*:*الأخبارمقالات

مصر الكبيرة بأخلاقها وحضارتها

Dr.Mokhtar-Gomaa

أ.د/ محمد مختار جمعة

وزير الأوقاف

 

            لا شك أن مصر دولة عظيمة بقادتها ، وعلمائها ، ورجالها  ، ونسائها  ، وشبابها ، وفتياتها ،  وتاريخها , و حضارتها ، ودورها الريادي في المنطقة فكريًا , وعلميًا ، وثقافيًا ، وعسكريًا ، وحضاريًا ، وإنسانيًا , ولعل أهم ما يميز مصرنا الكبيرة العظيمة هو سعة أفقها , وقدرتها على التجاوز والتسامح ، والترفع عن الدنايا والصغائر ، فهي تتعامل بمنطق من يقول :

                                     يقابلني السفيه بكل قبح            فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة فأزيد حلمًا              كعود زاده الإحراق طيبا

       غير أن  ثمة فرقًا واضحًا بين الحلم عن قوة ، وبين الضعف والخنا ،  فمصر تحلم ولا تضعف ،  فهي الأخ الأكبر الذي يريد أن يجمع الشمل , ويحول بكل ما يملك دون  أي تمزيق لأسرته أو تهديد لكيانها , ولا يمكن له وقت الشدائد أن يتخلى حتى عمن أساء إليه من إخوته .

      وإذا كان هذا شأن الأخ الأكبر في أسرته , فمصر الرائدة لم ولن تتخلى عن قضايا أمتها , لكنها في الوقت نفسه لن تنجر إلى صراع يمكن أن تمليه أو تفرضه عليها أطراف لا تحسن تقدير الأمور , ولا تعرف الحنكة ولا الحكمة السياسية المصرية .

       إن مصر على مدار تاريخها العريق غنية بالقيم والأخلاق , لم يعرف عن أهلها غدر ولا خيانة , ولا اعتداء ولا عدوان على أحد بدون حق , بل وقفت بما وسعها من قوة وإمكانات إلى جانب الأشقاء والأصدقاء , وعرفت طوال تاريخها بحسن الجوار , وبسماحة أهلها , وحسن عشرتهم , وخفة روحهم, لم تعرف التشدد ولا التطرف , وما يحدث من موجات عنف عابرة أو طارئة هنا أو هناك إنما هو ظواهر شاذة يلفظها المجتمع المصري بفطرته وطبيعته النقية , وهي سحابة صيف عما قريب تنقشع.

       لقد استوعبت الحضارة المصرية كثيرًا من مظاهر الحضارات الأخرى , وأفادت منها النافع المفيد , ولفظت الغث والخبيث , وكان أزهرها بسماحته ووسطيته المعروفة عبر تاريخه الذي أربى على ألف عام أحد أهم ضمانات هذة السماحة والوسطية , ليس في مصر وحدها , ولا في العالم العربي وحده , ولا العالم الإسلامي وحده , بل في العالم كله , وقد أنشأت في ذلك أبياتًا أقول فيها:

 

مصر الكنانة في حفظ وفي كنـــف

 

قد ضُمـــن الذكــرُ الحكيــم أمانَــها

ولئــن كبــت يومًا فظــل زائــــــــــل

 

عمــا قريــب ينجلـــي عـــن ساحــها

وتعود للإســــــلام حصـنًا شــامـــــخًا

 

ولأمــــة العــــرب الكـــــرام صمامــها

من رامـهــا سلـــــمًا فتــــــلـك يـــــــد

 

أو رامـــها حـــربًا فنحــــن رجــــالــها

لا نعتـدي أبــدًا ولا نرضـى الخــــنا

إن الرجـــــــولة عنـــدنـــا بنيـــانـــــها

إحــــــدى اثنتيــــن ولا معقّب بعده

 

النصـــرُ نصـــرٌ أو نُـــــرى شهــــداءها

وليسألـــــوا التاريـــخ عن أبطالـــــها

 

وليفهمـــوا ذكـــر النبــي أجنــــادها

خيــر الجنـــود جنــود مصر فاقدروا

 

أرض الكنــانــــــة حقــــها ومقامــــــها

والأزهـــر المعمـــور أزهــرنا الــذي

 

حفـظ العلـوم مدى القـرون وصانـها

ومضى يعلــم كـل شبــــر فــي الدنـا

 

أن السمـــاحــــة ديننــــا عنــوانــــــها

صلــــوا علـــى المختـــار أحمــد إنه

 

خيـــــــر البــــــرية كلــــها وإمــامـــــها

 

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى