خلال افتتاح الدورة التدريبية المشتركة للأئمة المصريين والسودانيين بأكاديمية الأوقاف الدولية
وزير الأوقاف :
الإسلام فن صناعة الحياة لا صناعة الموت
ودورنا عمارة الدنيا بالدين وليس تخريبها باسم الدين
ودور العلماء البلاغ وليس الهداية ولا الحساب
فأمرهما إلى الله تعالى
ويؤكد :
لن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا
فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا
وسنعمل من خلال التدريب المشترك
على تعظيم المصالح المشتركة
ونؤكد على مناهج الفهم والتفكير وليس الحفظ والتلقين
ونعمل على نشر سماحة الإسلام وإحلال السلام العالمي
ونعمل على تعزيز الحريات الدينية
فلا إكراه في الدين ولا على الدين
ونعزز مبدأ المواطنة المتكافئة
وزير الأوقاف السوداني :
نشكر الشعب المصري على وقوفه الدائم
مع الشعب السوداني
ودورنا تعزيز المشتركات بين الشعبين
السفير السوداني بالقاهرة :
نؤسس لشراكة استراتيجية بين البلدين
والعلاقة السودانية المصرية فريدة في نوعها
لا تشبهها علاقة أخرى
وهي علاقة ذات خصائص قوية ومتميزة
خلال افتتاح الدورة التدريبية المشتركة للأئمة المصريين والسودانيين بأكاديمية الأوقاف المصرية لتدريب الأئمة والواعظات اليوم الاثنين 21 / 12/ 2020م رحَّب معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بمعالي الشيخ/ نصر الدين مفرح وزير الشئون الدينية والأوقاف بالسودان الشقيق ، بحضور سعادة السفير/ محمد إلياس محمد السفير السوداني بالقاهرة ، والدكتور/ عبد الرحيم علي محمد رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالسودان ، والدكتور/ عادل حسن حمزة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، والأستاذ/ عبد العاطي أحمد عباس الأمين العام لديوان الأوقاف الإسلامي، والأستاذ / منتصر عباس محمد علي الأمين العام للحج والعمرة، والأستاذ/ محمد يوسف محمد مدير الأوقاف بولاية الخرطوم ، والأستاذ/ السيد يعقوب النور مدير مكتب وزير الشئون الإسلامية والأوقاف بالسودان ، وعدد من السادة الصحفيين والإعلاميين، وبمراعاة الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية اللازمة والتباعد الاجتماعي.
وفي بداية كلمته أعرب معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عن شكره لمعالي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف بدولة السودان الشقيق على حفاوة الاستقبال خلال زيارة معاليه إلى دولة السودان الشقيقة ، وأن هذا يدعونا لمزيد من التعاون فيما بيننا ، فكما نحن الآن في مصر نبني دولة حديثة على أسس عصرية فكذلك دولة السودان الشقيقة على الطريق والحمد لله، كما عبر معاليه عن سعادته بتطابق الرؤى الفكرية والثقافية وقضايا التجديد بوزارة الشئون الدينية والأوقاف بدولة السودان الشقيقة ، الأمر الذي يصل إلى حد التطابق والتوافق في قضايا التجديد ، كما نستطيع أن نقول إن مصر والسودان شعب واحد يعيش نصفه في شمال الوادي والنصف الآخر في جنوبه ، كما أن أمن مصر والسودان جزء لا يتجزأ فكلاهما أمن استراتيجي للآخر وامتداد له ، وإذا كنا نقول إن ما يحدث في شمال العالم يؤثر في جنوبه ، وما يحدث في شرق العالم يؤثر في غربه ، فما بالكم بالجار الأدنى والشقيق الأقرب ، فكل ما يحدث في السودان له صداه في مصر ، وكل ما يحدث في مصر تجد صداه في السودان فأمنهما واستقرارهما قضية لا تتجزأ.
كما أوضح معاليه أن التدريب في أكاديمية الأوقاف الدولية يقوم على عدة محاور :
المحور الأول : بناء الشخصية ، فالإمام والخطيب قد ألم بالنواحي الشرعية في دراسته الأكاديمية، فعمدنا إلى النهوض بفكر الإمام ثقافيًّا وفكريًّا، من خلال دراسة عدة علوم أساسية منها: علم النفس، والاجتماع، والحضارة الإنسانية إضافة إلى مجال الحاسب الآلي، ودورات السوشيال ميديا، والتسوق الرقمي، كما أن لدينا اهتمام بالغ بمشاركة الواعظات في مجال التدريب والتثقيف، كما استحدثنا دورات مشتركة بين الواعظات والراهبات والمربيات والمكرسات في الكنائس ، يقمن من خلالها بعمل وطني مشترك، وجولات لها صدى كبير داخل وخارج مصر.
كما أشار معاليه إلى أن التدريب يقوم على ترسيخ مبادئ الإسلام، فأهل العلم جميعًا قديمًا وحديثًا على أن الفقه هو التيسير بدليل، والفقه هو التيسير من ثقة، حيث قال تعالى: ” يُرِيد اللَّه بِكُمْ الْيُسْر وَلَا يُرِيد بِكُمْ الْعُسْر” ، وقال تعالى: ” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” ، وجَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، أَصَبْتُ حَدًّا فأقِمْهُ عَلَيَّ، قالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فأقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللهِ، قالَ: “هلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ معنَا؟” قالَ: نَعَمْ، قالَ: “قدْ غُفِرَ لَكَ”، وما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه”، كما أشار معاليه إلى أن دورنا البلاغ وليس الهداية ولا الحساب.
المحور الثاني: مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان ، لأن الدين لا ينشأ ولا يكون إلا في وطن آمن مستقر.
المحور الثالث: هو محور الحريات الدينية وهو ما يتطلب فهم مقاصد الدين فهمًا صحيحًا.
كما أكد معاليه أننا بفضل الله تعالى استطعنا في السنوات الأخيرة أن نبعث من جديد روح التعلم والتحصيل المستمر، فمن قال: لا أعلم، قلنا له: تعلم، ومن قال: لا أستطيع، قلنا له: حاول ، ومن قال : مستحيل ، قلنا له : جرب ، مبينًا معاليه أن عالم اليوم ليس كعالم الأمس ، فلم يعد متاحًا مع النهضة العلمية والثقافية التي تشهدها البلاد ويشهدها العالم أن تقنع الناس بدون علم ، ونحن بفضل الله تعالى انتهجنا منهجًا انتقل من الحفظ والتلقين إلى منهج الفهم الصحيح ، فليست العبرة بمجرد الحفظ ، وإنما بالفهم ، ونضرب لذلك مثلًا بالزهد ، فليس معناه هو التقشف أو لبس الثياب المرقعة وترك تعلم أمور الدنيا والانغلاق فقط على العبادات، ولذا قال (صلى الله عليه وسلم) : ” المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ”، ولو أراد (صلى الله عليه وسلم) الإيمان لقال الإيمان القوي ، وإنما المراد هو المؤمن القوي في ثقافته واقتصاده وبنيانه وجسده وفي كل شيء ، مؤكدًا على أن دورنا كعلماء عمارة الدنيا بالدين وليس تخريب الدنيا بالدين ، فقد علمنا ديننا الحنيف أن نفهم الأمور فهمًا صحيحًا ، لأن الإسلام هو فن صناعة الحياة وليس صناعة الموت ، وكل ما يدعوا إلى البناء والتعمير وسعادة البشرية يتفق مع مقاصد الأديان ، وكل ما يدعوا إلى الهدم والتخريب والفساد والإفساد لا يصادف صحيح الأديان ، وهذا هو دور التنظيمات السرية التي لا تعمل إلا في السر والخفاء ، فمثل هذه الجماعات المتطرفة خطر على الدين والدولة معًا.
مشيرًا معاليه إلى أن العلم المراد بقوله تعالى: ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” ، وفي قوله تعالى: ” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” هو العلم المطلق وليس العلم الديني فقط ، وفي قوله تعالى: ” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” المراد هم أهل الاختصاص ، مؤكدًا أن ثواب تعلم الطب لا يقل عن ثواب تعلم الفقه، فالعبرة بسد فروض العين والكفايات ، مختتمًا معاليه حديثه بأن هذه الدورة تفتح آفاقًا واسعة لمسايرة تطور العصر ، فهي لا تقتصر على دراسة العلوم الدينية فحسب ، بل بد من إدراك الواقع ، ولابد من التثقيف الشامل وأن ننفتح على جميع العلوم دون أن ننظر إلى من نصبوا أنفسهم للعلم والفتيا وهم لا يجيدون فنه ولا صناعته.
وفي كلمته وجَّه معالي الشيخ/ نصر الدين مفرح وزير الأوقاف السوداني الشكر للشعب المصري على وقوفه الدائم مع الشعب السوداني ، مؤكدًا أن دورنا تعزيز المشتركات بين الشعبين، وأن الهدف من هذه الزيارة هو تعزيز هذه المشتركات، وتعزيز أوجه التعاون بين وزارتي الأوقاف في البلدين الشقيقين، كما أشاد معاليه بكتاب: “الكليات الست” لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، لأن الحفاظ على الوطن فعلا أحد أهم مقاصد الدين، مؤكدًا أن هذه الدورات تسهم في رفع ثقافة الداعية ودرايته بثقافة العصر ، لأن هذا الدين مبني على الحجة والدراية والإقناع ، قال تعالى : ” قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ، فنحن نسعى لإيجاد خطاب دعوي مؤثر ، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق العلم والدراية، وعلينا جميعًا أن نلتزم بمبدأ الوسطية التي هي أخص خصائص الإسلام قال تعالى: ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” ، وأننا ننشد في هذه الدورة مواجهة خطاب التكفير والتشدد الذي تدعوا إليه الجماعات المتطرفة ولا أصل له في الدين قال تعالى : ” لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ” وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ”.
كما أشار معاليه إلى أن التنوع هو أحد دلائل قدرة الله تعالى في خلقه قال تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ”، وأن مبدأ الحريات الدينية والحريات العامة مكفولة في إطار المواطنة المتكافئة.
وفي كلمته أكد سعادة السفير / محمد إلياس محمد سفير دولة السودان بجمهورية مصر العربية أننا نؤسس لشراكة استراتيجية بين البلدين، وأن العلاقة السودانية المصرية فريدة في نوعها لا تشبهها علاقة أخرى، وهي علاقة ذات خصائص قوية ومتميزة، كما أن أوجه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ذات آفاق واسعة، والبلدان الشقيقان قادران على بناء كتلة لا شبيه لها تسهم في تحقيق الأمن والرخاء والاستقرار للبلدين الشقيقين، كما أكد على وجود اتساق كبير بين البلدين.