- بوابة الأوقاف الإلكترونية - https://ar.awkafonline.com -

خلال الندوة التي أقامتها
وزارة الأوقاف
بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد النور بالعباسية

الدكتور / أسامة فخري الجندي – مدير إدارة المساجد :

الشريعة الإسلامية جاءت لتحقق للإنسان إنسانيته

لا يأتي الفساد إلا إذا انحرف الناس عن منهج الله

الدكتور / عبد الخالق صلاح عطية – إمام مسجد السيدة زينب :

حق العيشِ الكريمِ مكفولٌ لكل إنسانٍ

الشيخ / عباس فتح صالح – إمام مسجد النور :

الصدق والأمانة هما أساس التعامل بين التاجر والمستهلك

  برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، ومواصلةً  لدور وزارة الأوقاف التوعوي ، ورسالتها الدعوية التي تُبصر الناس بأمور دينهم ، وبالتعاون بين وزارة الأوقاف وصحيفة عقيدتي أقيمت يوم السبت الموافق 16 / ٣ / ٢٠١٩م  ندوة علمية كبرى تحت عنوان : ” حماية المستهلك في ضوء الشريعة الإسلامية ” بمسجد” النور بالعباسية “, حاضر فيها كل من الدكتور/ أسامة فخري الجندي – مدير إدارة المساجد بالديوان العام ، والدكتور / عبد الخالق صلاح عبد الحفيظ عطية – إمام مسجد السيدة زينب (رضي الله تعالى عنها ) ، والشيخ / عباس فتح عباس صالح – إمام مسجد النور ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ / جمال سالم نائب رئيس التحرير.

  وفي بداية كلمته أكد فضيلة الدكتور / أسامة فخري الجندي – مدير إدارة المساجد بالديوان العام أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقق للإنسان إنسانيته ، من أجل ذلك أنزل الله (عز وجل) القيم التي تحفظ للإنسان حياته ، وتحقق له السعادة والطمأنينة والاستقرار ، وتدفع عنه الظلم والجور ، وتضبط حركته مع نفسه ومع الناس جميعًا، ومن هذه القيم الأمانة ، والصدق ، والتعاون ، والإتقان ، وعدم الجشع ، والاستغلال وغيرها ، ومن ثَمَّ فعلى الإنسان أن يلتزم بتلك القيم ، وإلا وقع في الفساد ، ولا يأتي الفساد إلا إذا انحرف الناس عن منهج الله ، وقد أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) تلك القيم فقال: “إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالاِقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ” ، فما أجمل الهدي الصالح بحسن الاهتداء بالأنبياء والرسل.

  وأوضح فضيلته أن حماية المستهلك في ضوء الشريعة الإسلامية تأتي على مسارين :

  الأول : يتعلق بحماية المستهلك نفسه ، وهذا يتحقق بالترشيدٍ في حاجياته دون إسراف أو تبذير ، قال تعالى :”وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” .

  والثاني : يتعلق بتوجيه المتعامل مع المستهلك ، بحيث يتحلى بالصدق والأمانة وعدم الغش في عرض المنتج للمستهلك ، لأجل ذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتابع بنفسه حركة السوق ، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرَّ على صبرة طعام ، فأدخل يده فيها ، فنالت أصابعه بللًا ، فقال: (ما هذا يا صاحب الطَّعام؟ قال: أصابته السَّماء يا رسول الله ، قال: أفلا جعلته فوق الطَّعام كي يراه النَّاس؟ من غشَّ فليس منِّي) .

  وفى ختام كلمته أوضح فضيلته أن الإسلام قد نهى عن  التطفيف المركب فى الكيل والميزان ، لأن التطفيف ينقص الميزان ويبخس الناس أشياءهم ، ومن هنا أنزل الله عز وجل منهجا يضمن سعادة الحياة وسلامتها ، قال تعالى :”وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا”، وهذه الآية الكريمة تجعلنا ندرك أن الله (عز وجل) أكد على الدقة في الميزان خاصة ، لأنه مجال واسع للغش والخداع وأكل أموال الناس.

  وفي بداية كلمته أكد فضيلة الدكتور / عبد الخالق صلاح عبد الحفيظ عطية – إمام مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) أن حقَّ العيشِ الكريمِ مكفولٌ لكل إنسانٍ ، وعلى المسلمين- أفرادًا وجماعاتٍ بما تفرضُه عليهم نوازعُهم الإنسانيَّةُ ، وتوجبُه ثوابتُهم الإيمانيَّةُ – أن يُرسِّخوا هذا المفهومَ في نفوسِهم ويحققوا وجودَه في حياتِهم ، ويُراعوا حضورَه حالَ تعاملِهم أخذًا وعطاءً ، بيعا وشراءً مع بني جنسِهم ؛ حتى يَسودَ التَّوادُّ والتَّحابُّ بينهم ويشيعَ التَّعاونُ والتآزرُ في معاملاتِهم ، فيُحبُّ كلٌّ منهم للآخرِ ما يحبُّه لنفسِه، ويكرهُ له ما يكرهُهُ لنفسِه ، وهو ما يقتضيه الإيمانُ الَّذي يعنيه الرسولُ (صلَّى الله عليه وسلَّم) في قولِه: (لا يؤمنُ أحدُكُم حتَّى يحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه)، حبًّا لا أثرةَ فيه ولا استغلال ، ولا غشَّ ولا ابتزاز ، ولا تدليسَ أو احتكار ، ولذا يقولُ الرَّسول (صلَّى الله عليه وسلَّم) : (خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ)، فلنجعل من هذه الإشراقةِ النبويَّةِ ، والضياء الرباني نِبراسًا يَهدينا إلى حُسنِ المعاملةِ ونُبلِ الأخلاقِ ، في بيعِنا وشِرائِنا من خلالِ التخلي عن كل مايشيننا ، ويضر بمصالح بني جنسنا ، فلا تبخس حقَّ أحد ولا تُغَرِّرْ به أو تَغُشَّه ، في بيعٍ أو شراءٍ ولا تحتكِر بضاعة ، يقول (صلَّى الله عليه وسلَّم) في مَن يحتكرُ : ( لا يَحتكرُ إلاَّ خاطئٌ ).

  وفي ختام كلمته أوضح فضيلته أن الغشِّ والتدليسِ منهيٌ عنهما فى الشرع الحنيف لذا يقول (صلَّى الله عليه وسلَّم) : (مَن غشَّنا فليس منَّا)، كما حرم الإسلامُ – حِمايةً للمستهلكِ – التلاعبَ بالأسعارِ عن طريق النَّجَشِ؛ وهو : أن يزيدَ الإنسانُ في ثَمنِ السلعةِ وهو لا يريدُ شِراءَها إنَّما فقط لدفعِ الآخرين لشرائِها ، وقد يكون ذلك بتواطُؤٍ بين البائعِ والنَّاجشِ ؛ يقول (صلَّى الله عليه وسلَّم) ناهيًا عن ذلك : (ولا تناجشوا).

  وفي بداية كلمته أكد فضيلة الشيخ / عباس فتح عباس صالح – إمام مسجد النور – أنَّ القرآن الكريم قد ضبط ميزان التعامل بين التاجر والمستهلك بأهم قاعدة وميزان سبق كل الدعوات العالمية وهو ما جاء في قوله تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” وقد بين النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) هذه القاعدة في التعامل حيث قال :” رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى” .

  ثم وضع الإسلام القواعد التي تحمي المنتج والمستهلك جميعًا فجاء الأمر بذلك في قوله تعالى: ” وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ” وقوله تعالى : ” وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” ، وقوله تعالى :” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” ، وفي قول ابن عباس (رضي الله عنهما) : (كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة) ، ، وفي قول النبي (صلى الله عليه وسلم) : (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ) ، كما حرم الإسلام الاحتكار ، بقوله (صلى الله عليه وسلم) : ( الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ ) .

  وفي ختام كلمته أوضح فضيلته أن الصدق والأمانة هما أساس التعامل بين التاجر والمستهلك ، كما في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) ، فعلى الجميع أن يتخلق بخلق الإسلام ، وأن يتأدب بأدبه ليعم الخير في المجتمع وليسع الخير كل الناس.