لا شك أننا عانينا معاناة شديدة ومازلنا نعاني من توظيف الدين لأغراض حزبية وانتخابية ، وبما أن بعض الأحزاب السياسية تتخذ من بعض الجمعيات الدينية أجنحة دعوية لها ، تخدم أهدافها السياسية ، فإننا نؤكد أن تعدد الجمعيات الدينية واختلاف ولاءاتها يشكل خطرًا داهمًا على وحدة نسيج المجتمع المصري ، من حيث محاولة كل جمعية فرض رؤيتها الفكرية والمذهبية على المجتمع ، ودخولها في صراعات فكرية تصل أحيانًا إلى درجة المواجهة وأحيانًا أخرى إلى تكفير الآخر أو استباحة دمه .
وبما أن الأزهر الشريف هو المسئول دستوريًا عن جميع الشئون الإسلامية ، والأوقاف هي الجهة المنوط بها الدعوة والخطابة في ضوء المنهج الأزهري الوسطي وضوء قانون ممارسة الخطابة وأداء الدروس الدينية بالمساجد ، فإنه من غير المنطقي الترخيص لأي جمعية أهلية بممارسة أنشطة دعوية حدد القانون الجهات المنوطة بها والمسئولة عنها .
وينبغي أن تتفرغ الجمعيات الأهلية لمهامها الاجتماعية والإنسانية والتنموية والإغاثية شأن سائر منظمات المجتمع المدني العاملة في هذه المجالات ، أما أن تتخذ هذه الجمعيات أو بعضها من العمل الاجتماعي غطاء لتمرير أجندات فكرية أو دينية أو طائفية أو مذهبية ، أو أن تكون أجنحة دعوية لبعض الأحزاب السياسية تتم العودة من خلالها مرة أخرى إلى المتاجرة بالدين ولي أعناق نصوصه ، فهذا خطر داهم يجب التنبه له .