خلال ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية
أ.د/ بكر زكي عوض يؤكد :
النفوس فُطرت على الإيمان بالله
ويوجه الشكر لوزارة الأوقاف
على مناقشة القضايا الملحة والمطروحة
على الساحة الفكرية
د/ أيمن علي أبو عمر :
تحصين العقل من الأفكار المتطرفة
يضمن حياة مستقيمة
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 17 / 11 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان: ” مخاطر الإلحاد وسبل المواجهة ” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها الأستاذ الدكتور/ بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة الأسبق ، والدكتور/ أيمن علي أبو عمر وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة , وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب .
وفي كلمته وجه أ.د/ بكر زكي عوض الشكر لوزارة الأوقاف على هذا التوجه الطيب في مناقشة القضايا الملحة والمطروحة على الساحة الفكرية , داعيًا إلى أن تتسع هذه الندوات لأماكن أكثر ليكون العائد أنفع إن شاء الله تعالى , وأوضح سيادته أن النفوس كلها فُطرت على الإيمان بالله تعالى , كما في قوله تعالى : ” وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ” , وقوله تعالى : ” فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ” , وهنا يقول ربنا سبحانه وتعالى : ” الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ” ، ولم يقل التي فطر الإنسان عليها ليدل على أن كل نسل سيدنا آدم (عليه السلام) فُطر على هذا الإيمان بالله تعالى , وفي الحديث القدسي : ” وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ، وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ” , ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ” , فمن مجموع هذه الآيات والأحاديث ندرك أن الله قد فطر كل الناس بلا استثناء على الإيمان بمُصدر ومنشئ وموجد لهذا الكون ، تم العلم به من طريق الوحي , وسمي نفسه (الله) , فهو منشئ هذا الوجود فمن أنكر ذلك فقد عدل عن الفطرة التي فُطر عليها , وهذا معنى الإلحاد فهو عدول عن الحق إلى الباطل , وعن الفطرة التي فُطر عليها إلى ضد الفطرة , موضحًا أن هناك عوامل تلعب دورًا كبيرًا وتؤثر تأثيرًا مباشرا على هذه الفطرة , من هذه العوامل : الصراع بين الشيطان والإنسان , فلقد توعدنا الشيطان كما ذكر القرآن الكريم قال تعالى : ” فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ” , ويقول تعالى : ” وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا” ، ومن العوامل : البيئة المحيطة التي يولد فيها الإنسان سواء البيئة الكبرى أو البيئة الصغرى , ومنها : أن العقل يحتاج إلى انضباط في التفكير لأنه كالفرس يحتاج إلى من يرد جماحه , فإذا لم ينضبط العقل ذهب إلى الإلحاد والإعراض عن سبيل الله , مشيرًا إلى أن الإلحاد في المنطقة العربية والإسلامية ليس بالكثرة التي يتصورها البعض , ولكن الملحد بفعله يقلق المكان أو المدينة كلها , مختتمًا حديثه بأن الأمة لا تزال بخير , فالإلحاد شيء عارض .
وفي كلمته أكد د/ أيمن علي أبو عمر أن تحصين العقل من الأفكار المتطرفة يضمن حياة مستقيمة , لأن العقل غير المنضبط يصبح شاردًا منحرفًا , والعقل المنضبط المستقيم هو الذي عرفنا بالله تعالى , وكان خطاب الله تعالى واضحًا للعقل عندما خاطب المنكرين والجاحدين بألوهيته – تبارك وتعالى – يقول – سبحانه وتعالى – : ” أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ” , فهذا خطاب للعقل , وحوار بين الله تعالى وبين خلقه , والحقيقة الناصعة ليست في حاجة للتدليل عليها وقد قالوا : “نظرك فيك يكفيك” , فهو سبحانه وتعالى أوجد هذا الكون الذي يسير بهذه الدقة والحكمة , يقول تعالى : ” لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” , كما أنه سبحانه وتعالى يعطي ويمنع ويحيي ويميت ويعفو ويصفح , وأحوال الناس تتبدل وتتغير , فكل هذا الكون لابد له من مدبر وخالق , يقول تعالى : ” اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ” , ويقول تعالى : “وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ” , مشيرًا إلى أن المنتمي للفكر الإلحادي يريد أن يزن الأمور بميزان المادية البحتة , وكيف له ذلك ولا يستطيع أن يدرك أشياء في نفسه شخصيًا , فالروح إذا خرجت مات الإنسان , ترى أين هي ؟ وما هي ماهيتها ؟ وهذا العقل الذي ندرك به الأشياء أين هو ؟ فهو لا يستطيع أن يدرك كنه نفسه , فكيف يستطيع أن يدرك الذات العلية ؟ يقول تعالى : ” لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ” , ويقول تعالى : ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ” , ففي الآية الكريمة عندما جاء الكلام عن الإنسان قال : ” وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ” , مؤكدا أنه من الواجب علينا أن نعي جيدًا أن حروب الجيل الرابع والخامس حروب ممنهجة , قد تأتي من باب التدين الشكلي , أو من باب الانفلات الأخلاقي , أو من باب هدم الدين ونشر الإلحاد بكافة أنواعه , فإذا انتشر الإلحاد فلا دين ولا ضمير يحول بين الإنسان وبين نشر الفساد في الأرض , وستصبح حياة الإنسان أضل من حياة الأنعام , يقول الله تعالى : ” وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ” , ويقول تعالى : ” وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” ، موضحًا فضيلته أن جميع مؤسسات الدولة تتضافر جهودها في مواجهة انتشار ظاهرة الإلحاد بصوره المرفوضة ؛ فوزارة الأوقاف عقدت العديد من البروتوكولات مع كافة مؤسسات الدولة المعنية بالأمر ؛ كالتعاون مع وزارة الثقافة مثلًا , والذي أثمر عن كتاب “مخاطر الإلحاد وسبل المواجهة” , وبالتعاون بين وزارة الأوقاف والهيئة العامة للكتاب تم إصداره مرة أخرى بحجم أصغر ليكون في متناول أيدي الشباب , ومضمون هذا الكتاب يتحدث عن نشأة الإلحاد ومخاطره , وعن دور مؤسسات الدولة في مواجهة هذا الفكر المنحرف , وبالتعاون بين وزارة الأوقاف وبين وزارة التربية والتعليم تم الانتهاء من المرحلة الأولى من سلسلة “رؤية” والتي تتناول جانبا كبيرا من بناء الوعي عند الشباب وغيرهم, وعن تفنيد ضلالات الإرهابيين والرد عليها , وتم توزيع آلاف من هذه السلسة لمديريات التربية والتعليم ، والتعليم العالي ، ومراكز الشباب والرياضة , فضلًا عن الدورات التدريبية للأئمة وتأهيليهم لإعطائهم الدور الكبير في التواصل مع الناس , فضلًا عن النشاط الملحوظ في وزارة الأوقاف من ندوات وقوافل وخطب الجمع لنشر الوعي وخلق الحوار البناء بين أطياف الشعب , ناصحًا الشباب بعدم الانحراف في الفكر والبحث عن أهل الاختصاص لمعرفة الفكر الوسطي المعتدل.