على الأوطان والآمنين
إلى التزام منهج الله عز وجل
في حرمة الدماء والأموال والأعراض والوفاء بحق الأوطان

azhar-awkaf

     برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئاسة معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف  أدت اليوم الجمعة 31/10/2014م القافلة الدعوية المشتركة لعلماء الأزهر والأوقاف خطبة الجمعة بالمساجد الكبرى بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ تحت عنوان:  (الهجرة النبوية بين التخطيط البشري والتأييد الإلهي) وهو الموضوع الموحد بجميع مساجد جمهورية مصر العربية اليوم، حيث أكد العلماء المشاركون في القافلة أن الهجرة النبوية قد أعطتنا دروسًا عملية  في حقيقة الإيمان بالله ( عزّ وجلّ ) وما يتطلبه من إعداد مادي وتأهيل قلبي اكتسابًا للمعية الإلهية، والتأييد الرباني، فعلينا جميعًا أن نتعلم من هذه الدروس أن الأخذ بالأسباب لا يتنافى مع حسن التوكل على الله عزّ وجلّ ، بل هو جزء من التوكل الصحيح وأساس له ، وما أحوجنا إلى هجرة حقيقية إلى الله ورسوله ، هجرة من الكسل إلى العمل والإنتاج ، من الكذب إلى الصدق ، من الخيانة إلى الأمانة ، من خُلْف الوعد إلى الوفاء به ، من البخل إلى الكرم ، من الأنانية إلى التكافل والتراحم والإيثار، من الاعتداء الآثم على الأوطان أو الآمنين إلى التزام منهج الله عز وجل في حرمة الدماء والأموال والأعراض والوفاء بحق الأوطان.

       فمن على منبر مسجد المدينة المنورة بمدينة دسوق أوضح أ.د/ عبد الفتاح عبد الغني عميد كلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة أنه في مثل هذه الأيام المباركة من كل عام يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم)  من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ونحن إذْ نحتفل بهذه الذكرى العطرة إنما يكون ذلك للعبرة والاقتداء والوقوف على الدروس المستفادة منها ، فالمتدبر لمعاني الهجرة الشريفة يستنبط منها دروساً عظيمة ، ويستخلص منها فوائد جمة، ويلحظ فيها حكماً باهرة يستفيد منها الفرد والمجتمع في كل نواحي الحياة ، فالهجرة مع التخطيط والإعداد  والأخذ بالأسباب لم تخلُ من مظاهر التأييد الإلهي، والرعاية الربانية ، فحين واجه المشركون النبي (صلى الله عليه وسلم ) ووقفوا عقبة في طريق دعوته  وتبليغ رسالته مستخدمين كل أساليب القمع والبطش والتنكيل والتعذيب ليثنوه عنها ، ويمنعوه من أدائها ، حتى وصل بهم العداء إلى العمل على قتله والخلاص منه، فلم يزده ذلك إلا ثباتًا وقوة مما جعله يأخذ بالأسباب التي مكنت لدعوته وساعدت على نشر رسالته دونما تقصير أو كسل ، أو تخاذل أو ملل.

       كما بين أ.د/ عطية عبد الموجود لاشين أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر الشريف في خطبته بالمسجد الكبير بمحافظة كفر الشيخ  أن الإسلام دين لا يعرف التواكل، بل يحاربه وينبذه ويدفع إلى الاجتهاد والعمل، وإنما هو دين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله ، قال تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:97]. وفي الحديث عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ): « لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا »، فهو (صلى الله عليه وسلم) مع علمه الكامل بربه  وتيقنه التام على وعده بنصرته لدينه وتأييده له، إلا أنه (صلى الله عليه وسلم) أعد لحادثة الهجرة عدتها، واتخذ لها ما يقدر عليه من الأسباب ، فالأخذ بالأسباب هو طريق الحصول على ما عند الله عز وجل، مع مواصلة العمل الجاد المحكم وقوة العزم وإخلاص النية وصدقها .

     ومن أعلى منبر مسجد الفتح بمدينة دسوق أشار د/ حسن خليل الباحث الشرعي بمشيخة الأزهر الشريف إلى أنه من الأخذ بالأسباب حسن التخطيط والإعداد الجيد  لأنه  ضرورةٌ من ضرورات الحياةِ ، وسبب من أسباب النجاح ونرى ذلك جليًا في هجرته (صلى الله عليه وسلم) فقد أعد  لكل أمر عدته على الرغم من عصمة الله له ، وذلك باختياره الوقت المناسب ، والرفيق المناسب ، وأساليب التعمية والتمويه على القوم ، فكان  ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك أنموذجًا للقائد والمعلِّم ، فتراه يضع خطة الهجرة بمنتهى الدقة والحكمة مستخدماً الفكر والعقل ، ويثق في نصر الله (عزّ وجلّ) أولاً وأخيرًا.

وشدد  د/ محمد مطاوع باحث دعوة بديوان عام وزارة الأوقاف في خطبته بمسجد الشريف بدسوق على ضرورة الوقوف عند هذه المعالم من هجرته (صلى الله عليه وسلم) ، حيث  يقترن فيها الإعداد البشري بالتأييد الإلهي، وفي ذلك عبرة وعظة للمسلمين من بعد، بأنهم مكلفون بأن يتخذوا من الأسباب ما يستطيعونه ويقدرون عليه، دون تقصير أو تكاسل، ثم التجرد من الأسباب وتفويض الأمر لـرب الأسباب،كذلك ينبغي للإنسان أن يعلم أن معية الله تعالى ليست خاصة بالرسول (صلى الله عليه وسلم) ، بل إنها عامة لكل مؤمن تقي أخلص لله تعالى في طاعته وأحسن العمل ، فمن كان في معية الخالق سبحانه وتعالى لن يضره أذى ، وحاشا لله أن يترك أنبياءه وأولياءه أو يتخلى عنهم ، وبهذا تكون الهجرة قد أعطت دروسًا عملية  في حقيقة الإيمان بالله ( عزّ وجلّ ) وما يتطلبه من إعداد مادي وتأهيل قلبي اكتسابًا للمعية الإلهية  ، والتأييد الرباني.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى