وزير الأوقاف في خطبة الجمعة : تقوية الدولة الوطنية فرض عين على كل وطني شريف والدولة تبني وتعمر لا تهدم و لا تخرب
وما نفتتحه اليوم ليس مسجدًا فحسب بل حي متكامل سكنًا ومسجدًا وطرقًا وخدمات وهذا هو حال الدولة المصرية وأهل الشر لا يعرفون سوى الهدم
ويؤكد :
الحياء من الأخلاق الراسخة التي أجمعت عليها الشرائع السماوية جميعًا
والإيمان الحقيقي يُقوِّم سلوك صاحبه ويُهذِّب أخلاقه
والجماعات الضالة شوهت الحقائق ظلمًا وزورا
وصفحاتها جنحت عن تعاليم الإسلام السمحة
ومسجد المصطفى رقم (383) في افتتاحات المساجد خلال شهرين
وإجمالي ما تم إحلاله وتجديده وصيانته (3600) مسجد
افتتح معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والسيد اللواء/ عبد المجيد صقر محافظ السويس اليوم الجمعة اليوم 16 / 10 / 2020م مسجد المصطفى – بمدينة الملك عبد الله – بحي عتاقة مشاركة لأبناء محافظة السويس الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، بحضور فضيلة أ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية، والدكتور/ عبدالله رمضان نائب محافظ السويس، وسيادة النائب سليمان وهدان وكيل مجلس النواب وسيادة السفير/ عبد الله الطليحي القنصل العام السعودي، والأستاذ الدكتور/ السيد الشرقاوي رئيس جامعة السويس، والأستاذ/ خالد سعداوي سكرتير عام المحافظة، وسيادة العميد/ إيهاب حسن مساعد سكرتير عام المحافظة، وفضيلة الشيخ/ ماجد راضي مدير مديرية أوقاف السويس، وفضيلة الشيخ/ إسماعيل الراوي مدير مديرية أوقاف جنوب سيناء، ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية بمحافظة السويس، وبمراعاة الضوابط والإجراءات الوقائية.
وفِي خطبته التي أداها معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بمسجد المصطفى بعد افتتاحه تحت عنوان: “الحياء من الله ومن الخلق ومن النفس شيمة الكرام وفطرة إنسانية سوية” أكد معاليه أن الإيمان الحقيقي يُقوِّم سلوك صاحبه ويُهذِّب أخلاقه، يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ): “لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ”، وقال رجلٌ يا رسولَ اللهِ إنَّ فلانةَ فذَكَرَ من كثرةِ صلاتِها وصدقتِها وصيامِها غيرَ أنَّها تُؤْذِي جيرانَها بلسانِها، قال: “هيَ في النارِ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) :” مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ” ، ويقول أيضًا (صلى الله عليه وسلم) :”مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ” ، فالإيمان ليس بالكلام وإنما سلوك وأخلاق وقيم.
كما بين معاليه أن خلق الحياء من الأخلاق الأصيلة للإسلام، يقول (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ” ، والسيدة عائشة (رضى الله عنها وأرضاها) تؤكد هذا فتقول : “إِنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ عَشَرَةٌ : صِدْقُ الْحَدِيثِ ، وَصِدْقُ الْبَأْسِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ ، وَمُكَافَأَةُ الصَّنِيعِ ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ ، وَالتَّذَمُّمُ لِلْجَارِ ، وَالتَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ ، وَقِرَى الضَّيْفِ ، وَرَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ” ، والحياء من الأخلاق الراسخة التي أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية ، والتي لم تُنسخ في أي ملة من الملل ، ولا شريعة من الشرائع ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “الإيمانُ بِضْعٌ وسَبْعونَ أو بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعبةً: فأفضلُها قولُ لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وأدْناها إماطةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإيمانِ” ، ويكفي الإنسان ذمًا وعيبًا أن يُقال “فلان لا يستحي” فتلك خصلة من أسوء الخصال ، حتى إنهم قالوا أهجى بيت قالته العرب :
إن يغدروا أو يجبنوا أو يبخلوا
يغدوا عليك مرجلين كأنـهم لم يفعلوا
يفعل الفعلة الشنعاء ولا يستحيي من الله ولا من الخلق.
ويقول الشاعر :
إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤهُ
فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ
حياءَك فاحفظْه عليك فإنَّما
يدلُّ على فضلِ الكريمِ حياؤهُ
ويقول الشافعي ( رحمه الله تعالى) :
فلا والله ما في العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقي اللحاء
إذا لم تخش عاقبة الليالي
ولم تستح فاصنع ما تشاء
ويقول الآخر :
اذا ما خلوت بريبة في ظلمة
والنفس داعية إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها
إن الذي خلق الظلام يراني
وهذا ما كان من فعل الفتاة التي طلبت منها أمها أن تخلط اللبن بالماء ، فقالت لها يا أماه أما سمعت عزمة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه وأرضاه) إذ نادى مناديه “لا يخلطن أحد اللبن بالماء ” فقالت لها: “أين منادي عمر الآن”؟ فقالت لها: يا أماه “إني لأستحي من الله أن أطيعه على الملأ، وأعصيه في الخلاء” .
قال الشاعر :
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيْبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً
وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيْبُ
مؤكدًا معاليه أن الحياء من الله تعالى يقتضي أن تراقب الله (سبحانه وتعالى) في خلوتك وفي ظلمتك كما تراقبه في ملأ من الناس ، فإذا كنت تستحيي من الله في الخلوة كما تستحيي منه على الملأ فأنت تحسن مراقبة الله ، وهذا جزاؤه عند الله عظيم ، فمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : ” ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ”، ويقول ( صلى الله عليه وسلم ) : “اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ ( صلى الله عليه وسلم) : “لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ”.
وفي سياق متصل بين معاليه أن صفحات الجماعات الضالة تجنح إلى السب والقذف والخروج عن أخلاق الإسلام ، والإسلام منهم براء ، لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ” ، وهذا ما تجده من كتائب الجماعات الضالة التي تدعي زورًا أنها تحمل لواء الإسلام ، والإسلام منها براء ، فالمؤمن الحق لا ينطق بلفظ نابٍ أبدًا ، فهو ليس بشتام ولا بذيء ، ومن لم يتعظ بتخطف الموت لمن حوله هذه الأيام فلا واعظ له.
كما أكد معاليه أن الحملات المأجورة التي قامت بها الجماعات المأجورة حول قضية بناء المساجد في مصر حملات كاذبة لا أساس لها من الصحة، فإنه خلال شهري سبتمبر وأكتوبر تم افتتاح 383 مسجدًا وهذا المسجد هو رقم 383 في الافتتاحات ، وأسأل الله العلي العظيم أن يجزي كل من أسهم أو قدم أو قام على مثل هذا المسجد خير الجزاء.
هذه الجماعات كانت تختلس على أرض مغتصبه ما يحقق أهدافها ومصالحها ؛ زاوية صغيرة هنا على أملاك الدولة ، وأخرى هناك على حافة الترع وخلف قطبان القطارات والمقابر ليختبئوا بأفكارهم الضالة عن أعين الناس ، فلما عادت الدولة تستبدل في طريقها الإصلاحي بكل زاوية تعيق طريق الناس مسجدًا على هذا النحو بمفهوم المسجد الجامع فقدوا صوابهم وأخذوا يروجون لشائعاتهم وأكاذيبهم التي يدحضها الواقع ، فالدولة تبني ولا تهدم ، وأن ما حدث من عمارة للمساجد في السنوات الست الماضية غير مسبوق وربما لا يتكرر بسهولة في أي مكان ، إذ بلغ إجمالي ما تم إحلاله وتجديده وصيانته ما يزيد على 3600 مسجدًا ، كما عبر معاليه عن سعادته بهذا الصرح ، مؤكدًا أن هذا هو مفهوم المسجد الجامع ، وبه يتبين الفرق بين عمل الدولة ومؤسساتها وبين أفكار تلك الجماعات الضالة ، فالدول تبني ، ونحتاج أن نقوي دولنا ونقوي مؤسساتنا الوطنية ولا نسمح لتلك الكيانات التي كانت تريد أن تصنع كيانات موازية لا تنشأ إلا على أنقاض الدول بتعطيل مسيرة البناء
مشيرًا إلى أن هذا المسجد لم يُبن في الهواء الطلق بل بُني في مدينة عامرة على تراث معماري وهندسي، فالدولة لا تبني المساجد فقط ، وإنما تبني المسجد والمسكن والمدارس وتُعبّد الطرقات ، وهذا هو ما يجعل من تقوية الدولة الوطنية فرض عين على كل إنسان وطني يحب وطنه ، ومن الظلم تشويه الحقائق، فهذه الجماعات لا تعرف إلا التشويه والهدم، سائلًا معاليه الله تعالى أن يحفظ مصر وسائر بلاد العالمين من كل مكروه وسوء.