تأمّلتُ حال الحجيج وحال الكثرة الكاثرة من المسلمين ، ودلالات الجمع العظيم منهم بعرفة ، حيث التعبير عن عزة الإسلام ووحدة المسلمين ، فوجدت أننا نفتقد من هذين الأمرين الكثير ، مما يتطلب منّا مراجعة النفس والفكر والرؤى لنبني أمة جديدة غير التي نرى ، أمّة قوامها العلم والعمل والأخلاق ، بناء لا هدم فيه ، أمّة تواجه النقيضين ، تواجه التطرف والغلو والتشدد والقتل والتخريب باسم الدين ، وتشويه صورة الإسلام في الداخل والخارج ، وتطرفًا آخر لا يقل خطورة ولا غلوًا عن هذا التطرف ، بل يُعد أكبر وقود له ، وهو تطرف من يذهبون إلى النقيض الآخر من إباحة التسيب والعري والخلاعة والمجون أو الشذوذ ، وهو ما لا يمكن أن تقبله أخلاقنا ولا قيمنا الحضارية ولا عاداتنا الأصيلة ، وهو ما يعرف في عرف المصريين الأصلاء بالعيب ، وفي الشرائع السماوية كلها بالحياء ، فديننا قائم على الوسطية بلا إفراط أو تفريط ، فإذا حدنا عن هذه الوسطية إلى أي من النقيضين ضيعنا من الدين وتعرضنا للمخاطر بمقدار هذا الخروج ونسبته ، أسأل الله العظيم من هذا المشعر الحرام أن يحفظ مصرنا العزيزة من كل سوء ومكروه وأن يوفقنا لما فيه خير ديننا ووطننا وأمتنا .
وزير الأوقاف
رئيس بعثة الحج المصرية
من عرفات الله
في التاسع من ذي الحجة 1435 هـ