بمناسبة أسبوع القاهرة للمياه ٢٠٢٠م وزير الأوقاف يؤكد: ترشيد المياه مطلب شرعي في حالتي الوفرة والندرة على حد سواء
أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن ترشيد المياه مطلب شرعي في حالتي الوفرة والندرة على حد سواء، وأن ديننا الحنيف قد حثنا على ترشيد استخدام المياه حتى لو كنا على أنهار جارية لا ينقطع مددها ، وهو ما بيناه تفصيلا في كتاب نعمة الماء نحو استخدام رشيد للمياه ، وقد تم ترجمته إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية .
وكانت وزارة الأوقاف قد أصدرت بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري كتابًا هاما تحت عنوان : “نعمة الماء (نحو استخدام رشيد للمياه ) ” ، وقد تم طباعة الكتاب بالهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة (رؤية) في إطار التعاون المشترك بين وزارتي الأوقاف والثقافة ، وجاء في مقدمته :
” لا شك أن قضية المياه أحد أهم التحديات المعاصرة ، وأن التحولات المناخية قد تزيد الأمور تعقيدًا في كثير من مناطق العالم ، مما يتطلب وعيًا وطنيًّا وإقليميًّا ودوليًّا بقضايا المياه ؛ وحتى في حالة الوفرة المائية فالحفاظ على الماء وترشيد استخدامه أمر مطلوب ، فعندما مرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) بِسَيدنا سعْد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) وَهُوَ يَتَوَضَّأُ ، فَقَالَ: (مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟) ، قَالَ سعد : وَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ فقَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ) (رواه أحمد)، كما أننا نجد بعض الدول رغم الوفرة المائية الشديدة لديها تطبق الترشيد بقوة ، وفي أعلى درجاته ، حتى يصير الترشيد ثقافة مجتمع ، وثقافة شعب ، وثقافة أمة، وهذا هو منهج ديننا الحنيف الذي نبذ الإسراف في كل شيء ونهى عنه ، يقول الحق سبحانه : “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف:31) ، ويقول سبحانه : ” وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ” (الإسراء:26-27) ، ولا شك أن التبذير أعم من أن يكون في المال ، فإنه يشمل التبذير في جميع المجالات بما فيهـا الإسراف في استخدام الماء وغيره .
ولقد عُرِفَ الشعب المصري منذ نشأته بأن عقيدته تقوم على احترام نعمة مياه نهر النيل ، وتقوم ثقافة أبنائه منذ القدم على الحرص على نهر النيل وعدم تلويثه ، واعتبار تلويثه جريمة من الجرائم الكبرى ، وقد كان المصري القديم يكتب ضمن وصاياه في نهاية حياته أنه لم يفعل كذا وكذا من الجرائم، وأنه لم يلوث ماء النهر ، وكأنه يتقرب إلى إلهه بهذه الفضيلة، وابتعاده عن تلك الجريمة النكراء ، جريمة تلويث مياه النهر ، فهذه ثقافة المصريين منذ القدم ، وعقيدتهم منذ الأزل في احترام مياه النهر، والحفاظ على المياه ، وعدم تلويثها ، وهو ما أكدت عليه شريعتنا الغراء .
ويتحدث الكتاب في جملته عن أهمية نعمة المياه ، وأثرها في بناء الحضارات ، وضرورة المحافظة عليها من خلال ترشيد استهلاكها ، وعدم الاعتداء عليها ، مع ملحق فني من إعداد وزارة الموارد المائية والري؛ لأن كل نقطة ماء يمكن أن تكون سببًا في حياة إنسان ، أو حيوان ، أو طائر ، أو نبات ، وإهدار كل نقطة ماء قد يعني إهدار حياة ، كما أن كل نقطة ماء تساوي مالاً مقومًا ، وفقدها أو إهدارها يعني مالًا مقومًا يذهب هدرًا ، كما أن الحفاظ عليها نقية بلا تلوث يعد حفاظًا على ثروة مالية ، وأن تلويثها يعني إهدارًا مائيًّا وماليًّا معًا ، لأن تنقيتها تترجم إلى مال وأثرها على الصحة لا يقوم بمال” .