وزير الأوقاف في خطبة الجمعة : الوفاء لدماء الشهداء يقتضي السير على دربهم في الحفاظ على الوطن
وفِي مواجهة أهل الشر
وفِي مواجهة أهل الشر
افتتح معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف واللواء/ محمد الشريف محافظ الإسكندرية اليوم الجمعة اليوم 9 / 10 / 2020م مسجد الشهيد رقيب أول / مصطفى أحمد مصطفى بمحور المحمودية بمحافظة الإسكندرية بحضور المستشار الدكتور / محمد عبد الوهاب خفاجي ، والدكتور / سامي عبد العزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة ، والدكتور / هشام عبد العزيز علي أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، والشيخ / محمد خشبة مدير مديرية أوقاف الإسكندرية ، وأكثر من ثلاثين طالبًا وافدًا من مختلف دول العالم ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية بمحافظة الإسكندرية .
وفِي خطبته التي أداها وزير الأوقاف بالمسجد بعد افتتاحه أكد معاليه أن الوفاء لدماء الشهداء يقتضي السير على دربهم في الحفاظ على الوطن وفِي مواجهة أهل الشر ، وفِي مواصلة مسيرة البناء والتعمير ، وفِي تفويت الفرصة على دعاة الفوضى وأصحاب الصفحات الوهمية المأجورة.
كما أكد أن مكانة الشهيد على مر العصور مكانة عظيمة دينيًّا وروحيًّا وإنسانيًّا ، حتى رأينا الشاعر العربي الأصيل يذكر أن أيام الشهداء هي أيام التاريخ والتاريخ الحقيقي والفخار الحقيقي ، حيث يقول :
يوم الشهيد تحية وســــلامًا
بك والنضال نؤرّخ الأياما
أما المنزلة الدينية فيكفي أن الحق سبحانه وتعالى قرن في كتابه العزيز بين منزلة النبيين ومنزلة الشهداء والصديقين فقال سبحانه : “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا” ، وبين سبحانه أن الشهادة إنما هي منحة واصطفاء واجتباء ، فقال (عز وجل) : “وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ”.
فالشهداء ليسوا أمواتًا إنما هم أحياء عند ربهم يرزقون ، ويكفي الشهيد منزلة أن ذنوبه تكفر بأول قطرة من دمه ، وأن الشهداء يتمنون لو عادوا إلى الدنيا ليستشهدوا في سبيل الله مرة أخرى لما رأوا من عظيم منزلة الشهادة حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ ” ، وعن سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) قال : لما قُتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أُحد , قال لقيني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فقال : يا جابر , مالي أراك منكسراً ؟ قلتُ : يا رسول الله استشهد أبي وترك عِيالًا ودَيْنًا , قال : أفلا أبشِّرك بما لقي الله به أباك ؟ قلت : بلى يا رسول الله , قال : “ما كلَّم الله أحداً قطُّ إلا من وراء حجاب , وكلّم أباك كِفاحًا , فقال : يا عبدي تمنَّ عليَّ أُعطِكَ , قال : يا رب تُحيينِي فأُقْتَل فيكَ ثانيةً , فقال الربُّ سبحانه : إنه سبق مِنِّي أنهم إليها لا يرجِعُون ، قال : يا رب , فأبلِغْ مَنْ ورائي , قال : “فأنزل الله تعالى : ولا تحسبنَّ الذين قُتِلُوا في سبيلِ الله أمواتاً , بل أحياءٌ عند ربهم يُرزَقُونَ” .
ومن الناحية الوطنية والإنسانية فإن الأوطان العظيمة هي تلك التي تحتفي بتاريخ شهدائها ، وتظل تؤرخ لهم وتذكرهم بما يستحقون من الفضل والعزة والشرف ، وتعتني بأسرهم وأبنائهم وذويهم على شاكلة ما تقوم به مصرنا العزيزة في إكرام أسر الشهداء وأبنائهم ، فالدول العظيمة هي التي تُعنى بتاريخها وتاريخ أبنائها العظماء .
لكن علينا أن نتعلم من دروس الشهادة حب العطاء للوطن والاستعداد للتضحية في سبيله ،فلا نتعامل مع أوطاننا بمنطق النفعية المقيتة ، على نحو ما كان من تعامل المنافقين مع أوطانهم، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ “، ويقول سبحانه : ” وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ” .
التعامل مع الوطن هو لون من رد الجميل والاعتراف بالفضل له ، ولله در شوقي حيث يقول :
وللأوطان في دم كل حر
يد سلفت ودين مستحق