:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف
بالتعاون مع صحيفة عقيدتي
بمسجد (نصر الدين) بمديرية أوقاف الجيزة

علمـاء الأوقــاف يـؤكــدون :

إنسانية النبي ( صلى الله عليه وسلم )

تظهر في اختياره أيسر الأمور تخفيفًا على الأمة

النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا الإنسانية في كل تعاملاته  

وهو (صلى الله عليه وسلم) الإنسان الحاني الرحيم

في أشد الأوقات وأصعبها

   برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد ” نصر الدين” بإدارة الهرم  بمديرية أوقاف الجيزة ، عقب صلاة المغرب أمس السبت  16 / 11 / 2019 م تحت عنوان : ” من الجوانب الإنسانية في الرسالة المحمدية ” ، ويأتي ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، ورسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي جاء بها ديننا الحنيف ، وحاضر فيها كل من : الشيخ/ إبراهيم محمد إبراهيم بالديوان العام ، والشيخ / دسوقي عبدالحليم توفيق إمام وخطيب بإدارة الهرم ، والشيخ/ عبدالحفيظ السيد فودة إمام المسجد ، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ مصطفى ياسين مدير تحرير صحيفة عقيدتي .

   وفي بداية كلمته أكد الشيخ/ إبراهيم محمد إبراهيم أن إنسانيته (صلى الله عليه وسلم) تظهر في اختياره أيسر الأمور وأسهلها تخفيفًا على أمته , وتأكيدًا منه (صلى الله عليه وسلم) على يسر وسماحة رسالته التي بعث لأجلها ، يقول الله تعالى :” يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً” , ويقول سبحانه : “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا ، وَبَشِّرُوا ، وَلاَ تُنَفِّرُوا”, وتقول السيدة عائشة (رضي الله عنها)  : “ما خير رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن إثمًا , فإن كان إثما  كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لنفسه قط ، إلا أن تنتهك حرمة الله ، فينتقم لله بها ” , فجاءت التشريعات تحمل المعنى الإنساني في اليسر والسهولة , والرحمة والرفق , حتى تتناسب مع ضعف الإنسان , وتظهر إنسانيته ( صلى الله عليه وسلم ) في تعامله مع المخطئين من أمته , فعن أبي هريرة رضي الله عنهُ قال: بال أعرابيٌ في المسجد ، فقام الناسُ إليه ليقعوا فيه ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : “دعوهُ وهريقُوا على بوله سجلاً من ماءٍ ، أو ذنوباً من ماءٍ ، فإنما بُعثتم ميسرين ولم تبعثوا مُعسرين” , كما تظهر إنسانيته (صلى الله عليه وسلم) في تعليمه وتصحيحه لمن أخطأ من أمته , فعن معاوية بن الحكم السُّلمي (رضي الله عنه) ، قال: بينا أنا أُصلِّي مع رسول الله ( صلَّى الله عليه وسلَّم ) إذ عَطَس رجلٌ من القوم، فقلتُ : يرحمك الله ، فرماني القومُ بأبصارهم ، فقلت: واثُكل أُمِّياه ! ماشأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيتهم يُصمِّتونني ، سكت ، فلمَّا صلَّى رسول الله ( صلَّى الله عليه وسلَّم ) فبأبي هو وأمي ، ما رأيتُ معلِّمًا قبلَه ولا بعدَه أحسنَ تعليمًا منه ، فوالله ما كَهَرني ولا ضَرَبني ولا شتمني ، وقال: “إنَّ هذه الصَّلاةَ لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنَّما هو التسبيحُ والتكبير، وقراءة القرآن” , كما تظهر إنسانيته في توجيهه ورفقه بمن يستأذنه في إتيان كبيرة من الكبائر التي حرمها الله , فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ :” إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا . فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا : مَهْ مَهْ ، فَقَالَ : ادْنُهْ ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا ، قَالَ : فَجَلَسَ قَالَ : أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ : أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ؟ قَالَ : لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ  قَالَ : وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ . قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ ” .

  وفي كلمته أشار الشيخ/ دسوقي عبدالحليم توفيق إلى أننا نرى في النبي (صلى الله عليه وسلم) الإنسان الحاني الرحيم ، فنرى فيه الإنسان العابد الذي يقف في صلاته ، يتلو سورةً طويلةً من القرآن ثم لا يلبث أن يسمع بكاء طفل رضيع كانت أمه تصلي خلفه في المسجد ؛ فبإنسانيته ( صلى الله عليه وسلم ) ينهي صلاته على عجل رحمة بالطفل الرضيع الذي يبكي ، فعَنْ سيدنا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: “إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا ، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ ” ,  كما نرى فيه ( صلى الله عليه وسلم ) الإنسان الذي وقف أمامه جميع الذين عادوه وآذوه ، ومثّلوا بجثمان عمه الشهيد سيدنا حمزة (رضي الله عنه) ، فيقول لهم وهو قادر على أن يهلكهم : ” اذهبوا فأنتم الطلقاء ” , ونرى إنسانيته ( صلى الله عليه وسلم )  وهو في أعلى درجات قوته ، يقف بين الناس خطيباً فيقول : من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقدْ منه , ففي غزوة بدر الكبرى ، وقف (صلى الله عليه و سلم) بين الصفوف يعدلها بقضيب في يده الشريفة ، فمرَّ برجل يُدعى سواد بن غزية ، حليف بني النجار ، و هو خارج من الصف ، لامس (صلى الله عليه و سلم) بالقضيب بطن سواد يسويه و قال له : ( استقم يا سواد ) ، و كانت ملامسة تنبيه لا تعنيف أو عقاب ، فقال سواد : ” أوجعتني يا رسول الله و قد بعثت بالحق و العدل ، أقدني من نفسك ” ، أي اجعلني أقتص منك ، فكشف (صلى الله عليه وسلم ) عن بطنه و قال : ( استقد يا سواد ) ، أي اقتص مني ، فاعتنقه سواد فقبل بطنه فقال (صلى الله عليه و سلم) : ما حملك على ذلك ؟ ، فقال :  يا رسول الله قد حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد أن يمس جلدي جلدك ، فدعا له النبي (صلى الله عليه وسلم) بخير” .

  وفي كلمته أكد الشيخ / عبدالحفيظ السيد فودة أن إنسانية الرسول (صلي الله عليه وسلم) وصلت لأعلى صورها وأسمى معانيها , ففي الحروب نجد أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يغضب عندما يجد امرأة مقتولة وهو يمر في إحدى الغزوات , فقال ما كانت هذه لتقاتل ، ثم ينهى عن قتل النساء والشيوخ والأطفال ومن لا مشاركة له في القتال , فالمتأمل لحروب رسول الله مع أعدائه ليجِد حُسن خُلق رسول الله مع كل هؤلاء الذين آذوه ، إلاّ أنه كان يعاملهم بعكس معاملاتهم له , فإذا تأمّلْنا وصية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه المجاهدين الذين خرجوا لرد العدوان نجد كمال الأخلاق ومنتهى الإنسانية فيقول (صلى الله عليه وسلم) : ” اغْزُوا جمِيعًا فِي سبِيلِ اللهِ، فقاتِلُوا منْ كفر بِاللهِ، لا تغُلُّوا، ولا تغْدِرُوا، ‏ولا‏ ‏تُمثِّلُوا، ‏ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، فهذا عهْدُ اللهِ وسِيرةُ نبِيِّهِ فِيكُمْ” , وكذلك كانت وصية رسول الله للجيش المتّجه إلى معركة مؤتة؛ فقد أوصاهم قائلاً: “‏اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سبِيلِ اللّهِ، قاتِلُوا منْ كفر بِاللهِ، اغْزُوا ولا ‏تغُلُّوا، ‏ولا ‏تغْدِرُوا، ‏‏ولا ‏تمْثُلُوا، ‏ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، أوِ امْرأةً، ولا كبِيرًا فانِيًا، ولا مُنْعزِلاً بِصوْمعةٍ” , بل إن إنسانية النبي (صلي الله عليه وسلم) من الصفات التي تأصلت في حياته وفي أشد الأوقات وأصعبها ، فلم يتميز عن غيره من أصحابه ولم يطلب الراحة لنفسه دون غيره ولكنه يشاركهم كل الآلام والأحزان , ويقوم معهم بالأعمال التي يقومون بها .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى