أكاديمية الأوقاف الدولية : حلقة نقاشية للأئمة السودانيين وعميد كلية الدعوة الأسبق يلتقي المشاركين بالدورة ويؤكد : للقصص القرآني غايات عظيمة وأهداف نبيلة
في إطار فعاليات الأسبوع الثاني من الدورة التدريبية المشتركة للأئمة السودانيين والمصريين، وبرعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أقيمت حلقة نقاشية وورشة عمل اليوم الاثنين 28 / 12 / 2020م بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين بمدينة السادس من أكتوبر تحت عنوان : ” آليات تجديد الخطاب الديني “، حيث أشاد الأئمة السودانيون بما تقوم به وزارة الأوقاف المصرية من خطط دعوية في تجديد الخطاب الديني ووضع رؤية شرعية منضبطة لكل القضايا المطروحة التي تعنى بترسيخ الفهم المستنير للشريعة الإسلامية .
فمن جانبه أكد د/ مهند الأمين أحمد إمام مسجد البقعة بالخرطوم أن التجديد الذي تقوم به وزارة الأوقاف المصرية هو تجربة رائدة ينبغي أن تعمم على مستوى العالم العربي والإسلامي ، لاسيما في رؤيتها الثاقبة لتوحيد موضوع الخطبة ، مؤكدًا أن الفهم الخاطئ لكثير من القضايا أدى إلى تطرف وتشدد من بعض المنتسبين للدين.
كما أكد الشيخ/ وليد حسين محمود أن علينا مسئولية كبيرة في حمل ونشر هذه الأفكار الصحيحة المرتبطة بالعصر في مجتمعاتنا بالسودان.
وأضاف د/ خالد حسين عيسى أن تجريد الخطاب الديني مما علق به يعد من أهم دعائم تجديد الخطاب الديني ، وكذلك تجديد الوسائل الدعوية ، وهو ما تقوم به وزارة الأوقاف المصرية من خلال التدريب الفاعل الذي نراه في هذا الصرح.
وأفاد الشيخ / إبراهيم ميرغني حسن أننا في غاية الإعجاب بالأفكار والرؤى التي تطرحها وزارة الأوقاف المصرية ، والجهل هو أحد الأسباب الأساسية في التطرف الديني سواء أكان الجهل بالنصوص أم الجهل بأحوال الناس.
وفي ذات السياق أكد الشيخ/ الزبير محمد علي أن تجديد الخطاب الديني يحقق عالمية الإسلام ، والتي نص عليها القرآن الكريم ، قال تعالى : “قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا” ، ويجب علينا أن نواكب تحديات العصر التي تستدعي الأخذ بكثير من الأمور التجديدية والفكر المنضبط الذي يجمع بين الثوابت والمتغيرات.
كما التقى الدكتور / أحمد ربيع عميد كلية الدعوة الأسبق بالمتدربين المشاركين من مصر والسودان ، ومن جانبه أكد أن القصص القرآني يقوم على أهداف سامية وغايات نبيلة تدعو إلى التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل ، يقول تعالى : “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ” ، ويقول تعالى: “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” وقد تناول سيادته نماذج متنوعة للقصص القرآني ، منها القصة القصيرة كما في قصة قارون الذي منحه الله المال الكثير، لكنه لم يشكر نعمة ربه بل تطاول بها على الناس ، قال تعالى : ” إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ” ، وقصة أصحاب الجنتين قال تعالى : ” وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ” ، ومنها السورة الكاملة التي تتناول قصصًا مجزأة، كسورة القمر حيث ذكر بها عدد من القصص كان الهدف منها ذكر تجارب الأمم السابقة وكيف كان مصيرهم ، ولذا ختمت كل قصة في السورة الكريمة بقوله تعالى :” فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ” ، وقد تكون السورة بأكملها تتحدث عن قصة واحدة كقصة سيدنا يوسف (عليه السلام) ، وقد يكون القصص القرآني من خلال مجموعة قصصية تحكمها وحدة الهدف ، كما في قوله تعالى:” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” وقوله : ” أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” ، وقوله تعالى : ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا” فهدف تلك المجموعة القصصية هو تحقيق الإيمان بالبعث.
كما بين سيادته أن مقومات القصة الناجحة تقوم على الزمان ، والمكان ، والأشخاص ، وموضوع القصة ، ولكن القرآن الكريم يستخدم الزمان والمكان والأشخاص بحسب الهدف من القصة والغاية منها ، فإذا كان الزمن مهمًّا ذكره تصريحًا ، كما في قوله تعالى :” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ” وفي قوله تعالى :” وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا” ، وكذلك يذكر القرآن الكريم المكان إذا كان يخدم القصة ، كما في قصة الإسراء والمعراج حيث ذكر بداية الحدث ونهايته :” مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ” وفي قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) :” وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْر” .
فالقصص القرآني قصص واقعي له أهداف سامية ، وغايات نبيلة تخدم القصة ، وتخاطب العقل ، وتنمي الفكر .