خلال برنامج ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية
أ.د/ جمال فاروق :
الحرية الدينية من الأسس الراسخة في الإسلام
ولا سلطان لأحد على الناس في اختيار عقائدهم ومذاهبهم
الشيخ/ عبدالخالق صلاح :
الاختلاف العقَدي والفكري سنة كونية منذ بدء الخليقة
والأخلاق الحسنة محور أساس في الدعوة إلى الله تعالى
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية كريمة من معالي أ.د / محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 8 / 9 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان : ” لا إكراه في الدين ” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها : أ.د/ جمال فاروق العميد السابق لكلية الدعوة الإسلامية ، والشيخ/ عبدالخالق صلاح إمام وخطيب بمديرية أوقاف القاهرة ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب.
وفى كلمته أشار أ.د/ جمال فاروق إلى أن الحرية الدينية مبدأ أساس من المبادئ الأساسية في الدين الإسلامي ، فلا إكراه ولا إجبار على دخول الدين ، يقول تعالى: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ” ، ويقول سبحانه : ” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ” ، فلا سلطان لأحد على الناس في اختيار عقائدهم ومذاهبهم ، يقول الله (عز وجل) : “إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” .
كما بين فضيلته أن تاريخ الإسلام واضح ولم يثبت فيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أو الصحابة أو التابعين أجبروا أحدًا على الدخول في الإسلام, والقتال في الإسلام كان لرد العدوان والدفاع عن النفس، مشيرًا إلى انتشار الإسلام بحسن الخلق والمعاملة الحسنة والتعايش السلمي , قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “إنما بعثتُ لأتمم مكارمَ الأخلاقِ” ، ولما هاجر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة تعايش مع اليهود ولم يكرههم على الدخول في الإسلام.
كما أكد فضيلته أن قضية الإيمان أو عدمه من الأمور المرتبطة بمشيئة الإنسان نفسه وقناعته الداخلية ، يقول سبحانه: ” فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ” ، وأنه يجب أن يكون هناك وعي لما كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه من أخلاق حسنة، لأننا أصحاب رسالة ومبادئ ، وقد أمرنا رب العالمين بذلك فقال سبحانه: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”، حتى في الحوار والمجادلة أمرنا أن يكون حوارنا بالتي هي أحسن ، يقول تعالى: ” وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”.
وفي كلمته أكد الشيخ/ عبدالخالق صلاح أن المتأمل في كتاب الله (عز وجل) يَخرج بحقيقة لا يُمازجها شكٌّ ، وهي أن هذا الكون يسير وفق سُنن وضعها الله (عز وجل) تتَّسم بثباتها عبر الزمان والمكان، فهي لا تتغيَّر ولا تتبدَّل ، ومن هذه السنن: سنة التدافُع والتوازن ، والأخذ بالأسباب ، واختلاف الناس في العادات والتقاليد والتصورات ، كما أن اختلافهم في اختيار عقائدهم سنَّةٌ جارية منذ الأزل ، ولو أراد الله تعالى أن يَجمع البشرية على كلمة واحدة لا يتخلَّف أحد منهم عن الإيمان لتحقق ذلك ، لكن اقتضت حكمتُه سبحانه أن جعَل الاختلاف العقَدي والفكري سنة كونية تجري على العباد منذ الأزل ، فالناس مُتفاوِتون في كسب الإيمان والتزام الأحكام ، مُختارون لمعتقداتهم وأعمالهم ، يقول سبحانه :” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّك”.
كما أشار فضيلته إلى أن السلوك الصحيح هو منهج الإسلام ، وأن الإسلام انتشر بالمنهج السلوكي والأخلاقي القويم ، وسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ضرب مثلًا طيبًا في عدم إكراه أحد على الدخول في الإسلام ، حيث جاء في وثيقة نجران ” وَلِنَجْرَانَ وَحَسْبُهَا جِوَارُ اللّهِ وَذِمّةُ مُحَمّدٍ النّبِيّ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَمِلّتِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَعَشِيرَتِهِمْ وَتَبَعِهِمْ وَأَنْ لَا يُغَيّرُوا مِمّا كَانُوا عَلَيْهِ وَلَا يُغَيّرُ حَقّ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَلَا مِلّتِهِمْ وَلَا يُغَيّرُ أُسْقُفٌ مِنْ أُسْقُفِيّتِهِ وَلَا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيّتِهِ وَلَا وَافِهٍ عَنْ وَفَهِيّتِهِ وَكُلّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ رِيبَةٌ وَلَا دَمُ جَاهِلِيّةٍ وَلَا يُحْشَرُونَ وَلَا يُعْشَرُونَ وَلَا يَطَأُ أَرْضَهُمْ جَيْشٌ ” ، وهذا هو التعايش السلمي بين أهل الديانات المختلفة، ومصر تعتبر بفضل الله تعالى من أُولَى الدول في تطبيقه ، بل ضربت أنموذجًا في نسيجها الوطني وتلاحم أبنائها لا مثيل له ولا نظير في العالم كله .