:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

شكر واجب

  يتقدم المركز الإعلامي لوزارة الأوقاف المصرية بخالص الشكر والتقدير للكاتب والمفكر اليمني الدكتور عبد الله الشيعاني المحترم ، على مقاله المنشور بصحيفة العرب وبعض المواقع السعودية الأخرى ، والذي جاء تعقيبا مستنيرا على كلمة مصر التي ألقاها وزير الأوقاف د محمد مختار جمعة بالمؤتمر العالمي لرابطة العالم الإسلامي تحت عنوان : ” المعاني الحضارية في الإسلام ” والذي عقد بمقر الرابطة بمشعر منى المبارك يوم الاثنين ١١ من ذي الحجة الحاري ١٤٤٠ هـ الموافق ١٢ / ٨ / ٢٠١٩ م ، فلسيادته خالص الشكر والتقدير . وإليكم هذا المقال المتميز :

  في تاريخنا الإسلامي فقهاء سبقوا عصرهم بآرائهم التي طرحوها وناقشوها، فالدين الإسلامي متجدد في كل عصر، وفي كل حين، وأصحاب الهمم العالية، والآراء المتجددة بين ظهرانينا، لكننا قد نغفل عنهم بسبب سرعة وتيرة الحياة، ودوران عجلتها، ولكن طرحهم لفكرهم يجذبنا إليهم.
في حج هذا العام، نظمت رابطة العالم الإسلامي مؤتمرها السنوي، بعنوان : المعاني الحضارية في الإسلام، بمشعر منى، وقد ألقى كلمة مصر في المؤتمر، معالي وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ، وطرح في كلمته عناصر مهمة، تحتاج منا للنظر فيها بعين الاهتمام والتأمل، فطرح موضوعات شمولية، منها أن العلم النافع يشمل الناس جميعاً في جميع أمورهم الدينية والدنيوية، وليس خاصاً *كما شرحه المفسرون قديماً، وبيّن أن قول الحق جلا وعلا: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” لا يقتصر على العلوم الشرعية، وبرر ذلك بأن الحق سبحانه وتعالى لم يقل اسألوا أهل الفقه وحدهم، أو أهل الحديث وحدهم، أو أهل التفسير وحدهم، إنما يتسع لسؤال أهل الطب في الطب، وأهل الهندسة في الهندسة، وهكذا في سائر العلوم والمعارف والصناعات التي تنفع الإنسانية.
كما طرح معاليه قضية في غاية الأهمية، وهي دور المرأة ومكانتها في الدين الإسلامي، التي أنصفها أيما إنصاف، وحفظ لها كرامتها مصانة موفورة، حيث يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” من كانت له أنثى فلم يئدها ولَم يهنها ولَم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة ” وطرح العديد من الشواهد في هذا المجال.
وفي كلمته أبرز موضوع التفاضل بين الخلق بمعيار واحد وهو قول الحق جلا وعلا: ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” فالعبرة بحسب رأيه صدق العمل، وإتقانه وإخلاص النية فيه لله عز وجل، وأنه لن يدخل أحد الجنة باسمه أو بطاقته أو شهادته أو وظيفته، وبرر ذلك بأن ديننا الحنيف قد أمرنا أن نعامل الناس جميعاً بالتي هي أحسن قولاً وعملاً، ” وقولوا للناس حسنا “.
وفي كلمته وجه رسالة لعلماء الأمة ومفكريها بأن تتحد الجهود لإبراز الوجه الحضاري للدين السمح، وأن يعملوا على استرداد الخطاب الديني من مختطفيه من الدخلاء وغير المتخصصين والمتاجرين بدين الله، فحثهم على بذل قصارى الجهد في العمل على إحلال ثقافة السلام والحوار محل ثقافة الكراهية والاقتتال والاحتراب، وأن تتحول بكل هذه المفاهيم من ثقافة النخبة إلى ثقافة شعبية ومجتمعية شاملة، وأن يعمل الجميع على بيان ذلك للعالم كله بلغاته المختلفة، وهو بحسب تعبيره ما تسهم مثل هذه المؤتمرات الدولية الهادفة إلى إبرازه وترسيخه وتحويله إلى ثقافة واسعة تتجاوز النخب إلى عامة الناس في مشارق الأرض ومغاربها.
لقد ناقش الدكتور مختار قضايا حساسة في كلمته، وهو ملامسة العلماء لواقع الشعوب، والنزول النخبوي إلى الطبقات الكادحة والمعدومة، ومنحهم الكثير من الوقت لأنهم اللقمة السائغة للأفكار المتطرفة، التي تزين لهم الباطل وتكرههم في الحق، وهو ما ينجرف بسببه أكثر هؤلاء خلف سراب الإرهاب، بغية تحقيق بعضاً من مآربهم التي تهدم المجتمعات ولا تبنيها نظير ثمن بخس دراهم معدودة يخدمون بها مصالح خارجية.
لقد منحني معاليه قبل المؤتمر بعضاً من وقته الثمين ، ناقشته في بعض الموضوعات المعاصرة، فوجدته محباً لأمته، مؤملاً لها السلام الشامل، ملامساً فقه الواقع، متجنباً الصراعات التي لا تجني إلا الويلات لأمتنا، مساهماً في كل ما من شأنه رفعة ورقي أبنائها، مكثراً من الحديث عن خوفه على الشباب من التشدد والتطرف والغلو، فهم عماد الأمة ومستقبلها، داعياً إلى إقامة الدورات العلمية للشباب والعناية بهم.
في لغته رقي في الألفاظ بفضل تخصصه في اللغة العربية، معتزاً بأزهريته، ساهم في إثراء المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات العلمية منها على سبيل المثال لا الحصر: الفهم المقاصدي للسنة النبوية، و فلسفة الحرب والسلم والحكم، و الكليات الست ، و فقه الدولة وفقه الجماعة، و حديث الروح، و في فضاء الثقافة، و نحو تجديد الفكر الديني، و تفكيك الفكر المتطرف، و التعايش السلمي بين البشر، و غداء العقل، و دلالة السياق وأثرها في النص الأدبي دراسة تطبيقية في ضوء القرآن الكريم، و في رحاب فن المقال، و المعادل اللغوي دراسة تطبيقية في ضوء النص القرآني، و العدول بين القدماء والمحدثين دراسة نقدية، و جدلية الحضور والغياب بين القدماء والمحدثين دراسة نقدية، و الأدب العربي في عصره الأول، و علم القوافي وفنون التقفية، وغيرها.
إن شخصاً يعمل أكثر من عشرين ساعة يومياً، لابد أن يكون همه أمته قبل صحته، ومراده تحقيق الأفضل لوزارته، قبل ذاته، فتواضعه جم ، وفي عينيه حزم ، وبداخله هم، ولديه حلم بأن تكون أمته ووطنه في مصاف دول العالم المتقدمة، فهنيئاً لمصر برجل في همته ، وأعانه على تحقيق حلمه بأن تعود أمتنا كما كانت قبلة للعلم والعلماء.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى