خلال ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية
أ.د/جمال فاروق :
النبي (صلى الله عليه وسلم)
جسد الرحمة في أعلى معانيها
الشيخ/حازم جلال :
رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم )
جوهر رسالته وأساس شريعته
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 20 / 10 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان : ” نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم) في ذكرى مولده ” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها أ.د/ جمال فاروق العميد السابق لكلية الدعوة جامعة الأزهر، و الشيخ/ حازم جلال إمام وخطيب مسجد الحبيب المصطفى بمديرية أوقاف القاهرة، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب.
وفي كلمته أكد أ.د / جمال فاروق أن الله تعالى اشتق لنبيه (صلى الله عليه وسلم)اسمين من أسمائه فسماه الرءوف الرحيم ، يقول تعالى :” لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ” فالله (عز وجل) تغمد البرية بواسع فضله وأرسل لها هذه الرحمة المهداة المتمثلة في سيد الوجود (صلى الله عليه وسلم) فالله سبحانه وتعالى ما أنزل في ملكه ولا في ملكوته من رحمة تصعد أو تنزل إلا والنبي ( صلى الله عليه وسلم) واسطة فيها وأصل لها ، فلقد تجسدت الرحمة في أخلاقه حيث امتن الله عليه بمكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات ، وهو القائل عن نفسه “إنما أنا رحمة مهداة” ولقد سمى الله نفسه الرحمن من أجل عبده وافتتح كتابه بالرحمن الرحيم فما أجمل هذا الدين الذي يمكن أن يعبر عنه بكلمة واحدة وهي الرحمة وصدق الله حيث يقول ” وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ” فكما أنه لا يغيب عن علمه شيء كذلك لا يخرج عن رحمته شيء، وقد جعلها الحق سبحانه وتعالى على نفسه على سبيل الوجوب مع أنه سبحانه لا يجب عليه شيء فقال تعالى” فَسَأَكْتُبُهَا” أي سأجعلها لازمة على سبيل الكتابة أي الوجوب ، وقد تمثلت هذه الرحمة في رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذي جمعت له مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات .
موضحًا فضيلته أن الله تعالى جعل الرحمة مائة جزء أنزل جزءًا واحدًا في الأرض به يتراحم الخلائق وادخر لنفسه تسعة وتسعين جزء، وواسطتنا لهذ الرحمة هو النبي (صلي الله عليه وسلم) القائل ” جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ، وَأَنْزَلَ في الأَرْضِ جُزْءَا واحِداً، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَراحمُ الخَلائِقُ حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ ولَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ”.
كما أشار فضيلته إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم )قد بشرت به الكتب السماوية كذلك الأنبياء السابقون من قبله (عليهم الصلاة والسلام)يقول سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما): ” ما بعث الله نبيًا قط إلا وبشر بهذا النبي الخاتم”، ويقول تعالى: ” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ”.
قال الإمام البوصيري :
كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ |
يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ |
لَمْ يُساوُوك في عُلاكَ وَقَدْ |
حالَ سناً مِنك دونَهم وسَناءُ |
إنّما مَثَّلُوا صِفاتِك للناس |
كما مثَّلَ النجومَ الماءُ |
أنتَ مِصباحُ كلِّ فضلٍ |
فما تَصدُرُ إلا عن ضوئِكَ الأَضواءُ |
لكَ ذاتُ العلومِ من عالِمِ الغَيبِ |
ومنها لآدمَ الأَسماءُ |
ما مضتْ فَترةٌ من الرُّسْلِ |
إِلّا بَشَّرَتْ قومَها بِكَ الأَنبياءُ |
وفي كلمته أشار الشيخ/ حازم جلال إلى عظمة النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلو مكانته عند ربه تعالى ، حيث أكرم الله تعالى هذه الأمة بفضل نبيها (صلى الله عليه وسلم)فجعل المجيء إليه (صلى الله عليه وسلم) واستغفار الله في حضرته واستغفاره (صلى الله عليه وسلم) سببا في مغفرة ذنوب المسرفين على أنفسهم من أمته ، فقال تعالى : “وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا” , ومن ذلك عدم نزول العذاب بهم في حياته (صلى الله عليه وسلم), يقول تعالى : “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” , كل هذا إكرامًا للأمة لفضل نبيها (صلى الله عليه وسلم) عند ربه , مما يستوجب علينا إكرام النبي (صلى الله عليه وسلم) وإجلاله واحترامه وتعظيمه وتوقيره (صلى الله عليه وسلم) ، وقد جرت عادة الناس أن يتعلقوا ويعظموا من حاز شيئا من المكارم ، فكيف بمن حاز كل المكارم (صلى الله عليه وسلم) .
كما أشار فضيلته إلى أن الله تعالى لم ينادي نبيه باسمه مجردًا وإنما وصفه بالنبوة والرسالة، يقول تعالى: ” مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا “.
وقفت بالذل في أبواب عزكم |
مستشفعًا من ذنوبي عندكم بكم |
فإن رضيتم فيا عزي ويا شرفي |
وإن أبيتم فمن أرجوه غيركم |
لا غيب الله عني طيب رؤيتكم |
إن طاب للسمع يوما غير ذكركم |
إن مت في حبكم شوقا فيا شرفي |
ويا سروري من موتي بكم لكم |
أنا المقر بذنبي فاصفحوا كرما |
فبانكساري وذلي قد أتيتكم |
كما أكد فضيلته على أنه لابد من التأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيما تأدب ، إذ مهما تأدب الإنسان مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فلن يوفه حقه وقدره ، فبلغت مكانته (صلى الله عليه وسلم) أن كان قاب قوسين أو أدنى ، يقول تعالى : ” فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى” ، وعرف النبي (صلى الله عليه وسلم) نفسه للبشرية جمعاء حيث قال :” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ” ، ولم يقصر هذا على المؤمنين به والمتبعين منهجه وإنما للناس جميعًا أبيضهم وأسودهم ، قويهم وضعيفهم ، غنيهم وفقيرهم سواء آمنوا به أم لم يؤمنوا به ، مشيرا إلى أنه ينبغي على المسلم أن يكثر دائمًامن الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، يقول تعالى :” إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”.