خلال برنامج ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية بمبنى الإذاعة والتليفزيون
الدكتور/ أسـامـة فـخـري الـجـندي :
استدعاء روح أكتوبر استدعاء
لقوة الإرادة ومواجهة التحديات
حب الوطن ليس مستحدثًا
بل علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا الحب
بفعله وقوله
الدكتور/ ياسر مغاوري عبد الحميد :
الشهادة في سبيل الوطن عز وشرف وتاج فخار
الشهيد في سبيل الله يكون مع أول زمرةٍ
تدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي ضوء التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 6 / 10 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان : ” فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها الدكتور/ أسـامـة فـخـري الـجـندي مــديـر عـام الـمــساجد الـحـكـومـيـة ، والدكتور/ ياسر مغاوري عبد الحميد إمام وخطيب مسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عليه) ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب.
وفي كلمته أكد الدكتور/ أسامة الجندي أن الأمم التي تريد تطورًا وتريد تقدمًا هي التي تذكّر بين الحين والآخر بمظاهر عزتها وصور انتصاراتها , ولا شك أن من أعظم وأهم مظاهر الاعتزاز وصور الانتصار (نصر العاشر من شهر رمضان السادس من شهر أكتوبر) , وإذا أردنا أن نقوم باستعادة روح نصر أكتوبر , فعلينا أن نقوم باستدعاء هذه الحالة التي كان عليها المصريون في ذلك الزمان , فالمصريون كانوا يتسمون بقيم رائعة تتجلى في الوفاء ، والمروءة , وقيم البر بهذا الوطن , وكذلك الإرادة لمواجهة التحديات والثقة في القدرة على ذلك ، ومن ثم جادوا بأنفَس ما يملكون ، بالطاقات والقدرات والإمكانات المتاحة ؛ حتى كان هذا النصر العظيم لمصرنا العزيزة , ومن ثَمّ علينا أن نقوم باستدعاء هذه الصفات والقيم ونغرسها في أبناء الوطن , وفي هذه الأجيال حتى يتم تنشئتهم على حب أوطانهم , بما يصنع أجيالًا يكونون سواعد حقيقية لبناء هذا الوطن في شتى المجالات ، والمقصود بروح أكتوبر : قوة الإرادة لمواجهة التحديات الموجودة وقتها والثقة في القدرة على تحقيق ذلك , هذه الروح التي تعبر عن تلك الإرادة التي تحلى بها الجندي المصري , فلولا أنه تحلى بالوفاء والمروءة ما أخرج طاقاته وقدراته وإمكاناته ومواهبه وبذل كل جهده في ذلك , وهو بذلك حقق معنى التضحية التي مقصودها البذل دون انتظار للأجر , مشيرًا إلى أن هؤلاء الجنود البواسل أبطال ملحمة أكتوبر المجيدة تعلمنا منهم حب الوطن , وليس حب الوطن أمرًا مستحدثًا بل علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا الحب بفعله وقوله , فمن الفعل : كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قدم من سفر ونظر إلى المدينة أسرع براحلته , مما يعطينا الدلالة على حبه (صلى الله عليه وسلم) لوطنه , ومن القول : قول النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” ثلاثَةٌ تُسْتَجابُ دَعْوَتُهم : الوالِدُ والمُسافِرُ والمظْلومُ” , فالسفر والخروج من الوطن علامة من علامات استجابة الدعاء , فاستجاب الله لدعوة المسافر لما يعاني من مشقة السفر والخروج من الوطن.
مشيرًا إلى أنه من كرم الله علينا أن وصف وطننا العزيز بما وصف به جنته وحرمه , فقال الله (عز وجل) في وصف جنته : ” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ” , وقال في وصف حرمه : ” وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ” , ثم قال في وصف مصر : “اُدْخُلُوا مِصْر إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ “, فيجب علينا أن نحميها وندافع عنها , والشهيد الحق هو الذي يدافع عن أَرضه وعرضه ووطنه ، فالدفاع عن الوطن والعرض عند المسلم الحق كالدفاع عن النفس والدين والمال ؛ لأن الدين لابد له من وطنٍ يحمله ويحميه ، فعن سيدنا سعيد بن زيدٍ (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ أُصِيبَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أُصِيبَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أُصِيبَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ” ، ومن ثم اقترن معنى الشهادة بتضحية المرء بنفسه في سبيل الله ، في كل موقف يتطلب فيه الدفاع عن الدين لإعلاء كلمة الله تعالى ، وعن الأرض لصيانتها ورد العدوان عنها ؛ لأن حب الوطن من الإيمان ، فهنيئا لشهداء ملحمة العبور الخالدة ، أولئك الذين ارتوت بدمائهم الزكية أرض مصر الطاهرة ، فارتفعت أرواحهم إلى الله (عز وجل) وفازوا برضوانه ، والنعيم الذي وعدهم الله سبحانه وتعالى به .
وفي كلمته أكد الدكتور/ ياسر مغاوري أنه يجب علينا أن نؤسس ونرسخ في نفوس الشباب حب الوطن , فقد علمنا النبي (صلى الله عليه وسلم) حب الوطن , فلقد ولد ونشأ (صلى الله عليه وسلم) بمكة , وعندما أُخرج من مكة المكرمة وطنه المحبب لقلبه (صلى الله عليه وسلم) نظر إليها قائلًا : (يا مكة والله إنك أحب بلاد الله إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت) , ويحن إلى وطنه الأول مكة المكرمة ويتمنى أن لو كانت قبلة المسلمين في صلاتهم تجاه بيت الله الحرام بمكة حيث وطنه الأول , يقول تعالى : ” قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ” , ثم يهاجر (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة ويعلم أصحابه حب الوطن فيقول: “اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ” , كأنه يقول لهم : عليكم أن تحبوا وطنكم الجديد الذي اختاره الله لكم , مشيرًا إلى بسالة جنودنا الأبطال في حرب السادس من أكتوبر 1973 وما قدموه من تضحيات وبطولات , فلقد قدموا أرواحهم فداءً لهذا الوطن , فحققوا النصر ومنهم من نال الشهادة في سبيل الله (عز وجل) , مبينًا أن للشهداء عند ربهم منزلة عظيمة لأنهم مع النبيين والصديقين , فالشهادة في سبيل الوطن عز وشرف وتاج فخار ، حيث يقول الحق سبحانه: “وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” , والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لَّا تَشْعُرُونَ” ، ويقول الحق سبحانه : “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ” ، مشيرًا أن للشهيد عند ربه ست خصال حيث قال (صلى الله عليه وسلم) : ” لِلشَّهِيدِ عندَ اللهِ ستُّ خصال : يُغفرُ لهُ في أولِ دفعةٍ ، ويَرى مقعدَهُ منَ الجنةِ ، ويُجارُ منْ عذابِ القبرِ ، ويأمنُ منَ الفزعِ الأكبرِ ، ويُوضعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ ، الياقوتةُ منها خيرٌ منَ الدنيا وما فيها ، ويُزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ ، ويُشفَّعُ في سبعينَ منْ أقاربِهِ -وَفِي لَفْظٍ- مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ” ، كما أن الشهيد في سبيل الله يكون مع أول زمرةٍ تدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب ، فعن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) قال : سمعت رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْعُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْجَنَّةَ، فَتَأْتِي بِزُخْرُفِهَا وَرِيِّهَا ، فَيَقُولُ : أَيْنَ عِبَادِيَ الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَقُتِلُوا فِي سَبِيلِي ، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِي ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ، فَيَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ ، فَتَأْتِي الْمَلائِكَةُ ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا نَحْنُ نُسَبِّحُ لَكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَنُقَدِّسُ لَكَ ، مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ آثَرْتَهُمْ عَلَيْنَا ؟ فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَؤُلاءِ الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِي ، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ مِنْ كُلِّ بَابٍ ” سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ”.