خلال المحاضرة الأولى في اليوم الثاني على التوالي لتدريب الأئمة الجدد أ.د/ عبد الله النجار: أئمة الأوقاف الجدد تم اختيارهم بعناية فائقة وزارة الأوقاف وقفت بالمرصاد للجماعات المتطرفة وكشفت زيف أفكارهم والفقه صنعة تحتاج إلى صانع ماهر ويجب أن تكون صناعته مناسبة للواقع
إيمانًا من وزارة الأوقاف بأهمية التدريب النوعي الدائم والمستمر , وتنمية المهارات المتنوعة لدى السادة الأئمة , وفي إطار خطة وزارة الأوقاف لتأهيل الأئمة الجدد علميًا وإداريًا , أقيمت المحاضرة الأولى في اليوم الثاني على التوالي لتدريب الأئمة الجدد في الدورتين التأهيليتين الثالثة والرابعة المستوى الأول للعام المالي 2020م – 2021م وحاضر فيها أ.د / عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا الأسبق , وبحضور الشيخ/ عبد الفتاح عبد القادر جمعة المساعد العلمي لمدير عام التدريب، وبمراعاة جميع إجراءات التباعد الاجتماعي ، واتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية اللازمة.
وفي بداية اللقاء بَيَّن أ.د/ عبد الله النجار جهود وزارة الأوقاف واهتمامها البالغ بالتدريب النوعي للسادة الأئمة ، وخاصة الأئمة الجدد الذين تم اختيارهم بعناية فائقة , وهذا ما يُحمَد لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مبينًا بعض القواعد الفقهية ومن بينها قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار) , التي استنبطها الأصوليون من قوله تعالى :” لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا” , ومستمدة من قوله (صلى الله عليه وسلم) : “واللهِ لا يؤمِنُ واللهِ لا يؤمِنُ واللهِ لا يؤمِنُ قالوا وما ذاكَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال جارٌ لا يؤمنُ جارُهُ بوائقَهُ قالوا يا رسولَ اللهِ وما بوائقُهُ قال شرُّهُ” , ومن هنا يتضح أن الشريعة الإسلامية جاءت للسلم والأمن بين الناس , لا للتعدي عليهم وإيقاع الضرر بهم , كما نفهم أيضًا من هذه القاعدة أن الضرر لا يُزال بضرر أكبر منه , كما أنها أُخذت من قاعدة : “أخف الضررين” , وفي ذلك قالت أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) : ” مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ”.
ثم تحدث سيادته عن قاعدة : “من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه” , ومن هنا اتفق العلماء على أن القاتل لا يرث إذا قتل مورثه , لأنه استعجل أخذ الميراث قبل أوان وفاة مورثه , فقام بقتله فعوقب بالحرمان من الميراث بهذه الفعلة وهي “القتل استعجالًا” , فعلينا استنباط الأحكام الفقهية من أدلتها التفصيلية , وألا ننظر إلى النص نظرة أحادية , كما تفعل بعض الجماعات المتشددة حيث أظهروا ديننا الحنيف أمام الآخر بمظهر الجمود والتحجر , ولكن كان لوزارة الأوقاف دور آخر عندما وقفت أمام هؤلاء وكشفت زيف أفكارهم.
وفي ختام محاضرته أكد سيادته على أن الفقه صنعة تحتاج إلى صانع ماهر , ويجب أن تكون صناعته مناسبة للواقع الذي يعيش فيه , ولذلك كان من الغباء أن يحكم إنسان بتكفير آخر , لأن الإيمان عمل قلبي , لا يطلع عليه أحد إلا الله تعالى , يقول الله (عز وجل) : ” يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ” , ويقول سبحانه : “وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً” , فإطلاق الأحكام على ظواهرها وإطلاق الحكم على الآخر بالظواهر من الأمور التي ابتُلي بها العالم اليوم من المتشددين الذين يرون أن الهداية حكرٌ عليهم , وأن العلم لم ينزل إلا عليهم.