خلال ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية
الدكتور/ أحمد علي سليمان :
الحوار الإقناعي أساس كبير للداعية
ومراعاة آدابه واجب من واجبات الوقت
الشيخ/محمد عبد العال الدومي :
أدب الحوار لغة الأديان كلها
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 10 / 11 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان: “أدب الحوار والتعبير عن الرأي” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، والشيخ/ محمد عبد العال الدومي من علماء وزارة الأوقاف , وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب .
وفي بداية كلمته أشاد الدكتور / أحمد علي سليمان بجهود معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة الهامة والحثيثة والفاعلة في قضايا بناء الوعي .
مؤكدًا أن الحوار الإقناعي أساس في الدعوة إلى الله تعالى تقوم عليه , يقول الله سبحانه وتعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً”، ويقول سبحانه:” فَقُولَا لَهُۥ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى” ، ويقول جل وعلا: “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” ، وعن سيدنا أبي أمامة (رضي الله عنه) قال: إن فتى شابًّا أتى النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال(صلى الله عليه وسلم): “ادنه”، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال(صلى الله عليه وسلم): “أتحبه لأمك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال(صلى الله عليه وسلم): “ولا الناس يحبونه لأمهاتهم”، قال (صلى الله عليه وسلم): “أفتحبه لابنتك؟”، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال (صلى الله عليه وسلم): “ولا الناس يحبونه لبناتهم”، قال(صلى الله عليه وسلم): “أفتحبه لأختك” ، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال (صلى الله عليه وسلم): “ولا الناس يحبونه لأخواتهم”، قال(صلى الله عليه وسلم): “أفتحبه لعمتك؟”، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال(صلى الله عليه وسلم): “ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم”، قال(صلى الله عليه وسلم): “أفتحبه لخالتك” ، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال (صلى الله عليه وسلم): “ولا الناس يحبونه لخالاتهم” ، ثم وضع يده (صلى الله عليه وسلم) عليه، وقال: “اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فَرْجَه” .
مبينا أن هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمع بين الأديان السماوية، وهي كثيرة وجامعة , منها أدب الحوار والنصيحة والدعوة، مشيرًا إلى أن الله (سبحانه وتعالى) قد خلقنا لعبادته وعمارة الكون ورعاية الإنسان أي إنسانٍ , قال تعالى :” وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ” , مؤكدًا أن التنوع والاختلاف والتعددية سنة كونية من سنن الله (عزوجل) في الخلق وفي الكون وفي الحياة، قال تعالى:” وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ” , وأن التنوع كما يكون في المخلوقات يكون في خلق الإنسان واختلاف الألسنة واللغات واللهجات.
وفي كلمته أكد الشيخ / محمد عبد العال الدومي أن أدب الحوار لغة الأديان كلها، يقول الله تعالى:” وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ” , ويقول سبحانه:” ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” , ويقول جل وعلا:” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا ، يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ العلمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا، يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا، يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ، قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا، قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا”, مستشهدًا بإنموذج يعكس صورة رائعة من صور الحوار لنبينا (صلى الله عليه وسلم) حيث كان سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجلس بمفرده فجاء عتبة بن ربيعة وجلس معه وبدأ حواره، وكان رجلًا عاقلًا ، وابتدأ عتبة قائلاً: يا ابن أخي، إنك منّا حيث قد علمت من السِّطَة -أي المنزلة- في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فَرَّقت به جماعتهم، وسفّهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) مناديًا إياه بكنيته وبأحب الأسماء إليه: “قل يا أبا الوليد”، فقال عتبة : يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سَوّدناك علينا، حتى لا نقطع أمرًا دونك ، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رِئْيًا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه ، ولم يقاطع النبي (صلى الله عليه وسلم) عتبة مرة واحدة، وقد تركه حتى فرغ تمامًا من حديثه، وبعد أن انتهى من حديثه قال له: “أقد فرغت يا أبا الوليد؟”. أجابه عتبة: نعم، قال (صلى الله عليه وسلم ):”فاسمعْ مني” ، فقرأ سورة فصلت: “حم ، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ”، حتى وصل لقوله تعالى: ” فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ”.
وفي ختام كلمته أكد أن ثقافة الحوار ومراعاة آدابه من خلال الكلام المناسب وبالطريقة المناسبة وباستخدام العقل والعلم واجب الوقت، وأن من آداب الحوار التماس العذر للمدعو والرحمة والرفق به.