لليوم الرابع على التوالي بأكاديمية الأوقاف
أ.د/ بكر زكي عوض :
الإلحاد ظاهرة محدودة
لكن أصحابها يحاولون تضخيمها
مفردة الإلحاد في القرآن الكريم تدور حول الاعوجاج
الإلحاد لا يحارب الإسلام وحده بل يحارب كل الأديان السماوية
الانفصام بين العبادة والسلوك أحد أهم أسباب الإلحاد
ضرورة إعداد فريق من المتخصصين
وتهيئتهم علميا وعقليا للتصدي للملحدين
تواصل أكاديمية الأوقاف صباح اليوم الأربعاء الموافق 14 / 10 / 2020 م فعاليات الدراسة للدفعة الثانية من نظام الدورات المتكاملة (المكون الشرعي)، وتناول اليوم الرابع موضوع ” مخاطر الإلحاد وسبل مواجهته ” وذلك خلال محاضرتين صباحية ومسائية ألقاهما أ. د / بكر زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر وعميد كلية أصول الدين الأسبق .
في بداية اللقاء أشاد أ. د/ بكر زكي عوض بطريقة اختيار الأئمة وترشيحهم للدورات أو أي أنشطة تابعة للوزارة ، مشيرًا إلى أن الاختيار يتم بعناية فائقة ، وبشفافية مطلقة من خلال تقييم منضبط لتحصيلهم العلمي والمعرفي، فزمن المجاملة والوساطة في الاختيار ولى بلا رجعة .
وأوضح سيادته أن الإلحاد هو العدول عن الشيء الصحيح إلى غيره بعد أن اتضحت معالمه، فكل إنسان يعلم أن هناك خالقا ، وعندما خلق الله الإنسان ركّب فيه أسبابًا داخليةً تدعوه للإيمان مثل الفطرة والعقل والحواس، لكن هناك عوامل عديدة تؤثر في تلك الفطرة مثل البيئة والأسرة والمجتمع ، مؤكدًا أن الإلحاد يمثل ظاهرةً محدودةً للغاية، لكن مؤيديها يحاولون نشرها وإنشاء مواقع لها بأسماء مختلفة ومتعددة من أجل الإيهام بأن الإلحاد منتشر.
وأشار سيادته إلى أن مفردة الإلحاد وردت في القرآن الكريم خمس مرات كلها تدور حول الاعوجاج وعدم اتباع الطريق المستقيم ، يقول تعالى :”وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ، ويقول سبحانه : “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ” ، ويقول (عز وجل): “إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” ، ويقول تعالى: “وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا” ، ويقول سبحانه : ” قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا” ، موضحا أن الإلحاد نشأ عقب انتشار الفكر غير المنضبط وتنامي نشاط التيارات الفكرية في نقد الأديان ، وأن الملحدين لم يحاربوا الإسلام وحده بل كل الأديان السماوية ؛ لأن كل الأديان السماوية جاءت بتوحيد الله تعالى .
كما أضاف سيادته أن الإنسان إذا أساء استخدام الحواس من ناحية والعقل من ناحية أخرى دون ضابط من القرآن والسنة ؛ فالنتائج ستكون سلبية وتؤدي إلى خلل عقلي، فالله سبحانه وتعالى وضع بديهيات عقلية لا ينكرها إلا مكابر ، وإذا أدخل الإنسان مقدمات فاسدة لعقله ستكون النتائج فاسدة .
كما أوضح سيادته أن عوامل نشر الإلحاد كثيرة منها : الانفصام بين عبادات المرء وبين سلوكه وأخلاقه، فصارت العبادات عند كثير من الناس تؤدى كأنها طقوس لا أثر لها على الجوارح ، كذلك من الأسباب: الصراع بين الحق والباطل، وحرص أهل الباطل على تشويه الدين بالدعاية المضادة للدين ، ومنها: تحريف الدين وإساءة عرضه ، ومنها : الجهل وعدم المعرفة بالله تعالى ، ومنها : سوء استخدام وسائل التواصل الحديثة ، ومنها: عدم التلطف في إدارة الحوار مع الغير ، وأن الإلحاد ضد الفطرة السوية ، والطبيعة الربانية.
كما بين سيادته أن الإيمان فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وجمع الله تعالى الأرواح وأخذ عليها الميثاق ، يقول تعالى : “وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ” ، ويقول تعالى في الحديث القدسي :” وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرْتُهُمْ أَنْ لَا يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ” ، ويقول سيدنا رسول (صلى الله عليه وسلم) : “مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ”.
وفي ختام اللقاء أكد سيادته على ضرورة التصدي بكل السبل المتاحة لدحر الإلحاد وناشريه، مشيرًا أن من هذه السبل: العناية بالرسوخ العلمي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة ، وهضم المسائل الفلسفية وأصول الأفكار بدراسات جادة ، ومتخصصة في هذا المجال .
ومنها: تعميق الصلة مع المراكز المهتمة بجوانب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، وتكميلها بأبحاث مواجهة الإلحاد حتى تكتمل الصورة في ذهن المهتمين في هذا الجانب ، مع إظهار المباحث المهتمة بالدلائل العقلية والنقلية في الكتاب والسنة والتي تبطل وترد أفكار الدهريين والملاحدة .
ومنها: إعداد فريق كبير وتدريبهم وتهيئتهم علميا وعقليا على فنون المناظرة وأصول الجدل في المنتديات التي تبث مثل هذه الأفكار ، وتحصينهم وتجهيزهم بكل ما يحتاجون من دعم نفسي وعلمي وفكري لمواجهة مثل هذه الأفكار .