لا سبيل إلى مواجهة الفكر إلا بالفكر ، لأن أهل الباطل لا يعملون إلا في غياب أهل الحق ، كما أنه لا يستطيع أحد مواجهة المتطرفين والقضاء عليهم فكريًا إلا إذا كان متدينًا تدينًا حقيقيًا ، ويفهم دينه فهمًا صحيحًا ، حتى لا يترك لهم أي مطعن يستغلونه في تهييج العامة والتأثير على عقولهم .
وإذا أردنا أن ننأى عن أخطاء الماضي ، فلابد أن نفرق بين مواجهة التطرف وأهمية التدين ، وأن نبتعد عن الفهم الخاطئ الذي ساد في فترات معينة من أن تجفيف منابع التطرف يقتضي تجفيف منابع التدين ، فإن هذا الفهم الخاطئ يزيد من حدة التطرف والتشدد والغلو ويغذيه وينميه ويجعل أرضه خصبة ، أما السبيل الوحيد لصد موجات التطرف فهو بيان عظمة الأديان وحضارتها وسماحتها وسموها ، وأنها جاءت لخدمة الإنسانية ، فحيث تكون المصلحة فثمة شرع الله ( عز وجل ) ، وأن يفهم الناس الدين فهمًا يحصنهم ضد التشدد والتطرف والغلو ، لا أن يكون أبناؤنا وشبابنا بعيدين أو مغيبين عن المفاهيم الدينية الصحيحة ، فتتلقفهم أيدي المغالين والمتشددين ، فيأخذون ما يطرح عليهم لأول مرة من التشدد على أنه الدين ، لأنهم لم يقفوا من قبل على مفاهيم السماحة ، ولم نحصّنهم بها ، فإذا قصّرنا في تحصين الناشئة بالثقافة الدينية الصحيحة جرفتهم موجات التشدد العاتية .