وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بالطور : لولي الأمر أن يقنن المباح أو يقيده بل عليه أن ينظمه أو ينيب من ينظمه
وقد زادت المساجد الجديدة في ست سنوات من عهد سيادة الرئيس عن (١٢٠٠) مسجد والإحلال والتجديد والصيانة بلغ (٣٦٠٠) مسجد
وفي إنجاز تاريخي غير مسبوق
تفتتح الوزارة (٣١٤) مسجدًا خلال شهري سبتمبر وأكتوبر
منها (١٤) مسجدًا اليوم (٧) بالمحمودية و(٧) بجنوب سيناء
والإيمان الحقيقي ليس مجرد ادعاء بل هو اعتقاد وسلوك وعمل
والمؤمن الحقيقي من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم
ولا إيمان لمن لا أمان له ولا دين لمن لا عهد له
في خطبة الجمعة اليوم 4 / 9 / 2020م بمسجد الحق المبين بمدينة طور سيناء بمحافظة جنوب سيناء تحت عنوان : ” الإيمان والعلم ” ، بحضور السيد اللواء أ.ح / خالد فودة محافظ جنوب سيناء، وأ.د/ أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، والشيخ/ إسماعيل الراوي مدير مديرية أوقاف جنوب سيناء أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أن الإيمان ليس مجرد كلام ولا ادعاء ، ولا حتى مجرد اعتقاد فقط ، بل الإيمان اعتقاد وعمل ، والإيمان عند جمهور أهل العلم ما وقر في القلب وصدقه العمل ، حتى عرف بعض العلماء الإيمان الحقيقي بالصدق واعتبروه من أهم علاماته ، فقالوا : الإيمان هو أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك ، وألا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك ، ليقينك أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ولعلمك أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف ، يقول رسولنا (صلى الله عليه وسلم) : ” اطلبوا الحاجاتَ بعزةِ الأنفُس، فإنَّ قضاءَها بيدِ الله” ، مبينا معاليه أن الإيمان اعتقاد صادق ، وسلوك قويم ، وأخلاق قويمة ؛ يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “المؤمنُ من أمِنَه النَّاسُ على أموالِهم وأنفسِهم” ، فهناك علاقة قوية بين الإيمان والأمن والأمانة ، فالمؤمن لا يكون مؤمنًا إلا إذا أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ، والمؤمن لا يكذب ولا يخلف العهد ، فلا إيمان لمن لا أمان له ولا دين لمن لا عهد له ، والإيمان ليس كلامًا ؛ الإيمان قيم وأخلاق وسلوك وأمن وأمان .
كما أكد معاليه أن الإيمان الحقيقي هو الذي يقوم على العلم الحقيقي وعلى الأخذ بالأسباب، يقول تعالى : “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” ، فنحن نحتاج إلى الإيمان والعلم معًا ، نحتاج إلى الفقه والطب معًا ، نحتاج إلى الدواء والدعاء معًا ليتكامل الدواء مع الدعاء،
فعلى المريض أن يأخذ بالأسباب ويطلب الدواء ويتداوى ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ” ، والطبيب يأخذ بأسباب العلم أما الأجل فأمره إلى الله وحده يقول تعالى : “فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ” ، فينبغي أن نأخذ بأقصى أسباب العلم ثم نفوض أمرنا إلى الله تعالى ونضرع إليه أن يُعمل الأسباب ويجريها على مسبباتها .
كما أبرز معاليه أن الإيمان يدعونا أن نقيم كل شئون حياتنا الفردية والمجتمعية وشئون الدول على العلم والفكر والتخطيط والتنظيم ، فالأمم التي تقوم على العلم هي التي تتقدم .
يقول الشاعر :
بالعِلمِ والمالِ يَبني النّاسُ مُلْكَهُمُ
لم يُبنَ مُلْكٌ على جهلٍ وإقلالِ
فلا تناقض على الإطلاق بين الإيمان والعلم بل إنهما يتكاملان ، والإيمان الصحيح يدفع إلى العلم الصحيح ، والعلم الصحيح يوصل إلى الإيمان الصحيح .
ومن العلم الصحيح والتخطيط الجيد ما نحن بفضل الله تعالى عليه الآن في عمارة مثل هذا المسجد “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ” ، ولا بد من وقفة مع القيد الذي وضعه الرسول (صلى الله عليه وسلم) من بنى لله مسجدًا يبتغي به وجه الله ، فلا يريد من خلف بنائه مصلحة دنيوية كما كان يحدث في السابق.
واختتم معاليه خطبته بالتأكيد أنه لا يجوز شرعا بناء المساجد أو غيرها على أرض مغتصبة على الإطلاق ، ولا يجوز بناء المساجد ولا غير المساجد على ملك عام أو ملك خاص دون اتخاذ الإجراءات القانونية والرخص اللازمة ، فمسألة بناء المساجد من الولايات الشرعية الخاصة التي تنبثق من الولاية العامة لولي الأمر ، فولي الأمر له ولاية عامة ، تحتها ولايات خاصة ، منها الولاية على الجند لوزارة الدفاع ، وولاية الشرطة لوزارة الداخلية ، وولاية القضاء لوزارة العدل ، وولاية المساجد لوزارة الأوقاف ، فليس لكل أحد أن يبني بلا نظام ، وللمساجد قدسية وروحانية خاصة ، فنبني المساجد حيث يحتاج الناس وبالمستوى الذي يوفر الجو الروحي ، فيشعر الناس بالروحانية والسكينة ، فلنحافظ على هيبة المساجد . موضحا معاليه أنه في خلال ست سنوات ما تم بناؤه من مساجد جديدة في مصرنا العزيزة ربما لم يبن في أي دولة أخرى على الإطلاق ، فقد بني ما يزيد على (1200) مسجد جديد ، وما قامت به وزارة الأوقاف من إحلال مساجد قديمة وإعادة بنائها أو صيانتها يزيد على (3600) مسجد بالإضافة إلى مثل هذا العدد بالجهود الذاتية لأبناء هذا الوطن الطيب ، وفي شهري سبتمبر وأكتوبر في حدث غير مسبوق لا في مصر ولا في أي دولة افتتاح (314) مسجدًا ، نفتتح منها اليوم (١٤) مسجدًا جديدًا (٧) مساجد بالمحمودية و(٧) مساجد بجنوب سيناء ، مؤكدا معاليه أنه لولي الأمر أو من ينيبه أن يقنن المباح أو يقيده ، بل عليه أن ينظمه أو ينيب من ينظمه ، لأن دنيا الناس لا تصلح بدون قانون ولا نظام ، وإلا لصارت الدنيا إلى عشوائية مقيتة وفوضى تضر ولا تنفع.